عرفت الساحة الأمازيغية الفنية في السنوات الأخيرة ظاهرة اعتزال بعض الفنانين الساحة الفنية، واختيار العزلة والابتعاد عن الأضواء، وصلت إلى درجة أن أحدهم طلب ويطلب بشكل مستمر من الإداعات عدم بث أغانيه، في إشارة قوية وواضحة منه أنه لم يعد يستسغي ماضيه الفني، ويريد القطيعة معه بشكل نهائي .
هذه الظاهرة الدخيلة على ثقافتنا الأمازيغية مع دخول تيارات دينية من الشرق، توغلت في المدن وبعض القرى، وفي الهوامش استهدفت أصوات فنية كانت بالأمس تقدم عطاءا فنيا وغنائيا يشكل حدثا حضاري وثقافي وفني كوني كبير وعظيم .
وقد يتسأل المرء عن تمكن هذه الجماعات الدينية من بعض الفنانين دون غيرهم، وهو سؤال مشروع، يمكن اعتماده لمناقشة ظاهرة سبقت الاستقطاب الديني من طرف هذه الجماعات لرواد الفن الأمازيغي، والتي ترتبط بالأساس بالفنان الأمازيغي وعلاقته بالفن الذي يمارسه، والذي يعتبره دائما عملا للعيش ، وللقضاء على البطالة في إنتظار بديل أخر، وهذا ما تستغله تلك الجماعات في تحريم وتجريم وتكفير الفن، واستقطاب الفنان، واقراره العزل النهائي للعطاء الفني والتفرغ للعبادة لمحو السيئات والكبائر، نتيجة الغناء والانتاج الفني .
والباحث في الإنتاج الفني الأمازيغي، سيقف على مسألة غاية في الأهمية، أن الفنان الأمازيغي يعتبر دائما الفن الأمازيغي الموسيقي بالأساس عمل محرم دينيا رغم عدم صدور اية فتوى من علماء سوس تحرم الغناء أبدا، ويطلبون دائما العفو وانتهاء الرزق والمسار الفني، وطلب أداء مناسك الحج أو العمرة على الأقل لتكفير من الكبائر والعودة إلى الطريق، كأن ممارسة الفن تخرج صاحبها من الإسلام وفي صفوف المسلمين .
وأمام هذه الظاهرة التي أصبحت تتوغل في صفوف الفنانين، وتقدمهم قربان للجماعات الدينية، وتفقد الساحة الفنية الأمازيغية روادها، على الجمعيات الأمازيغية الإشتغال على توعية الفنانين بأهمية ما يمارسون، دون ربطه بالاخرة والدين ومصير الإنسان بعد الموت، والتصدي للفكر الوهابي الذي ينخر الجسم الفني الامازيغي ويكفر أصوات غنائية لها تاريخها ومكانتها .