جذور العنف ضد الحركة الثقافية الأمازيغية

بقلم: ابراهيم بلعليد*

ينبغي في المقام الأول تحديد جوهر العنوان و الذي يبدو غامضا شيئا ما على اعتبار اننا لا نقصد بأن الحركة الثقافية الأمازيغية تخلت عن السلمية و تبنت العنف بقدر ما هو حديث عن العنف الذي تعرضت له و لازالت تتعرض له.

إذا كان من الصعب ان لم يكن من المستحيل التحدث باللغة الأمازيغية داخل الساحة الجامعية ،قبل سنوات التسعينات، نظرا لسيطرة الفكر العروبي الذي يرفض تماما كل ما يتعلق بالأمازيغية، فإن عقدة الألسن قد حلت فيما يخص الأمازيغية بفضل ظهور الحركة الثقافية الأمازيغية.

ان الحديث عن الحركة الثقافية الامازيغية يستوجب الحديث عن تصورها و تاريخها و لما كان كان موضوع هذا المقال هو العنف فسنكتفي و فقط بتوضيح ما يجعلها تتعرض له و من ثمة نستشف الى اي حد يمكن القول ان العنف في خدمة الحركة الثقافية الامازيغية.

ان المتمعن و المتتبع للاشكال النضالية التي تنظمها الحركة الثقافية الامازيغية داخل الساحة الجامعية سيستنتج و منذ الوهلة الاولى انها من جهة تؤمن بالتعدد و الاختلاف ولم تكن يوما من الايام تتبنى العنف و من جهة اخرى تؤمن في نقاشاتها بالمقارعة الفكرية الحجة بالحجة و البرهان بالبرهان و الجماهير الطلابية تستفيد و عندما تستفيد هذه الاخيرة فهذا هوالمبتغى الجوهري، وعليه نؤكد ان الحركة الثقافية الامازيغية ترفض ،جملة و تفصيلا، اللجوء الى العنف لتصفية من يخالفها الراي اما فيما يخص البديل الذي سطرته فسوف نناقشه لاحقا.

لما كانت الحركة الثقافية الامازيغية تعتمد في مرجعيتها على عصارة الفكر البشري المتنور من اجل اقناع اعداء الامازيغية بمشروعية و شرعية القضية الامازيغية و لما كانت تعتمد على الدلائل العلمية لضحد مجموعة من الترهات وتبحث في التاريخ لازالة و الستار عن مجموعة من الحقائق، فان المخزن ادرك خطورة هذه الحركة عليه و راى فيها المنافس و لذالك لا يتوانى في التخلص منها و من انتقاداتها عن طريق اذياله من داخل الساحة الجامعية.

ان خطاب جل المكونات الطلابية ليس الا نسخة طبق الاصل لخطاب المخزن او بالاحرى ابواقه بحيث لا تتردد هذه المكونات للتطبيل لإديولوجيته _العروبة و الإسلام_ و من ثمة نتحدث عن المخزن بين وحدة الخطاب و تعدد الاوجه لكن حتى تتضح الامور و تفاديا للغموض الذي قد يشوب اذيال أو ابواق المخزن فاننا نقصد بها المتمركسين و المتاسلمين.

ان محاولة التخلص من الحركة الثقافية الامازيغية داخل الساحة الجامعية سيتم بطريقة غير مباشرة بحيث سيكتفي المخزن بتسخير اذياله و معنى ذالك انه سيوفر جميع الشروط الازمة لتصفية مناضلي الحركة الثقافية الامازيغية وزرع الرعب في صفوف متعاطفيها. و عليه فإن المخزن كان ولايزال وفيا في توفير المسكن و الملبس و المشرب للجنجويد العروبي على اعتبار ان المنحة غير كافية لسد تلك الحاجيات بسبب مكوتهم في الكليات لمدة تزيد عن 8 سنوات و كانهم يصنعون الصواريخ في الجامعات ، بالإضافة إلى ذلك نجد المخزن يتفادى اية متابعة قضائية ضدهم علما ان هؤلاء المجرمين قدمت في حقهم عدة وشايات بداية بوشاية المكتري و صاحب الدكان مرورا بوشايات الموظفين بالكليات وصولا الى شكايات ابائهم و امهاتهم الائي لم يسلمن من جهتهم هذا الى جانب شكايات مناضلي الحركة الثقافية الامازيغية.

اذن بفضل العوامل السالفة الذكر نجزم ان اذيال المخزن استطاعوا ممارسة العنف على ايمازغن داخل اسوار الجامعة عبر التاريخ ويكفينا الاشارة الى بعض السنوات و المواقع التي كانت مسرحا لذالك:
بداية بموقع فاس ،موقع مراكش سنة 1999،موقع امتغرن سنة 2003، موقع اكادير سنة 2005، جميع المواقع سنة2007 ، موقع وجدة سنة 2009، موقع اكادير سنة2010 ، (موقع امتغرن، امكناس، تازة ، أكادير سنة 2011)، موقعي امتغرن و أمكناس سنة 2.2012
بناءا على هذه المعطيات الواقعية والتي نجمت عنها مجموعة من الضحايا نؤكد ان العنف الممارس على الحركة الثقافية الامازيغية لم تكن له الانطلاقة سنة 2007 بل يرجع الى قبل ولادتها بالساحة الجامعية.

على كل، نود الاشارة الى ان اول خطا اركبه موقع اموراكش،هنا اقول انني تعمدت قول موقع مراكش عوض قول الحركة الثقافية الامازيغية على اعتبار ان تصورهها لم يتوحد بعد انذاك، هو السكوت عن عن العنف الممارس عليه سنة 1999 و لعل الاجيال الاحقة بعدذلك تعرضت لشتى انواع المضايقات بل الاكثر منا ذلك منعت من اية محاولة و لو لتخليد السنة الامازيغة. في تلك السنة بالضبط تم طرح فكرة صياغة ميثاق شرف ضد العنف و الاقصاء كبديل لأزمة العنف لكن للأسف الشديد لم تجد هذه الفكرة آذان صاغية و على الرغم من ذالك فإن الحركة الثقافية الأمازيغية لا تتردد في طرحها في كل وقت لعل الآطلاقيون يستحسنون هذه المبادرة التي سجلها التاريخ لايمازيغن.

ان الذي يثير الانتباه ان استئصال الحركة الثقافية الامازيغية من داخل الساحة الجامعية اصبح اليوم الشغل الشاغل بالنسبة للمخزن نظرا لكون مصدر التغيير بات واضحا، ومن ثم كان لابد ان يتعرض مناضلينا لهجومات وحشية داخل الساحة الجامعية التي أصبحت مسرحا لتنفيذ العمليات الاجرامية بالنسبة للمتمركسين.

مهما يكن من امر، فإن أعداء القضية الامازيغية لم يدركو بعد أن العنف، الذي يمارسونه، في خدمة الحركة الثقافية الامازيغية خاصة إّذا اخذنا بااالمعطيات التالية:

_ إن أجيال الحركة الثقافية الامازيغية خاصة جيل العقد الآخير من القرن الماضي كانو في تواصل شبه منعدم مع الساحة الجامعية ، لكن بسبب العنف الممارس على على المدرسة العتيدة التي علمتهم مجموعة من المبادئ و بفضل الموقع الاجتماعي الفايسبوك ، فإنهم في تواصل تام و في مواكبة لكل المستجدات التي تعرفها الساحة الجامعية.
_ إن العنف الممارس جعل الجهود تتكاثف
_ إن العنف الممارس جعل اللقاءات تتعدد و الآراء تتكامل و الاستراتيجة تتضح
_ إن العنف الممارس يزيد في تعميق الايمان بشرعية القضية الأمازيغية
_ إن العنف الممارس يبرز حمولة خطاب الحركة الثقافية الأمازيغية
_ إن العنف الممارس يوضح ان الجنجويد يمضي في طريق مسدود

ان الحملة الإعلامية الشرسة ضد الحركة الثقافية الأمازيغية، ليس الاولى من نوعها بل واحدة ضمن الالف التي تنتظرها ، تعد وسيلة لتبرير لجوء وزارة الداخلية لاقامة كاميرات داخل الساحة الجامعية من جهة ون جهة اخرى محاولة تبرير رفض اطلاق سراح المعتقلين السياسيين للقضية الأمازيغية.

في الختام ، نود القول أن الحقيقة التي تعيشها اليوم الحركة الثقافية الأمازيغية داخل الساحة الجامعية عاشها أكسيل و ديهيا كما عاشها معتوب لونس و بوجمعة الهباز، وبمعنى اخر فكل مناضل قد ينعث بأقدح الأوصاف في أحسن الأحوال، كما قد يسجن آو يختطف بل الأكثر من ذلك قد يستشهد من أجل هذه القضية التي لطالما استشهد من أجلها الكثير.

*طالب باحث

شاهد أيضاً

الجزائر والصحراء المغربية

خصصت مجموعة “لوماتان” أشغال الدورة السابعة لـ “منتدى المغرب اليوم”، التي نظمتها يوم الخامس من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *