تمثلات المرأة في السينما الأمازيغية*

قراءة وعرض لحسن ملواني ـ المغرب

إصدار نوعي لعلاقته بالسينما والفيلم الأمازيغي الحديث النشأة والمحتاج إلى مناقشات وبحوث تساعد على نهضته وتشذيبه من الهنات والثغرات التي تعترض طريقه نحو الجودة وحسن النقد والتوجيه بغية إرساء الروابط الاجتماعية المؤسسة على المساواة بين الناس في الواجبات والحقوق. وفي مقدمة الكتاب إشارة إلى مساهمة الممثلات العصاميات في النهوض بالسينما الأمازيغية منذ بدايتها حتى اليوم.. إذ كانت تلك الممثلات يحملن في ذواتهن قضايا وأسئلة اللغة المكونة لثقافتهن والفضاء والزمان والمكان والانسان واللغة وقد حاولن التعبير عن ذلك في النشاط الدرامي والسينمائي.

والكتاب أضمومة لأشغال الندوة الوطنية التي نظمتها جمعية إيسوراف للفن السابع بمدينة أكادير كأرضية لصياغة أفكار وتساؤلات جديدة حول الممارسة النسائية في السينما الأمازيغية وأشكال تمظهرها ودلالالتها الفنية والثقافية والرمزية والتاريخية وطرق تأويلها من قبل الباحثين المساهمين في هذا العمل, ويعد هذا الكتاب الإصدار الثاني لجمعية إيسوراف للفن السابع بعد إصدارها الأول2017 حول السينما الأمازيغية والجمهور كمن صناعة الفرجة إلى تشكيل المتلقي.

بحوث الكتاب

“صورة المرأة في السينما الأمازيغية” لسميرة بورزيق

وتحدثت الباحثة عن مفهوم ومعنى الذكورية المرتبط بالنسق الاجتماعي العام،الذي يضم مجموعة من القواعد والعادات والتقاليد والأفكار والسلوكات، التي تعطي قيمة ومكانة اجتماعية للرجل بحيث تسمو على مكانة المرأة و”الحديث عن الذكورية وطرق الهيمنة واستغلال المرأة عبر القيام بسلوكيات، وتبني أفكارا تحت ذريعة الحفاظ على العادات والتقاليد، يجرنا إلى القول بأن الهيمنة الذكورية تجسدها منظومة ثقافة اجتماعية تستمد أصولها وأسسها من ثقافة ذكورية يعمل كلا الجنسين على إعادة إنتاجها” وتشير الباحثة إلى كون مشكلة السينما الذكورية تتجاوز السينما الأمازيغية والمغربية والعربية إلى السينما العالمية التي تشهد بدورها ممارسات ذكورية. وتتساءل:ماذا سيحدث لو انفتحت السينما الأمازيغية على ثيمات وقضايا ذات بعد كوني، تتناول المشترك بين الإنسانية، وبين الإنسان والطبيعة، دون أن تغرق في الأسلوب الفرجوي المثير للحس الفكاهي دون استهداف التفكير العقلاني؟ فما قدمت الأفلام لواقع ووعي الإنسان الأمازيغي غير الضحك والفرجة العابرة فصار الممثل الأمازيغي مرتبطا بالضحك والتهريج فحسب.لذا ينبغي على الفن السينمائي أن يؤدي دورا نقديا تصحيحيا عبر إعادة بناء علاقة جيدة بين السينما الأمازيغية والمرأة .

تحدي الإناث للثقافة الذكورية في أفلام “تشلحيت” للباحث الحسين إدبحسين.

وقد حدد غاية ورقته البحثية متمثلة في تحليل مظاهر البطولة النسائية، ودورها في تصحيح الصورة السلبية السائدة حول المرأة في السينما، اعتمادا على دراسة فيلمي “تيروكزا إيتمغارت ، وفيلم “تمزيرت اوفلا” والمتمحورين حول قصص لسيدتين شجاعتين تمكنتا من تحدي العقلية الذكورية في المجتمع. ويخلص الباحث إلى أن المرأة ترغب في التأثير على الثقافة الذكورية الموروثة، وتدمير علاقات القوة القائمة على الاختلافات بين الجنسين. مع الاعتقاد أن السينما باعتبارها فنا وثقافة تمتلك القدرة على خلق وتطوير سياسة تغيير حقيقة في أدوار الجنسين، والعلاقة بين الرجل والمرأة.

المرأة السوداء بين التنميط في الأدوار والتغييب (القناة الأمازيغية نموذجا) خديجة معراس

وتشير الباحثة الى معاناة النساء بصفة عامة من الصور النمطية المترسبة في المجتمع عبر مؤسسات التنشئة الاجتماعية، ابتداء من الأسرة، مرورا بالمدرسة والشارع، وصولا إلى وسائل الإعلام بمختلف أنواعها: المرئية والمسموعة والمكتوبة. فـ “من خلال تحليل أعمال درامية وسينمائية يتضح جليا أن هناك غيابا واضحا للنساء من ذوات البشرة السوداء، فالمرأة مازالت تقدم في البرامج التلفزيونية وفق قوالب جاهزة وبمعايير مالية محددة أساسها اللون الأبيض وسؤال العنصرية وهمينة جنس على آخر، من الضروري فتحه من زاوية أكاديمية ومجتمعية. خصوصا وأن المجتمعات تتقدم وتتطور بفضل التعايش بين مختلف الأجناس والمكونات العرقية”

حواء.. والسينما : تحديات الموضوع وقابلية التجسيد مسعود بوكرن

المرأة في نظره يصعب الحكم على أنها تملكت رهان التحدي لتقدر في الأخير على تحديد المسافة التي تفصلها بالرجل تحديدا مفصليا، والحديث عن دورها في السينما يتطلب الحديث عن أهمية السينما في المجتمع الذي تعيش فيه هذه المرأة” فالفنان ابن بيئته، والبيئة رهينة الطبائع، ومن الصعب الفصل بين الغريمين مادام كل منهما ناتج ومنتوج (…) ولقد وضعت الفنانة الأمازيغية منذ نشأتها داخل إطار بيئي محدد ميزها عن غيرها، وأبعدها عن ضوضاء القيل والقال، وتهافت الإسقاطات المجتمعية فيما هو متصل بالسلوك والقيم، لذلك كان عطاؤها مؤطرا بشكل تقليد يمحض.. وحاولت تشخيص بعض قضاياها حسب الظروف، ورغم كل ما يقال فالفنانة قدمت بعضا من همومها للعالم ووضعت قضاياها الكبرى رهن إشارة ملكلتها الإبداعية، التي بها ستتجاوز محنة العقل.. ومحنة الأسئلة المرتجلة”.

السينما بين الصور النمطية الجندرية والخطاب النسوي سناء زعيمي

و”يقصد بالصورة النمطية الجندرية نظرة معممة أو فكرة مسبقة عن خصائص أو سمات يملكها أو ينبغي أن يملكها الرجال والنساء، أو عن الأدوار التي يؤدونها أو ينبغي لهم تأديتها”. وتشير الباحثة إلى علاقة الصور النمطية الجندرية بالسينما وكيف تستغل هذه الصور في حالات كثيرة بتحامل سلبي وببعض السخرية ضد مجموعة اجتماعية أو ثقافية، إلا أن ذلك لايعني كون الصورة النمطية الجندرية ليست بالضرورة تحيزا سلبيا، ومن هذه الصور النمطية السلبية “شيطنة المرأة” أو ” أبلستها” والذي يحيل على الصورة الدنيا للمرأة بوسمها بأدوارا دينئة لا تليق بأدوارها الاجتماعية.. وبعد ما اشارت الباحثة الى الصورة النمطية الجندرية سردا وسينما، وإلى مخاطرها بين حضور وغياب الخطاب السردي، وإلى تاثير السينما على الصور النمطية الجندرية باعتبارها وسيلة ذاتية وكاشفة تخلص إلى كون “العمل السينمائي لا يعرض فقط وجهات نظر مؤلفيه وثقافتهم وانتمائهم الاجتماعي، فمشاهدة الفيلم والمشاعر التي تثيرها هذه المشاهد تستفز رؤية ووجهة نظر المشاهدين المتأثرة أيضا بخلفيتهم الاجتماعية ومرجعيتهم الثقافية، ونوع الفيلم الذي اعتادوا مشاهدته، ومشاغلهم الشخصية”.

المرأة في الفيلم الأمازيغي وتداعيات النقد محمد تيسوكمين

قام الباحث بمقدمات نظرية تتعلق بنقد النقد، وبالنقد باعتباره تقييما للإبداع بمعايير الإبداع نفسه، ليشير إلى صورة المرأة في الأفلام الأمازيغية حيث وضع اليد على شكل وطبيعة حضور المرأة في الفيلم ومدى استجابة هذا الحضور لأفق الفيلم مع إمكانية الانفتاح على إمكانيات درامية أقوى. واشتغل الباحث في هذا المجال على فيلم “تيروكزا نتمغارت” و فيلم “لالة تاوعلات، رابعة زمانها.

المرأة في السينما المغربية :صور الشجاعة وبلاغة المقاومة وأشكال التصادم إبراهيم الحسناوي

لم يقتصر الباحث في بحثه على المتن السينمائي المغربي لوحده، وإنما تجاوزه إلى بعض الأفلام المصرية والمغاربية التي اشتغلت على صورة المرأة ومظاهرها وأشكال وبلاغات حضورها ودلالتها الثقافية والرمزية والسياسية. وتناول في بحثه محاور حللها بعمق وهي ـ الأسرة باعتبارها عصب الحبكة في الفيلم المغربي ـ المرأة وإرادة رسم المصير في السينما ـ الجسد علامة المرأة وآالية للمقاومة ضد العقاب ـ الأم والبنت تحيزا وتصادما ـ بلاغة الخارج الداخل.

وجاء آخر المقالات باللغة الفرنسية ،من تأليف الباحث التيجاني سعداني تحت عنوان ” le cheminement de la figure féminine dans le film”ITO TITRIT ” = الرحلة المجازية الأنثوية في فيلم “إيطو تيتريت ” .

وقد تناول موضوع ورقته البحثية عبر محاور هي : البناء الفيلمي، الأبطال والحبكة، والبعد الفضائي في الفيلم ، التواجد الأنثوي وبيته وهويته الثقافية، المرأة والوطنية المغربية في الفيلم، الرجال وقبول معطيات الحداثة، العرس بالقوة وإجهاض الأحلام…
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هامش

* تمثلات المرأة في السينما الأمازيغية، مجموعة من المؤلفين، الطبعة الأولى 2020، من مشورات جمعية إيسوراف للفن السابع أكادير. أضمومة لأعمال الندوة الوطنية التي نظمتها جمعية إيسوراف للفن السابع أكادير، يوم 5 أكتوبر 2019م ، تنسيق إبراهيم الحسناوي وعبد الله المناني.

شاهد أيضاً

تقرير رسمي.. “المجلس الوطني لحقوق الإنسان”: تدريس الأمازيغية يسير بوتيرة بطيئة والحيز الزمني في الإعلام “ضيق”

أكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن “هناك تحديات مرتبطة بتعميم تدريس اللغة الأمازيغية، والتأخر في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *