بعد سيطرتهم على منطقة قنفودة غرب بنغازي، حيث كان يتحصن مقاتلو مجلس شورى ثوار بنغازي في آخر مواقعهم مع مدنيين عالقين، قام المقاتلون التابعون لخليفة حفتر الذين ينضوون تحت لواء ما سمي سابقا بالجيش الوطني الليبي وما يسمى حاليا ب”الجيش العربي الليبي” بإرتكاب جرائم وانتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان، ونقلت وكالات إخبارية دولية صورا وفيديوهات صادمة لإعدامات ميدانية للرجال والنساء يتباهى مقاتلوا حفتر بإرتكابها، بل وفي ممارسات شبيهة بما يقوم به تنظيم “داعش” الإرهابي، أقدمت قوات حفتر على نبش القبور وإخراج الجثث منها وسحلها في الشوارع ومن ثم تعليقها أمام مقراتها.
وأقدم مسلحو حفتر، حسب ما نقلت وسائل اعلامية، على نبش قبر جثة القائد العسكري البارز بمجلس ثوار بنغازي المعارض لحفتر “جلال المخزوم” الذي دفن منذ نحو ستة أيام بعد وفاته في منطقة العمارات 12، متأثرا بجراحه، ووضعت جثة المخزوم على سيارة وتجول بها مقاتلو قوات حفتر في بنغازي وسط حالة من هستيريا الفرح وإطلاق الرصاص والصراخ والسب والشتم والبصاق عليها، وعقب ذلك قاموا بشنقها أمام معسكر قوات الصاعقة تشفيا في صاحبها.
هذا ونددت كل من “هيومن رايتس ووتش” وبعثة الأمم المتحدة في ليبيا والمجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني بجرائم الجيش العربي الليبي مطالبين بمحاسبة الجناة.
وأشارت “هيومن رايتس ووتش” إلى “الجيش الوطني الليبي” (الجيش العربي الليبي) ربما ارتكب جرائم حرب تشمل قتل وضرب المدنيين والإعدام الميداني والتمثيل بجثث مقاتلي المعارضة بمدينة بنغازي شرقي ليبيا في 18 مارس 2017 والأيام القريبة من هذا التاريخ. يُزعم أن قوات الجيش أوقفت مدنيين حاولوا الفرار من حي مُحاصَر، وكان بعضهم برفقة مقاتلين من المعارضة، وما زال مكان ومصير بعض المدنيين مجهولين.
ونقلت هيومن رايتس ووتش عن أهالي ونشطاء وصحفيون محليون قولهم أن مقاتلو الجيش العربي الليبي أوقفوا نحو7 عائلات بعد تعطل إحدى سياراتها وهاجموا وقتلوا بعض أفرادها واعتقلوا البعض، على حد قول الأقارب. كما اطلعت “هيومن رايتس ووتش” على مقاطع فيديو وصور شاركها أقارب الضحايا وصحفيون ونشطاء محليون يُزعم أنها تُظهر جثث لمقاتلي مجلس الشورى في بنغازي، ويُزعم أن مقاتلي الجيش الوطني الليبي شوهوا الجثث ومثلوا بها أثناء إجلاء سكان قنفودة في 18 مارس أو بعد ذلك.
من جهته عبر الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مارتن كوبلر عن قلقه العميق إزاء التقارير المستمرة والمتواصلة حول انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان يتم ارتكابها في أنحاء ليبيا. ودعا كافة الأطراف إلى إرسال رسالة قوية بأن هذه الأفعال غير مقبولة على الإطلاق ودعم هذه الرسائل بتحقيقات ذات مصداقية لتحديد مرتكبي تلك الجرائم ومحاسبتهم.
ودعا كوبلر “خليفة حفتر”، بفتح تحقيق كامل وشفاف في الجرائم التي ارتكبتها مؤخرا قوات يقودها، ومنها الاعتداءات على مدنيين، والإعدامات ميدانية، وتشويه القتلى والتمثيل بجثثهم، مع ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الأعمال.
من جانبه أعلن المجلس الأعلى للدولة برئاسة عبد الرحمن السويحلي عن نيته مخاطبة المحكمة الجنائية الدولية ومجلس الأمن لفتح تحقيق بشأن نبش قوات حفتر قبور مقاتلي مجلس شورى بنغازي، وأصدر المجلس بيانا قال فيه إنه بصدد مخاطبة الجنائية الدولية ومجلس الأمن وبعثة الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاديْن الأوروبي والأفريقي، وذلك لفتح تحقيق في جرائم نبش قبور والتمثيل بالجثث نفذته قوات حفتر. كما دانَ المجلس الأعلى للدولة الانتهاكات والاعتقالات التي تعرض لها مئات من أبناء منطقة الهلال النفطي على أيدي قوات عملية الكرامة.
بدوره أصدر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني بيانا، دعا فيه أعيان قبائل شرق ليبيا والشخصيات السياسية والنشطاء ووسائل الإعلام ومسؤولي المؤسسات العسكرية والأمنية إلى استنكار ما قام به من نسبوا أنفسهم للجيش الليبي في مدينة بنغازي شرق ليبيا من نبش للقبور وتمثيل بالجثث، ومطالبا بتقديم الجناة إلى العدالة لينالوا جزاءهم.
يشار إلى فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني كان قد عبر عن إدانته لنبش القبور والتمثيل بالجثث، مؤكدا أن ليبيا “لن تكون تحت حكم فردي أو عسكري”، ونقلت وكالات أنباء دولية عن السراج قوله الأحد الماضي ، عبر قناة “ليبيا الرسمية”، “تابعنا وباستياء شديد ما قام به بعض ممن نسبوا أنفسهم إلى قوات الجيش الليبي في مدينة بنغازي من عملية نبش للقبور وتمثيل بجثث الموتى بصورة وحشية بعيدة كل البعد عن قيمنا وأخلاقنا وديننا”، وتوعد بعمل «كل الممكن لتقديم الجناة إلى العدالة لينالوا جزاءهم ويكونوا عبرة لمن يعتبر.”
ساعيد الفرواح