وجهت تنسيقية ابناء بلاد الكيف (صنهاجة وغمارة) بيان للفرق والمجموعة النيابية بمجلس النواب بشأن مشروع القانون رقم 21.13، بعد مناقشته ضمن الجلسة العمومية بمجلس النواب يومه الأربعاء 28 أبريل 2021.
انطلقت الهيأة المدنية المستقلة من واقع بلاد الكيف والتجربة الميدانية التاريخية في مجال الترافع عن ملف هذه النبتة، عبر سلسلة الجمعيات من قبيل: “كنفدرالية جمعيات صنهاجة الريف للتنمية”، “كنفدرالية جمعيات غمارة للتنمية”…
اشتغلت تنسيقية بلاد الكيف علميا على ملف الكيف منذ عقود؛ ووجهت عصارة سنوات من اللقاءات الميدانية مع مزارعي الكيف، والندوات العلمية حول ذات الموضوع، ضمن مذكرة تشمل جميع الاشكاليات المتعلقة بالمشروعة للقنب الهندي 21.13 الذي من المنتظر أن تشرع “لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة” بمجلس النواب في مناقشته.
وبناء على هذه الاعتبارات السوسيواقتصادية للمنطقة رحبت التنسيقية بالقرار التاريخي للأمم المتحدة القاضي بسحب نبتة القنب الهندي من الجدول 4 من الاتفاقية الوحيدة حول المخدرات، وأشادت بتصويت المغرب لصالح هذا القرار، كما ثمنت الخطوة الجريئة التي أقدمت عليها وزارة الداخلية من خلال تقديمها لمشروع القانون المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي 21.13 .
وأشادت بمشروع التنمية المندمج الخاص بمناطق زراعة الكيف الذي أطلعتها عليها وكالة تنمية أقاليم الشمال خلال الاجتماع الذي انعقد يوم 30 مارس بطنجة، وبالموازاة مع ذلك، وانطالقا من مبادئ التنسيقية الراسخة وقناعاتها المبنية على خدمة الصالح العام دون أي حسابات سياسية أو مرجعية إيديولوجية، احاطت علم اللجنة بوضعية بلاد الكيف.
حيث جاء في بيان التنسيقية ان المنطقة تعيش أزمة اقتصادية خانقة تمتد لثلاث سنوات بسبب عدم تصريف محصول الكيف، مما أدى إلى ارتفاع نسبة الفقر وسط الساكنة المحلية، التي تعيش هشاشة في ظل غياب مشاريع تنموية، كما تفتقر المنطقة للبنية التحتية الأساسية من طرق ومستشفيات ومؤسسات تعليمية وخدماتية، والمراكز الثقافية والرياضية، ما يساهم في هجرة عدد هام من السكان في اتجاه المدن المغربية لضمان استمرارية الحياة.
الامر الذي أرجعه البيان إلى أن المنطقة لم تحظى بنصيبها من التنمية، وتعيش تهميشا ممنهجا على كافة المستويات لأسباب سياسية واقتصادية، فالدولة تغاضت لعقود عن انتشار الكيف بمنطقتي صنهاجة وغمارا، مما خلق اقتصادا بديلا بالمنطقة مبني على زراعة الكيف وتجارة الحشيش، وذلك لأسباب اقتصادية وسياسية.
واضافت التنسيقية من خلال بيانها أن “الكيف يلعب دورا رئيسيا في صناعة الخريطة السياسية للمنطقة التي غالبا ما تفرز منتخبين لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بتجارة المخدرات تكون عاجزة عن الترافع على المنطقة وتؤثر سلبا على دور وعمل الجماعات في التنمية المجالية للمنطقة، التي تشهد تدميرا ممنهجا لإرثها العمراني و لمواردها الطبيعية من مياه جوفية وغابات الأرز وأمام مرأى السلطات المحلية”.
وأضاف “مزارعو الكيف مهددون بالمتابعات بسبب الشكايات الكيدية المجهولة المنتشرة في المنطقة، والتي يستغلها بعض المنتخبين وتجار المخدرات لتصفية حساباتهم الضيقة معهم، والمنطقة تشهد اجتياحا للبذور الهجينة التي حلت محل “زريعة” الكيف الأصيلة، حيث طفت على الساحة تجارة مربحة قائمة على بيع هذه البذور التي يصل ثمنها ل 12 درهم للحبة الواحدة، بالرغم من آثارها السلبية على البيئة وعلى الصحة النفسية للمدخنين، كما تعرف المنطقة تطور المراقبة الأمنية وتشديدها حول تهريب الكيف ومشتقاته مما عمق الأزمة والركود الاقتصادي الذي تعرفه منذ عقود، رغم توفرها على مؤهلات سياحية وطبيعية من شأنها الدفع بعجلة التنمية بها إلا أن الدولة والمنتخبين لا يعيرونها أدنى اهتمام”.
أكد البيان على أن مشروع القانون المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي لن يحل إشكالية زراعة الكيف إلا إذا تمت معالجة جميع المشاكل المرتبطة بهذه الزراعة التي أضحت تشكل الهوية المجالية لجزء مهم من ساكنة جهة طنجة-تطوان-الحسيمة.
وطالبت التنسيقية رئيس الحكومة، وكل من وزير الداخلية، وزير العدل والحريات، ووزير الفلاحة والمياه والغابات، بالتدخل من أجل العمل على إيجاد حلول واقعية للإشكاليات المرتبطة بزراعة الكيف، وذلك عن طريق إعفاء المنتخبين المشتبه في تورطهم بعالقات مباشرة أو غير مباشرة بتجارة المخدرات من مهامهم الحالية داخل الجماعات الترابية، ومنعهم من دخول غمار الانتخابات مجددا، وكذا مراقبة الحملات الانتخابية في المنطقة التي يمول بعضها بأموال المخدرات وإعفاء البرلمانيين الذين ثبت تورطهم في استعمال مال المخدرات في حملاتهم، وكذا فتح تحقيق معمق حول التدمير الممنهج الذي تتعرض له الموارد الطبيعية من مياه جوفية وغابات الأرز.
وطالبت ايضا بتحديد عدد السجناء المتابعين في قضايا تجارة المخدرات من جهة، وزراعة الكيف من جهة أخرى، مع الإشارة إلى عدد المبحوث عنهم في هذه القضايا، إضافة إلى إيقاف العمل بالشكايات الكيدية المجهولة في مناطق زراعة الكيف من أجل قطع الطريق على المنتخبين وتجار المخدرات الذي يستغلون هذه الورقة لابتزاز المزارعين البسطاء، مع توضيح الجهات الواقفة وراء إغراق المنطقة ببذور هجينة خطيرة على البيئة وصحة الإنسان.
والتمست التنسيقية من الجهات المسؤولة تفعيل بروتوكول ناغويا بشأن الحصول على الموارد الجينية وتقاسم المنافع، واتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي، وكذا المادة 41 من اتفاقية جنيف حول الحق في الاتفاقيات، وذلك من أجل توظيف نبتة الكيف البلدية كثروة محلية واستغلال عائداتها من أجل تنمية المنطقة، وذلك عبر السماح بالاستعمال التقليدي الترفيهي والسياحي لهذه النبتة داخل مجالها الزراعي التقليدي، والقيام بدراسة علمية حول خصائصها ومميزاتها.
مع تحديد المجالات التابعة لنفوذ الأقاليم التي ستمنح لها رخصة زراعة وإنتاج القنب الهندي الصناعي والطبي في المادة 4 من مشروع القانون رقم 21.13 ، وعدم جعلها رهينة بمرسوم؛ مع إعطاء الأولوية لمجالات زراعة الكيف الحالية التابعة لإقليمي الحسيمة والشاون نظرا لقلة الأراضي الصالحة للزراعة نظرا لوعورة التضاريس والطبيعة الجبلية، وسيادة الملكيات الفالحية المجهرية، وقساوة المناخ بهذين الإقليمين وكذا ارتفاع نسبة الفقر والهشاشة بهما، وتوطين مقر “الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي “داخل تراب جهة طنجة-تطوان-الحسيمة.
كما اكد البيان على ضرورة توجيه بنود مشروع القانون كي يكون المزارع هو المستفيد الأول من عملية التقنين وليس أرباب الشركات أو من يديرون ويسيرون التعاونيات الفلاحية…. وكذا توطين الشركات و المعامل و تركيز كل الأنشطة المرتبطة بالكيف الطبي والصناعي في منطقة صنهاجة الريف بإقليم الحسيمة وغمارة بشفشاون لتصبحا قطبا اقتصاديا لمادة الكيف ومستخلصاته، وإعمال مبدأ التمييز الايجابي لصالح أبناء مزارعي الكيف بفرض تخصيص نسبة من فرص الشغل بهذه الشركات و المصانع لهم، وجبر الضرر الجماعي لساكنة المنطقة عن طريق تخصيص ميزانية سنوية لتنمية بالد الكيف.
بالإضافة لإحداث مراكز التكوين المهني بجميع مراكز بلاد الكيف لتكوين أبناء المزارعين في التخصصات التقنية المربطة بإنتاج القنب الهندي الصناعي والطبي، وإيجاد حل عادل ومنصف لمشكل تحديد الملك الغابوي وتمكين الفلاحين من أوراق ثبوت ملكية أراضيهم بدون مقابل و بمساطر مبسطة. وإصدار عفو شامل عن مزارعي الكيف المتابعين بتهم زبر الغابة أو زراعة الكيف، وتمتيع مزارعي الكيف بحقوق المواطنة الكاملة وفق ما نص عليه دستور 2011، مع تغيير المقاربة الأمنية التي تتبناها الدولة بالمنطقة بمقاربة تنموية شمولية تستهدف المواطن البسيط بالدرجة الأولى.
واكد البيان على ضرورة إحداث عمالة إقليم “صنهاجة” مستقلة عن إقليم الحسيمة وكذا عمالة إقليم “غمارا” مستقلة عن إقليم شفشاون، وترقية مركزي إساكن وباب برد لبلدية، كآلية تنموية للمنطقة المعروفة بزراعة الكيف، وإخراج المشروع الملكي “المدينة الجديدة بإساكن” للوجود، وجعلها أول مدينة مبنية بمواد مستخلصة من القنب الهندي، وخلق منتزه وطني بالمناطق المحيطة بجبل تيدغين وتيزي يفري وجبل تيزيران وغيرها من المناطق السياحية الجبلية، وعلى ضرورة تثمين المنتوجات المجالية الأخرى التي تزخر بها المنطقة وإعادة الاعتبار للصناعة التقليدية التي تشتهر بها قبيلة تاغزوت عالميا.