نظمت جمعية فونتي للذاكرة والتراث بدعم من جماعة إنزكان والمديرية الجهوية للثقافة سوس ماسة، وبمشاركة أساتذة جامعيين، لقاء علميا لمناقشة كتاب “قبيلة كَسيمة: شذرات من التاريخ المدثر بالظلام”، للأستاذ جامع الزاهر الذي ينحدر من مدينة الدشيرة، ويعد من الباحثين المهتمين بتاريخ سوس، وكان يشغل منصب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بتارودانت، وذلك يوم السبت 8 أبريل 2023، بقاعة الحسين قرير بمقر جماعة إنزكان.
فمن خلال تقديم الحسين بويعقوبي، أستاذ الأنتربولوجيا بجامعة إبن زهر بأكادير، الكتاب عبارة عن سردية جديدة لتاريخ سوس، إعتمادا على موقع قبيلة كَسيمة، ومساهمتها في تطور التاريخ المحلي، إعتمد فيها مؤلف الكتاب على مصادر مكتوبة وروايات شفوية، وما عايشه من أحداث باعتباره من مواليد سنة 1948م، واشتغل سابقا قاضيا بالمنطقة، مما مكنه من الاطلاع على وثائق متنوعة ووافرة، متعلقة بتطور العقار بالقبيلة ومحيطها”. واعتبر بويعقوبي أن الكتاب يتوفر على معلومات قيمة عن الطوبونيميا، والعادات والتقاليد، وأسماء العائلات والشخصيات التي طبعت قبيلة كَسيمة، ومَثْنا هاما من الأشعار الأمازيغية التي تحمل في طياتها معطيات تاريخية وثقافية.
وجاء في مداخلة محمد أبيهي، أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة محمد الخامس بالرباط، معطيات حول أهمية الكتاب في رصد أهم محطات تاريخ قبيلة كَسيمة في علاقتها بالمحيط القبلي، وعلاقتها بالمخزن والتدخل الأجنبي، خاصة وأن الكاتب وثق الرواية الشفهية التي تم جمعها عن شيوخ القبيلة، واستثمرها في كتابة أحداث تاريخية ميزت الدينامية السياسية والاقتصادية والاجتماعية لقبيلة كَسيمة لعدة قرون. وقدم أبيهي المداخل الأساسية للكتاب، مشيرا إلى تعدد القضايا التي وقف عندها الأستاذ جامع الزاهر، كالحروب القبلية بين قبيلتي كَسيمة ومسكَينة، وعلاقة قبيلة كَسيمة خلال القرن الخامس عشر بالاحتلال البرتغالي لقلعة أكادير، بالإضافة إلى علاقة القبيلة بالأسر القائدية الحاحية التي تولت مهام القيادة بمدينة أكادير بعد إغلاق مينائه وتأسيس ميناء مدينة الصويرة سنة 1765م، ليختتم محمد أبيهي مداخلته بتوصية تتجلى في ضرورة الاهتمام بالتاريخ المحلي وربطه بالتاريخ العام للمغرب في علاقته بالأحداث الدولية التي ميزت تاريخ مدينة أكادير ومحيطها القبلي في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين.
وعرض خالد أوعسو، أستاذ التاريخ الراهن بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، في مداخلته لأهمية الكتاب، التي تكمن في تركيز المؤلف على دراسة القبيلة من حيث تركيبها ومجالها وكل مظاهرها الحضارية، فإنه فتح آفاقا للتفكير في الجانب التفاعلي في علاقة القبيلة بالمخزن أو بالدول الأجنبية. وأشاد بالمادة التوثيقية التي وظفها المُؤلف والتي تنوعت بين كتب الحوليات والعقود العدلية والرواية الشفوية، والتي منحت تاريخ أكادير الكبير إمكانيات لإعادة البناء والترتيب فيما يتعلق بالتركيبة السكانية بما فيها الوافدة والمالكون الجدد. وبغض النظر عن الملاحظات المنهجية والتأويلات المتضمنة في الكتاب، ما جعل المؤلف ينجح في مقاربة تاريخ وتطور قبيلة كَسيمة حتى المرحلة الراهنة من جوانب عدة: المجال، الديمغرافيا والموارد، تأثير النقد، الضغط الأجنبي، الهجرات، العلاقة بالسلطة، وملكية الأراضي.