جنازة الحسين الملكي.. وتغير طقوس الدفن بالرباط

 
بقلم : أحمد الدغرني
 
طقوس دفن الموتى في المغرب الحالي تخضع لتقاليد لم تنفتح للدراسات الموضوعية التي تجعلها تتعرض للنقد، ويشملها الوعي، والتجديد الذي يشمل الحياة العامة للسكان المعاصرين،
ولاشك أن دهشة الموت والخوف والرعب الذي يترتب عنه هي أسباب كون موضوعها يسيطر عليه بعض من يستفيدون منه ويستغلونها لنشر الشعوذة..
 
الموت يجب أن يساير الحياة، أقصد حياة الشباب، والنساء والرجال، والشيوخ، ونجعل من جنازة الحسين الملكي نموذجا نبدأ به .
 
وسبب هذه البداية هو عنصران:
 
1- هو دخول النساء إلى المقبرة، وحضورهن مع الرجال مسيرة الجنازة، وبالنسبة للحياة الشخصية للمرحوم الحسين الملكي، أذكر بتحية وتقدير زوجته الطبيبة بشرى بربش، التي نقلته الى المصحة بعدما اشتد به المرض في بيته، رأيتها شخصيا تصاحبه في المصحة الى أن فارق الحياة، كما أذكر مساعدته السيدة ربيعة طهير، التي ساعدته أثناء حياته، وأثناء مرضه في مكتب المحاماة التي كانت هي شغله. ذكرت هاتين المرأتين، لأثير حادثة وقعت بالمقبرة، وهي أن بعض الناس شاهدوا سيدات يسرن على الأقدام في جنازة الحسين الملكي، ودخلن مع مشاة الجنازة الى المقبرة، وعبر هؤلاء بعبارات قاسية ومؤلمة عن رفضهم لحضور النساء حوالي قبر الميت، وهنا أذكر للتاريخ بعض أسماء السيدات اللائي حضرن هذه الجنازة بشجاعة، وجسدن مبدأ المساواة الذي يتغنى به البعض، ولايمارسه، في وقت طرح فيه في البلاد مبدأ المساواة في الإرث، ومنهن: طهير ربيعة، أمينة ابن الشيخ، أمينة ازيوال، عائشة الحيان، أمينة أوناصر، فاطمة مورد، أمينة باباو، جميلة السيوري، زبيدة خوبيزا، وأخريات تمنيت لو تذكرت أسماءهن..
 
وكانت العادة أن تغيب النساء عن الجنائز في المقبرة، ولوحظ خاصة تغيب المحاميات، وقريبات الموتى قبل جنازة الحسين الملكي، إن لم أقل بأنها أول مرة في تاريخ المحاماة بالرباط تحضر النساء جنازة محام.
 
وحدث ذلك الحضور، لأسباب أذكر منها:
أولا أن المرحوم الملكي كان مشهورا بدفاعه عن الحقوق المالية للمرأة من خلال العرف والقانون الحديث.
 
وثانيا لأنه يؤمن بحضارة وقوانين الأمازيغ Izerfan التي تجيز للنساء حضور الجنائز خلافا لعادات وأعراف شعوب أخرى.
 
2- حضور الراية الأمازيغية، ويعتبر الحسين الملكي ثاني شخصية في تاريخ جنائز الرباط يحمل الشباب هذه الراية في جنازته بعد المرحوم ابراهيم اخياط، وهذه المرة بادر بعض الناس الحاضرين بموكب الجنازة بطرح التساؤلات، وسمعت أحدا منهم يقول “علاش هذ الراية”؟
ومنهم من حاول خاطئا استعمال المنع، وتكريس طقوس الدفن التي اعتاد عليها، لكن الجنازة مرت بسلام، حضرها جمهور يقبل التعدد والاختلاف مما يجعلها جنازة عصرية تقبل الطقوس الدينية وغيرها.. وقد اعتاد الشباب الأمازيغي على توديع موتاهم بحمل هذه الراية في الجنائز لتكريم من يبذل جهودا في الحفاظ على الحضارة الأمازيغية، ومن يضحي بماله أو وقته أوحياته من اجل حقوق الشعب….وحان الوقت لنقيم جنازة ديموقراطية، في زمن كثرة تزوير وصف الشهداء، وفبركة الأبطال ممن لا يستحق هذه الألقاب..
 
جنازة المرحوم الملكي حضرتها شخصيات من كل الفئات الإجتماعية، ومن كل مناطق البلاد، وخاصة من أوساط القضاء والمحاماة. ومن منهجيات دراسة الجنائز الإهتمام بمن يحضرها، فهي تجمع بشر، يستعمل سياسيا واعلاميا لزرع بعض السياسات، مثل إلقاء الخطب الدعائية، أو صرف الأموال، وخاصة بعض سلوكات الأحزاب الدينية، وسياسة عزل مقابر اليهود والمسيحيين عن مقابر المسلمين التي يظهر منهاالميز الديني، وخاصة سياسة المخزن تجاه بناء الكنائس المسيحية، ونقل رفاة مقابر اليهود المغاربة الى الخارج وتمييز بعض المحظوظين بالتعازي الرسمية لعائلاتهم دون بقية شخصيات الشعب..
 
الرباط : 4 أبريل2018

شاهد أيضاً

أكادير تحتضن الملتقى الأول لتجار المواد الغذائية

تحتضن مدينة أكادير من 24 الى 26 يوليوز الجاري الملتقى الأول لجمعية تمونت لتجار المواد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *