جريدة الأيام تقدم موجزا لتاريخ السواسة داخل المشهد السياسي المغربي

عبد العزيز أكرام
عبد العزيز أكرام

نشرت جريدة الأيام الأسبوعية ضمن عددها الأخير ملفا خاصا عنونته ب “بعد عقود من الكمون والتربص: كيف قفز سواسة إلى سدة الحكم في مملكة محمد السادس”، حيث كشف من خلاله الكاتب عن جوانب من تاريخ مشاركة السواسة في العملية السياسية بالمغرب.

اعتبر الكاتب في بداية مقاله أن الصعود القوي للنخب السوسية على المستوى السياسي ليس ناتجا عن فراغ، بل هو نتاج جهود متواصلة للسواسة بدأت في وقت سابق توجهت فيه الأجيال السابقة إلى الانفتاح على المجال السياسي موازاة مع اهتمامهم الخاص بالتجارة، ليصبحوا فيما بعد من بين الوجوه المغربية المكلفة بتدبير الشأن العام للبلاد.

وحسب المقال، فانتخابات 8 شتنبر 2021 مكنت العديد من السواسة من الظهور بشكل ملفت على الساحة السياسية، ويتعلق الامر هنا بكل من عزيز أخنوش زعيم حزب التجمع الوطني للأحرار، رئيس جماعة اكادير والذي سيعين من طرف الملك رئيسا للحكومة الحالية، وكذا عبد اللطيف وهبي أمين حزب البام ورئيس بلدية تارودانت والذي سيعين وزيرا للعدل بعد ان احتل حزبه الرتبة الثانية في الانتخابات. حزب اخر يقوده أحد السواسة وهو حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تمكن من الحلول رابعا في الانتخابات.

حزب العدالة والتنمية هو الاخر لم يشكل الاستثناء بعد ان تزعمه سعد الدين العثماني رئيس الحكومة السابق قبل ان يفسح المجال لعائد بعد غياب طويل أي عبد الاله بنكيران.

هو إذن انتقال جوهري حسب الكاتب انتقلت فيه منطقة سوس من فترة سابقة عجزت فيها عن تقديم ولو مرشح واحد للاستوزار “وهو ما حدث سنة 1955 بعد طلب محمد الخامس لأسماء مرشحين ليصيروا وزراء، غير ان الشروط المطلوبة لم تكن مستوفاة من قبل السواسة آنذاك ” ، إلى فترة صارت فيها لمنطقة تقدم شخصيات سياسية عديدة سواء كرؤساء حكومات أو وزراء، ولعل ذلك ما يؤكده انفراد كل من سعد الدين العثماني وعزيز أخنوش برئاسة الحكومة سواء السابقة أو الحالية.

فبعد الاستقلال سيطرت النخبة الفاسية الى جانب الرباطية على المشهد السياسي، في ظل بروز أسماء معدودة من السواسة، ويتعلق الأمر هنا بالمختار السوسي كأول وزير للأحباس وذلك في حكومة إبراهيم البكاي، اذ تخصص المختار السوسي آنذاك في علوم الدين والشريعة.

وتجاوبا مع درس سنة 1955 كما سماه الكاتب، عمل السواسة على اتباع تكتيك جديد يقوم على توجيه أبنائهم واجيالهم اللاحقة إلى التعليم العصري تزامنا مع بداية فترة الهجرة القارية التي انتقل فيها عدد كبير من أهل سوس إلى بلاد المهجر سواء فرنسا أو بلجيكا على وجه الخصوص.

اسم اخر من منطقة سوس اعتبره الكاتب من بين الأسماء التي خلدت اسمها في تاريخ المشهد السياسي المغربي، ويتعلق الامر هنا بعبد الرحيم بوفتاس الذي تقلد منصب وزير الإسكان ما بين 1986و1993، حيث كان هذا الأخير وهو ابن منطقة أمانوز بتزنيت يحظى بتقدير خاص من الملك الحسن الثاني نظير كفاءته وعصاميته. وإلى جانب بوفتاس سيظهر لاحقا ادريس جطو ذو الأصول السوسية الذي تم تعيينه وزيرا أولا غذاة انتخابات 2002، بعد ذلك سيعين رئيسا للمجلس الأعلى للحسابات سيتسبب تقرير أعده سنة 2017 حول مشروع الحسيمة منارة المتوسط في زلزال سياسي سيتم على إثره اعفاء سياسيين كبار آنذاك.

وفي خضم الحديث عن السواسة، يؤكد عمر أمرير الأكاديمي والباحث في ثقافة وتاريخ منطقة سوس في ذات المقال على أن السواسة انخرطوا بشكل مبكر في تدبير شؤونهم المحلية، وقد كان هذا التدبير يتم من خلال ما يسمى بنظام تانفلوست أي ما يصطلح عليه بالعربية بالديمقراطية المحلية المغربية.

وتابع المتحدث حديثه عن الديمقراطية المحلية سابقا بسوس مستعرضا أبرز اسهامات قبائل سوس في التاريخ السياسي الحديث، حيث تزعم عبد الله بن ياسين الجزولي السوسي فكرة تأسيس الدولة المرابطية التي سيجعلها يوسف بن تاشفين فيما بعد امبراطورية تمتد من المغرب الى الأندلس.

المهدي بن تومرت هو الاخر كان له اسهام في التاريخ المغربي، إذ تزعم فكرة تأسيس الدولة الموحدية التي شملت المغرب والاندلس ليسير على نهجه تلميذه عبد المومن بن علي فيما بعد. وفي نفس السياق اعتبر عمر امرير أن حادثة سنة 1955 شكلت درسا للسوسيين، إذ حفزتهم على توجيه أبنائهم إلى المجال السياسي وتشجيعهم على الدراسات العليا داخل المغرب أو خارجه.

وأشار المتحدث إلى أن نجاح أهل سوس في المشهد السياسي المغربي كان نتيجة لطموحهم اللامحدود آنذاك، علاوة على حسن سيرهم الشخصية خصوصا وان المنحدرين من هذه المنطقة والذين يمارسون التجارة بالحواضر الكبرى سواء الرباط أو الدار البيضاء يتصفون بالمسؤولية الكاملة وكذا الثقة التي يؤسسون عليها علاقاتهم التجارية.

وفي ختام كلمته وقراءته للوضع، يتوقع عمر أمرير استمرار الجيل الحالي من السواسة البارزين في المشهد الوطني السياسي، إذ يرجح أن يشتد التنافس مستقبلا بينهم وبين العديد من الوجوه السياسية المنحدرة من مناطق أخرى، معتبرا في الوقت نفسه أن مرحلة ما بعد الاستقلال التي هيمنت فيها النخبة الفاسية وكذا الرباطية لن تتكرر مجددا سواء في السياسة أو في القطاعات الثقافية والرياضية والفنية.

اقرأ أيضا

الإحصاء العام: استمرار التلاعب بالمعطيات حول الأمازيغية

أكد التجمع العالمي الأمازيغي، أن أرقام المندوبية تفتقر إلى الأسس العلمية، ولا تعكس الخريطة اللغوية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *