استضافت منظمة تاماينوت فرع أيت ملول يوم الأحد 17 أبريل 2022 بمقرها الباحث والمترجم والشاعر الحبيب الواعي الذي يشتغل أستاذا جامعيا في تخصص الدراسات الثقافية ومابعد الكولونيالية في شعبة الأدب الانجليزي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة ابن زهر بأكادير، والحائز على جائزة فولبرايت للبحث والتبادل الثقافي بالولايات المتحدة الأمريكية، لتأطير ورشة تكوينية لفائدة الشباب في إواليات كتابة النصوص الرحلية بوصفها جسرا ممتدا نحو الآخر ولحظة اكتشاف وارتياد لفضاءات المغايرة الثقافية، وذلك في سياق الدينامية الثقافية التي انخرطت فيها منظمة تاماينوت فرع أيت ملول والمتمثلة في تجربة الترافع عبر الفنون المعاصرة للبحث عن امتدادات جمالية للقيم الكونية التي تسعى إلى ترسيخها واستثمار إمكانات الادب لإشاعة مفهوم جديد للهوية الثقافية يؤمن تحديث البنيات الاجتماعية والثقافية، ويؤمن مفهوما إنسيا للهوية يقوم على تمجيد الاختلاف والمغايرة.
الكتابة الرحلية بوصفها جنسا من أجناس الأدب الشخصي شكلت محور لقاء، عرض فيه الأستاذ الباحث الحبيب الواعي مركزية الرحلة والسفر في الآداب الكونية وأهميتها في تقويض نزوعات الهيمنة والتعالي والنرجسية الثقافية، فبحسبه، اضطلعت الكتابة الرحلية عبر التاريخ الإنساني بمهمة حضارية، تكاد تشبه مهمة الترجمة في تأمينها للمعابر الرمزية الكفيلة بالإعلاء من شأن المشتركات العميقة التي تشكل وشائج كبرى بين الشعوب، فبالإضافة إلى أهميتها في توثيق الخبرات الإنسانية فإنها نص ظتعة وسجل ثقافي ينطوي على المهمل والعابر والمنسي، الذي يترسخ عبر الكتابة وينبني في شكل أدبي مهجوس برغبة الشهادة وبرهان تجاوز الأنساق الثقافية المعيبة ومحاصرتها جماليا.
كما تحدث مترجم أنطلوجا جيل البيت الأستاذ الواعي عن المتاح الجمالي الذي جعل الرحلة عبر التاريخ جنسا أدبيا مستقلا بذاته، وعبر استعادة تجربة جيل البيت الأمريكي مع وليام غنسبيرغ وجاك كيرواك ووليام بروز وكتاباتهم الممجدة للترحال والمتمردة على الأنساق التقليدية والمنتصرة لإنسانية الإنسان والعدالة والاعتراف والمناهضة للميز العنصري والإبادة والوصم الاجتماعي، أبرز الحبيب الواعي أن الكتابة الرحلية شكلت في التاريخ المعاصر نصا غائبا لمجموعة من الحركات الثقافية والاحتجاجية والاجتماعية، فحركة الهيبي لم تكن ممفصلة عن نصوص كيرواك ونصه على الطريق، إنها تجسيده الاجتماعي وشكل من أشكال تلقيه، إنها امتدادا له في المعيش الامريكي.
وبعد استكمال المداخل النظرية والإضاءات المعرفية اشتغل المؤطر مع الشباب في ورشة وتمرينات في كتابة النصوص الرحلية واقتحام عوالمها، الحبيب الواعي جواب آفاق وعاشق كبير للكتابة المنخرطة في أسئلة التغيير الاجتماعي جعل خبرته ومعيشه الشخصي مصدرا ومنطلقا لاستشكال أسئلة العلاقة بين الرحلة والهوية والتغيير الاجتماعي والنقد المدني.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الللقاء ينعقد في إطار مشروع ” الترافع عبر الفنون المعاصرة لتعزيز الانفتاح الثقافي للشباب ” الذي تنظمه منظمة تاماينوت فرع أيت ملول والممول من قبل مؤسسة فرنسا ومنظمة الهجرة والتنمية والمندرج ضمن برنامج البحر الأبيض المتوسط، من ضفة إلى أخرى ” الذي يهدف لاستثمار إمكانات الفنون المعاصرة في ترسيخ العيش المشترك وتعزيز ثقافة الاختلاف.