جولات ثقافية برحاب تاريخ الريف الشرقي (1973- 2019)

حسن الفكيكي مؤرخ وأستاذ التعليم العالي بكلية الآداب ابن طفيل بالقنيطرة وباحث بمديرية الوثائق الملكية بالرباط

ترمي التجربة التي سأستعرض أهم صورها ونتائجها إلى الإيمان بجعل التنمية الثقافة التاريخية الجهوية خطوة حتمية إلى الأمام. وليس هذا غريبا ما دام هناك ما يحث على الوفاء للوطن والمواطن التي نشأنا فيها اعترافا أولا بذلك المنشأ، وعزما على المساهمة لإحياء وتطوير تاريخها ثانيا. وخدمة الوطن واجب لا يستثنى منه أحد. ويكفي أن نعلم أن البحث في تاريخ منطقة الريف الشرقي سيضعها لزاما في المكان المستحق بالهرم الثقافي الوطني. إننا بهذا المسلك الطبيعي سنكون بصدد تكريم الأجداد والآباء وشباب كل الأجيال. وعلينا تصور أن الرأي المتنكر لهذه الحقيقة لن يتورع  بنعتها ببلد “لا تاريخ له”. غير أننا لن نقيم له وزنا. والمؤكد أن سحب البراءة من هذا الاتهام لن يأتي إلا من قبل أبناء الوطن، بوضع الثقة الكافية في استثمار أدوات التنمية الثقافية التاريخية، لتكون جنبا إلى جانب معما يجري بالمنطقة من التحولات الإيجابية الراهنة. تلك هي الهواجس الذي سيطرت أخيلة تصوراتها منذ مستهل سبعينيات القرن الماضي على ذهن صاحب هذا القلم، بمجرد الانخراط في مشروع  الدراسات الجامعية.

أريد لهذا الحديث أن يحظى بانتباه لما سأذكره عن تجربتي المتواضعة الخاصة بتنمية البحث التاريخي بالريف الشرقي، فهذا ما اعتقدت أنه خليق بإهدائه في آخر مرحلة من العمر إلى هذا التجمع الثقافي الذي أقدر فيه الزملين القائمين به كامل التقدير والاعتزاز بما يسديان من النهوض الثقافي الجاد هنا وفي أمكنة أخرى. وأود في مقدمة سرد التجربة أن أدلي هنا بخبر بسيط يخص إملاء شعور تلقائي دفين، ممهد لترسيخ تجربة الكتابة في تاريخ الريف الشرقي. ففي صيف 1954، وأنا إذاك طالب في السنة الرابعة الثانوية بتطوان، قررت يوما مع صديقين آخرين، بالتوجه إلى مليلة[1]. وإثر طلب شرطي الحدود رخصة المرور استنكرنا منع العبور بدعوى أن مدينة مليلة مغربية، مما جرنا إلى عمدة شرطة المدينة، فلم ننكر ما قلناه لشرطي الحدود، وغاب عنا مدة وجيزة ليأمر بعد ذلك بإخلاء سبيلنا بأمان. والمهم أن السراح كان آنذاك بالنسبة إلينا قد تحول إلىى تباه بمشاعر الانتصار لمغربية المدينة المحتلة. وهناك محطة ثانية تابعة لنفس القصة، ولدتها محادثتي سنة 1957 بثانوية الشريف محمد أمزيان بالناظور مع إسباني، مدرس مادتي الجغرافية والتاريخ، وكانتا تدرسان في بداية الاستقلال بالإسبانية[2]. تعلقت فاتحة الحديث بكتاب كان بيده، لمؤرخ مليلة Rafael Fernando de Castro بعنوان Melilla Prehispanica. ونقطة الخلاف أن قلت له إن مدينة مليلة مغربية، وكان من الطبيعي أن يصر هو على إسبانيتها.

تكريم الدكتور حسن الفكيكي في المؤتمر الدولي :”شرف بلاد الريف في التاريخ والآثار والمعمار”

ما زالت تلك القصة عالقة في الذهن، ولم أتوقع مرافقتها الدفينة لمسيرة بحوثي دون إحساس ظاهر بذلك. وشاء القدر أن تكون لتلك المرافقة ترجمة فعلية لما أقبلت عليه سنة 1973، شاهدة على اختيار موضوع إنجاز دبلوم الدراسات العليا في التاريخ، بحجة ودليل عنوانها: “قلعية ومشكل الوجود الإسباني بمليلة المحتلة 1497- 1859”. وبالفعل توجت تلك الأمنية بمناقشة الدبلوم سنة 1984[3]. بدا بعد ذلك أن الفوز بالدبلوم كان الباب المفتوح لإنجاز باقي التجاربب مستوى الأطاريح الجامعية. والغاية الأساسية من طرح سياق الإشارة هي تبديد مخاوف الباحثين الجدد، بتعرية حقيقة الأوهام والأشباح الحائلة بينهم وبين اقتحام صعاب البحث في تاريخ الريف الشرقي، فتلك غاية لا تستوجب سوى اكتشاف البراعم الحية، الداعمة لفكرة النهوض بأعباء التنمية الثقافية التاريخية.

أولا: براعم ثقافة التاريخ الجهوي

قد أمكن بفضل الله افتتاح إيجابيات الكشف عن تلك البراعم بالاهتداء إلى عدة مخطوطات عربيات وأعجمية مزودة بالطعم الثقافي والعلمي للعديد من المحاولات. ولا بأس إذا ما استعملت لفظ الاكتشاف إذ أن المخطوطات لم تمس بالتعريف والدراسة منذ أن فارقت لمسات مؤلفيها، بل لم يكتب للفائزين بها لإبقائها بموطنها الأصلي أولا، وانتقالها إلى رفوف الخزانة الخاصة ثانيا، قبل حيازتها نهائيا من طرف الخزانة العامة. سيشمل التوضيح هنا الإشارة فقط إلى أهم تلك المخطوطات وترك الأخرى لمناسبات آتية ضمن هذه التجربة.

1.ـ في أنساب القبائل

على الرغم من اهتمام الحسن بن محمد الوزان بالجانب الاجتماعي لإقليم كرط فإنه لم يكشف النقاب عن التقسيمات المميزة لقبائله[4]. ومن حسن الحظ أن جهلنا بهذا لم يطل زمنه، فبعد سبع عشرة سنة عن مفارقته سنة921هـ/1516م تراب شرق المغرب كان مؤلف مجهول بالريف الشرقي قد أنهى سنة 939/1533  تقييده  عن نسب أهم قبائل الريف الشرقي، مفصلا تجمعات كل منها[5]. ومن إسعاف الحظ الثاني أن عثرت على مخطوطة ثانية مشابهة مؤلفة من ثمان صفحات، لا نعرف اسم ناقل نسب أهلها كارت سنة 1293 من كتاب غير مصرح بعنوانه أو مؤلفه، مخبرا بما وجد في كتاب عن المطالسة وبني بويحيي وما يخص جبلي القلوع[6] وبطوية[7].كان هذا الاكتشاف والسابق له فتحا ثمينا لا يمكن لأي دراسة الاستغناء عنه.

2.ـ تقييد محلي عن المقاومة

صاحب التقييد هو أحمد بن محمد بن أبي القاسم بن القاضي السيدالي، ما زالت أسرته مستقرة بكعدة بني فكلان، معروفة هناك  باسم “القضيا”[8]. والتقييد مخطوطة مؤلفة من سبع ورقات، مما تبقى بعد البتر، كتب لنا بفضلها الاستماع إلى تفاصيله الدقيقة عن مقاومة قبيلة قلعية بقيادة أولاد عيسى السيداليين ما بين سنوات 1668 و 1682على عهد كل من المولى الرشيد والمولى إسماعيل[9]. استفدت من المخطوطة الكثير عن تنظيم المقاومة المغربية خلال فترة ما قبل نقل ميادينها إلى الشمال الغربي المغربي بزعامة أسرة أولاد حمامة التمسمانيين.

3.ـ مخطوط إسباني عن المقاومة

لم يكن الإنتاج التاريخي المعتمد على مخطوط سمنكاس الإسباني اللغة، سوى نتيجة تحقيق رغبـة سابقة يعود مبدأهـا إلى سنة 1982. علمت آنذاك، وأنا بصدد البحث في الخزانة الوطنـيـة بـمـدريـد لجمع أواخر مواد الدبلوم الأول، أن هناك مذكـرة لا تزال مخطوطة لصاحـبـها المـهنـدس الحـربـي خوان كابايـيـرو (Juan Caballero) كانت محفوظة بالأرشيف العام بخزانة سمنكاس (Archivo General de Simancas ) بمدينـة بلد الوليـد (Valladolid)، تركزت نصوصها حول تسجيل وقائع الحصار المغربي المضروب على مدينة مليلة المحتلة من طرف السلطان العلـوي محمد بن عبد الله. وكانت لدي معرفة سابقة بالموضوع، إذ أن الخزانة العامة بالرباط (المكتبة الوطنية حاليا) توفرت هي بدورها على يومية مماثلة مطبوعة، لكن باسم مؤلفها الضابط الـفـيـنزويـلـي فرانسيسكو دي ميراندا  (Francisco de Miranda)  تخص نفس الموضوع بالتطابق اللفظى الكامل، سبق  أن  قمت بالترجمة، لكنها بقيت بدون نشر في انتظار التوصل إلى نسخة سمنكاس. وأحمد الله على أن واتتني فرصة زيارة الأرشيف سنة 1987، فلم يبق لي بعد تحقيق الغاية أي مبرر للإحجام عن عدم ترجمة المخطوط، ليس فقط بالنسبة للريف الشرقي، بل لتاريخنا الوطني أيضا. وتعود أهمية المخطوط إلى تقديم الدليل القاطع لإبطال الرائج، إلى الوقت الراهن، من اتهام يرمي إلى إهمال العرش العلوي لثغوره[10]، فلم أجد لدحضه سوى اختيار عنوان:”سيدي محمد بن عبد الله وقضية مليلة المحتلة 1774-1775 من خلال يوميات خوان كاباييرو”.

4.ـ مخطوط محلي في التعليم والتربية الصوفية

يسر الله اكتشاف مصدر ريفي فريد، ظل منذ عدة قرون جامدا وسط محيط من الغربة التامة، إلى أن تم الاطلاع على مستودعه، واكتشاف قيمته العلمية التي رفعت صاحبها إلى مصاف العلماء المرموقين. يتعلق الأمر بمخطوط عنوانه “مطلب الفوز والفلاح في آداب طريق أهل الفضل والصلاح، لصاحبه العالم عيسى بن محمد بن يحيى الراسي البطوئي السعيدي. ومن واجب الاعتراف بالجميل أن أذكر أن المرحوم إبراهيم الكتاني، المحافظ بقسم الوثائق بالخزانة العامة في أواخر السبعينات، هو الذي نبهني إلى وجوده بنفس الخزانة[11]، وكانت النتيجة الموالية العودة إلى ما ذكرني بما يشبه مواد مخطوط بالخزانة الحسنية سبق أن أخبرني به المرحوم الأستاذ محمد المنوني. وبالعودة إلى المقارنة بين النسختين تبين بكل تأكيد أن نسخة ثانية من مطلب الفوز والفلاح توجد محفوظـة في قـسـم الـوثـائـق بالخـزانة العامة[12].

ومنذ ذلك عقدت الأمل على الدعوة إلى دراسة المؤلف وتحقيقه، تلبيةلصرخة عيسى البطوئي الداعية إلى الاعتناء بكتابه الذي فاقت صفحاته التسعمائة صفحة. وقد سجلت باطمئنان أن النسخة الأولى المحفوظة بالخزانة العامة أقدم من نسخة الخزانة الحسنية، إذ أن أحد النساخين كتب على هامش صفحة 400 من نسخة الخزانة الحسنية لتبرير وجود بياض: “كذا في الأصل هذا البياض”. نعد هذا الاكتشاف الإنتاج الوحيد في موضوعه ومباحثه. وما استفاد منه تخصصي في التاريخ مقتصر فقط على إعداد ترجمة المؤلف، وعلى دليل يثبت وجود مركز ثقافي علمي سابق بقرية وردان الوليشكية ومسجدها بجماعة بني عبد السلام[13]، وتابعه معهد تيزي عدنيت المؤسس من طرف أسرة عيسى البطوئي.

5.ـ استثمار الرصيد التوثيقي

يشكل توفير الرصيد التوثيقي التاريخي، إلى جانب المكتشف من المخطوطات، مصدرا أساسيا للتصرف في التفاسير بحرية أوسع، والتمتع باختيار الموضوعات ذات الوزن والقيمة الثقافيين. وحينما تأكدت من ولوج مجال البحث الأكاديمي سعيت لاقتحام فضاء الخزانات الأسرية والوطنية والأجنبية، استغرقت جولاتها طوال المدة من سنة 1973، ولا زالت بحمد الله مفتوحة إلى اللحظات الراهنة[14]. وأذكر أنني قضيت سنوات بالخزانة العامة والخزانة الحسنية، ولن أستثني المكتبة العامة بتطوان وطنجة المغربية منها والدور المكتبية الأجنبية بها قبل التوجه إلى مثيلاتها الإسبانية مما يطول الحديث عنه. وأقدر الآن أن الحصيلة التي تمت في آخر المطاف مهمة، على الرغم من كون العدد ما زال متواضعا، مقارنة مع الأعداد التي لا زالت أسيرة خزانات الأسر والأفراد، مما لا خير فيه لتاريخنا. وكل ما سيطرح هنا إلى نهاية التجربة هو نتيجة استغلال ذلك الرصيد في العناوين المذكورة لاحقا. ولن يستغن هذا الرصيد عن تجربة أخرى عدت لدي بدورها من فئة البراعم المذكورة، تخص جانب التحري الميداني وما يستدعيه من استحضار اللازم من الخرائط والتصاميم والصور.

6.ـ التحري الميداني

أقول عن تجارب البحث الميداني إنني مارستها اختيارا، من نافذة اعتباره القاسم المشترك بين مستويات التخصصات التاريخية[15]. بدت دلائل الاحتياج إليه أنها ستكون وسيلة تلافي العجز الدائم الذي يشكو منه تاريخ العصر الوسيط الإسلامي من شح النصوص وتفسيراتها. فإذا كان عمل الأركيولوجي مرتكزا على إبراز المعالم المادية باستخراجها من مراقدها الباطنية، وتقديمها في إطارها المكاني والزمني، وتحديد نمطها الحضاري، فإن تدخل الباحث الميداني في التاريخ سيقتصر جزما على مجرد النظر الراقب الفاحص، وأكثر ما يطلب منه هو مسح الموقع ودوره البارز فوق السطح. ارتكز الأخذ بهذه التجربة مع الشروع في إنجاز دبلوم الدراسات العليا، ثم عادت لتعم نجاعتها جميع أبحاثي حول تاريخ الريف الشرقي. ولم يسبق أن وضعت في الحسبان التأمل في طريقة التعامل مع الميدان الأثري، بل تركت الأمر لإيحاءات حب الاستطلاع، والحاجة الفورية المرادفة لعفوية التعامل اللحظي. والآن بعد المراجعة تبين لي بصفة إجمالية وعامة أنني اهتديت إلى تتبع مسطرة معينة، لا بأس من عرضها هنا وهي التالية:

أولها التزود المسبق بالمعطيات التاريخية عن الموقع الأثري، يعقبه الانتقال إلى عين المكان، والاكتفاء بالتجول بالعين المجردة والأيدي الفارغة باستثناء القلم والورق لتسجيل الظاهر من المواصفات الرئيسية. ويأتي بعد ذلك تحديد محيط الموقع والمرافق شكلا وقياسا وعددا، ثم الانغماس في مرحلة التصنيف والوصف، وأخيرا وضع الموقع في إطاره الزمني وسياقه التاريخي، بناء على المستمد من التحري والمستنتج من النصوص. وتشكل المرحلة التالية لزوم مقاربة نتائج التحري الميداني باستحضار ما توفر من الخرائط والرسوم والتصاميم المعاصرة والصور أيضا. وبالطبع فالعبرة هنا بالنتائج التي لا مناص من الحكم بكونها جزئية، لا تزيد عن مجرد اقتراح اختباري. تلك هي التجربة التي واجهتها في مختلف أبحاثي. وأول مثال عالجته هو ما يخص محيط مدينة مليلة خلال العصر الوسيط، بالمبادرة إلى إنجاز إطار خارجي للمدينة بناء على ما جاء على لسان ابن حوقل البغدادي الذي حل بالمغرب سنة 331هـ وما أدلى به أبو عبيد الله البكري في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري، وأخيرا الشريف الإدريسي في القرن السادس الهجري والحسن بن محمد الوزان في أواخر القرن العاشر الهجري[16].

إذ أن المصادر المذكورة أجمعت أن المدينة كانت مسورة بسور حجارة وبها قصبة، وهذا ما حاولت إظهاره في هذا الرسم متتبعا طبيعة واتجهات حافات الصخرة الكلسية التي رست عليها قاعدة التحصين[17]. وخارج ميدان مليلة نجد الأبحاث التي أجريت في جزيرة البحر الصغير بالمكان المعروف بفتق كبدانة، (الريستينكا). وخضع مجال مدينة غساسة لنفس الغاية للزيارة عدة مرات، لكن كلمة الحفريات الإسبانية سابقة فالاستفادة منها أولى، سيما القلعة (القلة) ومحيط المدينة والمرسى والجوار.

وما سبق ذكره عن المدن ينطبق أيضا عن الحصون والقلاع القائمة بجوار المراكز المحتلة. سأشير فقط إلى رسم توضيحي لقلعة تازوطا المرينية. والدعوة موجهة أيضا لفحص خرائب بقبيلة بني سعيد الريفية، بدءا من المعروف على العصر الموحدي بفرقة أمجاو للاطلاع على قلعة ومدينة ذكرهما الحسن بن محمد الوزان، وقد شملتهما نتائج التحري الميداني المنتهي بوضع تصميم لإطارهما العمراني.

سأختم هذه الفقرة مبينا أن التجربة علمتني اعتبار التحري الميداني خطوة ضرورية لتحقيق مواقع أعلام الجغرافية التاريخية وتصحيح النطق بها، حفاظا على الرصيد الحضاري الإقليمي والوطني. هذه الخطوة واجبة ومستعجلة فيما يخص الجهات المجاورة لمليلة المحتلة على الخصوص، وهو المجال الأكثر تضررا بوباء التشويه الملحق بالأسماء الحضارية. وما سيأتي هو الدخول في منطلق جولة جديدة سنسلط أضواءها الكاشفة عن الموضوعات التي عمتها الاستفادة من براعم التجربة المذكورة.

ثانيا: حصاد التجربة في المقاومة

هي بحوث تبطل المعروف من المتعاقد على أن موضوع المقاومة المغربية للوجود الأجنبي مقتصر على الفترة التاريخية المعاصرة. وحتى أمهد للموضوع تعمد تفتح نافذة الاطلاع على وضعية مليلة قبل الغزو الإسباني. أي من الإعلان عن تحرير مدينة روسادير من قبضة البيزنطيين واسترجاع اسمها الأصلي مليلت المحول معربا إلى مليلة، لتصبح في عهدها الزاهر حاضرة قلوع كرط وقاعدة الريف الشرقي قبل تخريبها سنة 447ه بمعاول جوهر الصقلي الفاطمي[18]، لتعيش طورا مديدا من الاختناق إلى حدث الغزو الإسباني سنة 903هـ/1497م.

1.ـ حصار الثلاثة قرون

ومنذ هذا الغزو أمكن الحديث عن تنصيب رباط مليلة أو رباط الكرمة المباركة مقدمة حراسة ومواجهة، شهد التاريخ بدوره إلى سنة 1280هـ/1863م. وكانت المقاومة قد استعادت سنة 1666 مع ميلاد الدولة العلوية على عهد المولى الرشيد والأمير المولى إسماعيل حيوية النشاط الجهادي القائم على قاعدة شعبية قديمة أسندت إلى جيش بطوية، ومخزنية جديدة ملحقة بمهام جيش عبيد البخاري. تلك الفترة هي التي نالت اهتمامي لنشر أخبارها الغارقة في سرد الوثائق الإسبانية خاصة، اخترت لها تقييما للوعي المناهض للوجود الأجنبي تم تسجيله في الأطاريح الخمس المنشورة عن المقاومة[19].

تتجسد المعضلة في تشبث وجود الإسبان بالصخرة الكلسية التي ترسو عليها قاعدة المدينة طوال ثلاثة قرون ونصف القرن بين سنة 903/1497 وسنة 1275/1859، وكانت النتيجة بقاء الإسبان محاصرين داخل حدود الأسوار، باستثناء الخرجات التي كانت توجه حتما وفي كل يوم غزوات رباط مليلة، إلى أن واتتهم مناسبة لفظ السلطان عبد الرحمن بن هشام أنفاسه الأخيرة سنة 1859، تاريخ عقد أول اتفاق لاغتصاب حوز مليلة الشاهد على النطاق الحدودي المعروف في الوقت الراهن. وهذا طرح كتاب “المقاومة المغربية للوجود الإسباني بمليلة المحتلة” (1497-1859)، الصادر سنة 1997.

2.ـ قصبة سلوان والدفاع عن الوحدة الترابية[20]

اخترت تاريخ ظهور قصبة سلوان عن قصد، إذ أن قيمتها متوقفة على بيان ظروف ودواعي إحداثها. ستهتم خلاصة التجربة بإبراز الدواعي التي تصب في مشروع ضخم تبناه السلطان المولى إسماعيل العلوي، من حيث اختيار الموقع، ورسم الهدف. والتحليل التاريخي يرغمنا على كون الهدف بمشروع استرجاع ثغر مليلة، وهو مشروع بعيد كل البعد عن أهداف إنشاء قصبات المغرب الشرقي التي كانت موجهة نحو الحد من وثبات الجيش العثماني بالجزائر[21]. والجديد في تاريخ مقاومة الوجود الإسباني منذ منتصف القرن الحادي عشر الهجري (17م) يمثله حضور الأمير العلوي المولى الرشيد وتدخله شخصيا في وضع المخطط. ويمكن الاطلاع على ذلك من خلال استقراء كتابات الأسير الفرنسي موئيط (Mouette) مدون تاريخ تنقلات الأمير العلوي بمنطقة الريف الشرقي قبل اعتلائه العرش[22]. ومن الأفضل الرجوع إلى ما جاء به تقييد القاضي أحمد بن محمد بن أبي القاسم بن القاضي الكعداوي السابق الذكر.

كل هذا يقر في نظرنا أن المولى الرشيد، هو الذي أوحى إلى أخيه المولى إسماعيل بضرورة مواصلة مشروع استرجاع مدينة مليلة، خلال السنوات الست الفاصلة بين تاريخ توليته وسنة 1090/1679، سنة تأسيس قصبة سلوان المشيدة بأرض أولاد علي بن ستوت المتجولين بسهب صبرة[23]، وفي مقدمة فرق الستوتيين أولاد شعيب المجاورون للقصبة، كانوا آنذاك في بداية الدولة العلوية من أقوى الفرق الستوتية[24].

وإذا أردنا التقدم في الاقتراحات وضعنا مسألة نهاية أشغال بناء قصبة سلوان بالإشارة إلى سنة 1096/1685 كنهاية لتلك الأشغال، وهو تاريخ قريب جدا من الإعلان عن انتهاء جمع عبيد البخاري سنة 1100/1689، وبالتالي الشروع في توزيعه. وعلى كل حال، ففي اعتقادنا، أن تعمير القصبة كان متزامنا لتولية الأمير محمد العالم بن المولى إسماعيل الخلافة بفاس وإقليمها المشتمل على الناحية الشرقية أيضا[25]، ومن ذلك المنصب ظهر أول مرة غازيا بميدان مليلة سنة 1106/1694، في وقت موافق لأمر والده القاضي ببدء حصار مدينة سبتة.

والتزامن بين حصار سبتة ومليلة، دليل مؤكد لحلول جيش العبيد بقصبة سلوان، ففي سنة 1110/1697 كان ما يزال بالميدان[26]. وبتتبع عمق الميدان الحربي يتضح أن الخطة كانت سنة 1695-1699 منسقة بين جيشي بطوية وعبيد البخاري، مجمعة على إحكام الحصار أولا، والبحث عن مسالك التغلب على حاجز الأبراج ثانيا، وفي استعراض بعض التصاميم الحربية المقابلة كفاية.

حصار 3 فبراير 1699 (2 شعبان 1110)

حصار 1 ديسمبر 1695 (13 ربيع الثاني 1106هـ)

حصار 1127/1715

 

حصار 3 فبراير 1699 (2 شعبان 1110)               حصار 1 ديسمبر 1695                           حصار 1127/1715

(13 ربيع الثاني 1106هـ)

3.ـ حصار الثلاثة أشهر

محاولة جديدة تدخل في حرص الدولة العلوية على استعادة ثغوره عاد إليها السلطان محمد بن عبد الله بمشروع ابتدأ بمعاينته الشخصية لميدان مليلة سنوات 1759-1765- 1766[27] تلاها عقد الاتفاقيات التجارية للحصول على الأموال والعتاد الحربي المدفعي قبل الإعلان عن حصار مليلة في اللحظات الأخيرة يوم 9 ديسمبر 1774 ليستمر الحصار إلى غاية 16 مارس السنة الموالية. هذا هو موضوع كتاب “سيدي محمد بن عبد الله وقضية مليلة المحتلة من خلال يوميات خوان كاباييرو (1774-1775)” المطبوع سنة 1996.

4.ـ قصبة فرخانة وريثة رباط الكرمة

نريد القصبة التي ورثت مكانة رباط مليلة المخرب من طرف الإسبان سنة 1863، ولا شك أن الداعي لتأسيس القصبة،  فرض على السلطان محمد بن عبد الرحمن البحث عن موقع آخر جديد لبناء قصبة لأغراض مخزنية استلزمتها مراعاة بنود الاتفاق[28]. و نعلم أن القصبة كانت قائمة الذات سنة 1291/1874 تؤدي وظيفتها التي أوجدت من أجلها. كان اختيار الموضع مراعيا لبنود الاتفاقية الخاصة بالتوسعة المطلوب تنفيذها، موضعها نقطة اتصال بين خمسي مزوجة وبني شكر قرب ضريح سيدي ورياش. تمكنا في زيارة أخيرة التجول بمحيط القصبة والتقاط صور تبين من خلالها رسم العمران الخارجي، تبرز المعالم المتبقاة من القصبة في مساحة قطعة مستطيلة الشكل، طولها من الشرق إلى الغرب نحو مائة متر وعرضها ثمانون مترا، مما سمح لنا بتكوين فكرة عن الأسوار والتحصينات. أما معرفة المرافق الداخلية  فالمعول عما أظهرته لنا الوثائق المخزنية.

5.ـ حركة شريف زاوية أزغنغان

وكان من واجبي أيضا استيفاء حق حركة الشريف محمد أمزيان، المتصدي للزحف الإسباني المعاصر، والحرص على توضيح الكثير من شهادات وعيه الوطني، رجاء الكشف عن القوة الكامنة التي كانت وراء الكفاح المسلح المرافق لاجتماع صفتي الرياسة الدينية والزعامة الحربية، من مثل اكتشاف غيرة الشريف على سلامة الوحدة الوطنية، سواء من خطورة ثورة الجيلالي بوحمارة، أو من زحف الجيش الإسباني على تراب الريف الشرقي. هذا مضمون كتاب “الشريف محمد أمزيان، شهيد الوعي الوطني” الصادر سنة 2008.

6.ـ أطلس في الجغرافية التاريخية

ولمؤلف “أطلس الريف الشرقي، مباحث في الجغرافية التاريخية” غاية مرسومة في اتجاه خدمة المحافظة على التراث المعماري الاستعماري. ومن هذا الرصيد استخرجت عدة موضوعات تاريخية، منها ما يمثل أزمة تاريخنا بسبب ما قاسى من جراء اغتصاب التراب الوطني، ثم ما ترتب عن ذلك من المضاعفات والوقوع في قبضة نظام الحماية. طبع الكتاب سنة 2014.

7.ـ الزاوية القادرية الشكرية ذاكرة الرصيد التاريخي والتراث الثقافي

على الرغم من دواعي تأليف هذا الكتاب لكشف الستار عن تراث حضاري ثمين حتم زرع بذور الثقة في السرد التاريخي، فإن أكبر فصوله قد أفردت لمسألة الوجود الإسباني بمليلة منذ سنة 1850 للمشاركة بالمحاربين، وفي تنظيم المجال وجلب السلاح وتوزيعه، سعيا لتدعيم مواجهة عمليات اغتصاب تراب حوز المدينة، مما جر أخيرا لإشعال نيران حرب سيدي ورياش ما بين 1890-1893حررت في 120 صفحة. طبع الكتاب سنة 2018.

8.ـ التعريف بالمقاومة في المحافل الثقافية

أشير كمقدمة إلى كون الشمال الشرقي المغربي محق باعتباره سجلا ناطقا بدلائل النضال المعارضة لجميع أنواع اغتصــــاب التراب المغربي، وهذا لا صدى له بالمحافل الثقافية الوطنية، وقدر لمشاركة تاريخ الريف الشرقي أن توجه الاهتمام في اتجاه تلافي ندرة التواصل الثقافي الكائن إلى ذلك الوقت. وهذا هو ما طبق أيضا بغزو أعمدة المجلات الثقافية. وبطريقة موازية لما استعرض سابقا[29] درست أوضاع الثغور المحتلة على عهد السلطان محمد بن عبد الرحمن (1859-1873)[30]، وما ظهر على عهد نجله المولى الحسن وألزم تباعا شرح الأزمة المترتبة عن الوجود الأجنبي على عهد المولى عبد العزيز، مما أدى في الأخير إلى قيام حركة الشريف محمد أمزيان. وتتابعت ذيول البحث لفتح باب حركة محمد بن عبد الكريم الخطابي بإطلالة حول معالم انتصار أنوال[31].

ثالثا: بحث عن المراكز التعليمية والتربية الصوفية

يحتل موضوع البحث في مسألة التعليم والتربية الصوفية مكانة كبرى في هذه التجربة لكونهما معدودين من أصالة ثقافة بلادنا منذ الفتح الإسلامي. لدينا من أجل البيان والتوضيح إفادات العناوين التالية.

1.ـ رابطة سيدي صالح ميلاد التوعية الإسلامية

سأستحضر في هذا الاستهلال المثال المتعلق بنتيجة حلول فقيه عربي بتمسمان، حوالي سنة 90هـ، قيل إنه مشهور بالعبد الصالح، واسمه صالح بن منصور الحميري اليمني. تمثلت النتيجة في الإعلان عن ظهور أول رباط إسلامي عرفه تراب الريف الشرقي. استقر صالح أولا بجبل أبي الحسن (ربما حاليا جبل القامة)، ليشرع في أولى عمليات التوعية بالثقافة الإسلامية، ترجمت نتيجتها خلال مدة 41 سنة، باستيعاب القواعد الإسلامية الأساسية وهي نتيجة أولى[32]. شكل مشروع صالح إلى وفاته سنة 132هـ النواة لما تحقق خلال إمارة خلفائه من أبنائه وحفدته من نجاح الغاية التي قدم من أجلها في البداية.

2.ـ عصر التصوف العلمي

وهناك خاصية أخرى مميزة للتصوف الريفي نستخرجها من التجول عبر العصور، بدءا من عصر إمارة النكور إلى الفترة التي مددنا الحديث عنها إلى نهاية القرن الثاني عشر الهجري، بكون تصوف الريف الشرقي بدأ سنيا، معتمدا على التفقه في العلوم الشرعية، المرتبطة بالمذهب المالكي، وأخيرا بقاء الميزة في نطاق الوسط البدوي، طبق الصورة التي لخصها عبد الرحمن بن خلدون[33]. ويبدو، مما لا عجب في ذلك، أولا أن الجانب العلمي في ريفه الشرقي قد تخطى خطوة موازية لما نهجه أقطاب التصوف في نواحي أخرى من الوطن، فهم من خريجي الجوامع العليا بقرطبة وفاس وتلمسان، وإلى كونهم ثانيا، من حاملي الإجازات، أخذا عن مشاهير المربين. كما أنهم ثالثا، نصبوا أنفسهم ومواهبهم ببلد إقامتهم علماء وفقهاء ومدرسين ومربين، نعدهم بفضل ذلك من مؤسسي المدارس بأمكنة انتماءاتهم. وأخيرا، ممن قضوا الجزء الأخير من حياتهم في نشر الثقافة الدينية ورفع علم التربية الصوفية.

وإلى حد القرن السادس الهجري على سبيل التوضيح كانت قبيلة بني توزين قد نالت حصة الأسد باحتضان معهد إيارمواس الشهير، وقبيلة تمسمان بظهور معهد تيغلال، وبني سعيد بتأسيس مركز رباط النور. وانضمت إلى تلك المراكز معاهدأخرى بوردان بني أوليشك في أواخر القرن العاشر ومعهد تيزي عدنيت ببني سعيد في أواخر القرن العاشر الهجري. وإليك بعض التفاصيل المستحقة عن معهد بني توزين.

3.ـ معهد إيرمواس[34]

دل استثمار ما أفادت به المصادر التاريخية أن هناك حقيقة مميزة لتسلسل الأحداث والظروف المحافظة على مؤسسات التعليم الأولي. لكن انبهارنا  كبير حينما نعلم أنه بلد مراكز المرحلة التعليمية الوسطى، واعتبارها منذ سنة 554ه وسيلة التأهيل الأساسية لولوج الدراسات العليا بقرطبة والقرويين وتلمسان. وأبلغ خبر عن المعهد تلخصه سنة 1892 (1310هـ) وصل إلينا من معاينة مخبر أوغست مولييراس السائح محمد بن الطيب، إذ كان من أهم ما لاحظه مساحة المسجد الواسعة، وكونه جامعة صغيرة يتعلم الطلاب فيه مادة الحساب، ويعيش بداخله خمسون طالبا أجنبيا مقيمين[35]. ولدينا شهادة أخرى مستخرجة من الوثائق المخزنية تشهد أن التوزاني، الحسين بن أحمد المعروف بـ”ترينت”، كان من خريجي المعهد وممن حظي سنة 1301/1884م بظهير السلطان المولى الحسن عين بموجبه قاضي قبيلة بني توزين[36]، وكان القائم سنة 1307/1889 بإدارة شؤونه هو المسمى محمد بن علال (التوزاني)[37]. ويكشف البحث التاريخي عن الحقيقة المذهلة المعلنة عن مداومة الدراسة بالمعهد خلال سبعة قرون[38]، إذا أدمجنا من جهة أخرى المعروف عن  الحضور الماواسي بدرجة العالمية المعلن عنها برتبة مدرس، وصاحب كرسي بجامع القرويين ومسجد الأندلس والمدارس الملحقة بهما[39]. ويشمل حضور المواسيين المشاركين في حركة التأليف[40] والإفتاء والقضاء والخطابة[41]، وبالانتقال إلى تلمسان نجد كفاءات إيارمواسية مماثلة[42]

4.ـ رابطة قرية تيغلال

وعودة إلى محاولة تقريب تاريخ ظهور معهد إيارمواس يقودنا البحث إلى التأمل في أهمية معهد أبي داوود مزاحم التمسماني الذي كان إشعاع علمه عاما بالمنطقة الريفية خلال النصف الثاني من القرن السادس الهجري. وتتبع مراحل تكوين عالمها يشير إلى التحاقه بالأندلس، ثم بجامع القرويين للدراسة على محمد الدقاق، أشهر علماء التصوف في وقته[43]. تلك هي الاعتبارات هي التي سمحت لنا بالاعتقاد أن أبا داود كان بمدشر إفلاس قبل عام 561هـ. على استعداد لإحداث رابطة التحصيل العلمي والتربية الصوفية المشهورة باسمه[44]. وليس هناك أي صعوبة لاكتشاف طريقة الشيخ أبي داود، فهي بعد التفقه في العلوم الشرعية قائمة على نيل أكبر قدر من سمات الصلاح، بواسطة إعطاء الأهمية للدراسة والتفقه في الدين، والمداومة على ممارسة الشعائر، إلى الزهد في مباهج الدنيا، وتقديم الخدمات الاجتماعية.

وإذا أردنا الاطلاع على نتائج مدرسة رابطة تيغلال، وجب تقييم آثارها الماثلة في سلوك مجموعة مهمة من التلاميذ الذين استحقوا تحلية الصالح والمتعبد والزاهد والمجد والفاضل، وهي مرحلة ما قبل ظهور الزاوية مكان الرابطة.  ويمكن القيام بإطلالة على بعض مواقع انتشار فروع رابطة تيغلال بالتحول إلى تجمع صوفي نشأ بقبيلة بني أوليشك، سمى بتازروت بني عيسى. حيث روضة الولي سيدي إبراهيم، الظاهر سنة 1027هـ[45]. ونعرف من صلحاء تازروت خلال الفترة ثلاثة من الزهاد، أحدهم المسمى إسماعيل بن سيد الناس، المحتفظ لمدرسته برداء الزهد والعبادة[46].

5.ـ رابطة حجرة النور

وفي بني سعيد أحدثت رابطة حجرة النور المسماة هكذا في شجرة أسرة العالم المتصوف عمر بن محمد بن أحمد المكنى بالراسي، نسبة إلى مكان استقراره بجوار رأس أو منبع واد الدفلة، رافد واد البعاج. وما استفدناه من قراءة شجرة الأسرة أن المرابط العالم الزاهد حط به رحله خلال القرن السابع الهجري في وقت مواز أو قريب من معهد إيامواسوتيغلال، آتيا من فجيج برفقة أخويه، يوجد ضريحه بكدية مشرفة من علو 600م. يسار الطريق المتجه من قرية تاحيذوست شرقا نحو إسومار وإزناتن مما يلي الغرب. وعن شخصية الشيخ عمر بن محمد ذكر أنه كانم تفقها في جميع العلوم، يقصده الناس لدراسةالعلوم والحديث وتفسير القرآن، إلى أن أدركته الوفاة. وهناك ترك ولديه علي وأحمد الحريصين على نشر علمه، ومنهما تناسلت الأسرة الراسية التي سينحدر منها الراسيون المؤسسون لمعهد مجاور باسم تيزي عدنيت[47]. وهو الذي تحول في القرن 11 هـ 17م إلى  زاوية زيزاوة أو زكزاوة[48].

ويفضي بنا  سبب تحول الكنية إلى زكزاوة لاختيار شيوخها اللون الأخضر المفضل في لباسهم، تيمنا بالبرنوس الأخضـــر الــذي كـــان اللباس المفضل لجــدهم عـمـر بن محمد الراسي. وأقدم وثيقة نعتمد عليها لتسجيل ظهور الأسرة الزيزاوية بالقبيلة هي المؤرخة بيوم 10 ذي القعدة عام  1015/ 9 مارس 1607 في أواخر العهد السعدي، كما توصلنا إلى وثيقة على عهد المولى إسماعيل بتاريخ 22 صفر 1118/5 يونيه 1706[49].

6.ـ وردان بني أوليشك رائدة التربية الصوفية[50]

أعني بهذا المركز العلمي الشهير في التعليم والتربية الصوفية ما برز بقرية وردان بني أوليشك على يد  الحاج يحيى الورداني. والواقع أن الزيارة التي قمنا بها قد وسعت مداركنا عن البيئة التي عاش بها[51]. لدينا عنه أخبار أمدتنا بها أربعة مصادر: أولها ما ذكره عبد الرحمن التادلي الصومعي، من أهل أواخر القرن التاسع الهجري، المعاصر للحاج يحيى الورداني في كتابه “التشوف في رجال السادات أهل التصوف”، عرفنا بأوليات نسبه قائلا: ” يحيى بن علي بن موسى بن أبي بكر الصحراوي الفجيجي بساحل البحر من بطوية”[52]. وثاني المصدرين هو كتاب وصف إفريقيا للحسن بن محمد الوزان، من معاصري شيخ وردان، ولو لم يذكر لنا اسمه، ولكنه أفادنا بكونه “العالم والخطيب المشهور بوردان”[53]. والمصدر الثالث هو تقييد لمجهول يعود إلى سنة 939هـ/1531، يفيد التعريف بوردان بني أوليشك والتجمعات المحيطة بالقرية من العلميين المهاجرين إليها خاصة[54]. وأخيرا تحدث المصدر الرابع عن القطب الصوفي الإمام القدوة الحاج يحيى الورداني، كما سماه الفقيه المصنف عيسى البطوئي في مؤلفه “مطلب الفوز والفلاح في آداب طريق أهل الفضل والصلاح”، وهو من أحياء آخر القرن 10ه والنصف الأول الموالي له بقبيلة بني سعيد[55].

وفيما يخص دور الشيخ الورداني وجدنا التطابق بين المعلن عن قطبانيته، وكان عيسى البطوئي يعرف أحد أنجاله المسمى عمر بن يحيى، طالب مسجد تيزي عدنيت. ونستطيع الآن مع استحضار مكانة الشيخ يحيى الورداني العلمية أن نقول إنه متزعم المركز الديني بقرية وردان، فغدا خطيب مسجد أولاد عبد السلام وعالمه المحدث والواعظ والمدرس به، وأصبح مركز وردان مشهورا بوصول ساعده الأيمن تلميذه الفقيه المدرس أحمد بن عبد الله المديني البطوئي، خريج جامع القرويين[56]. وعـن الشيخ يحيى وأحمد المديني تخـرج عـدد مـن شـيـوخ الـتـعـلـيـم البطوئيين المنتمين لمختلف قبائل الريف الشرقي، لا سيما من بني سعيد[57]. اشتهر مسجده بتدريس علوم اللغة العربية وتلقين الفقه والتصوف، وبه تكون بعض الراسيين، فغدابعض علمائه نواة  التدريس بمسجد تيزي عدنيت.

ونركز على إشارة عيسى البطوئي المفيدة بوضع الحاج يحيى أسس طريقة صوفية ذاع صيتها ببطوية كلها، وهي المعنية من طرف عيسى البطوئي بترك المديني تقييدا ملخصا طريقة شيخه يحيى الورداني. وقد اطلع البطوئي على التقييد فقدم لنا خلاصة تبين من خلالها أن عددا من المريدين كانوا يعرفون بمجرد الانتماء إليها “بالفقراء”، ويتم هذا الانتماء بأخذ “السبحة” وحفظ الأذكار وتعلم “الضيافة” و”المصافحة” ولبس “الخرقة”[58]. وهذا توضيح لانتقال رئاسة التجمع الديني الورداني في مستهل القرن العاشر الهجري (16 ميلادي) من مجرد رباط إلى زاوية، مثلما ظهر في جهات أخرى وعلى قاعدة الطريقة القادرية البغدادية الظاهرة بتلمسان على يد الشيخ أبي مدين الغوث الأنصاري المتوفى سنة 594ه[59].

7.ـ مركز التصوف ببني بويعقوب

يقع المدشر بالكدية الواقعة بين واد أمقران، المدعو هناك واد الجماعة وبين واد العرصة رافده. وبنو بويعقوب أسرة علم وتصوف وصلاح، ضريح جدهم بمغراوة، ثبت استقرارهم بتمسمان وظهور زاويتهم في أواخر القرن العاشر الهجري نسبت إلى جدهم يوسف بن بويعقوب الحسني[60]، ومنهم على عهد المولى إسماعيل العلوي الفقيه العلامة الناسك محمد بن عبد الرحمن[61]. وهناك ظهير بتاريخ 22 رجب 1163 (27 يونيو 1750)، على عهد المولى عبد الله بن إسماعيل[62]. وسنحتفظ للشيخ الناسك أحمد بن عبد الرحمن بن محمد البويعقوبي بتحلية العابد العلامة. نشأ ببني بويعقوب وقرأ بمسجده القراءات السبع، ثم انتقل إلى فاس لملازمة القرويين، وبها أخذ التصوف عن عبد السلام أهرار السعيدي اقتداء بمسيرة أسلافه. ولا يزال المسجد وقبة يوسف بن بويعقوب قائمين إلى اليوم، سبق أن شاهدهما رولان فريجوس، سفير ملك فرنسا لويس الرابع عشر، يوم 15  شوال 1076/20 أبريل 1666، المبعوث لملاقاة المولى الرشيد[63].

رابعا: أولاد القاضي بالريف الشرقي

لا نعني بأولاد القاضي المدرجين ضمن مرصد المراكز التعليمية والتربية الصوفية سوى الأسر التي استأثرت بشهرة إرث لقب القاضي. سأطرح القليل المعرف بوجود جماعاتهم من خلال ما سقط بيدي من وثائق الأسر العالمة، ومن قراءة الظهائر السلطانية وعقود الأنساب.

1.ـ بأجدير تمسمان[64]

ما وقفت عليه أن تاريخ تأسيس أسرة أولاد القاضي بالقبيلة التمسمانية عائد إلى العصر المريني، على يد المرابط العلامة عبد الوهاب بن موسى الصنهاجي، كان حيا خلال النصف الأول من القرن الثامن الهجري. وتاريخ ظهور شهرة القاضي يمكن رده إلى ذي القعدة من سنة 701هـ بظهير السلطان المريني عبد العزيز[65]، تلاه ظهير آخر يعود إلى سنة 703[66] ثم ظهير يعقوب بن عبد الحق المريني بتاريخ 24 صفر 712هـ[67]. ورسمه إلى جانب الشهود وتوقيعه بتاريخ ربيع الثاني عام 731هـ. يدل على بقائه على قيد الحياة، وهو ما نستنتجه أيضا من ظهير بتاريخ 24 شعبان 743هـ لأبي سعيد بن يوسف يعقوب المريني. وما يزال عقب القاضي عبد الوهاب معروفامحليا، وما يأتي من الظهائر بعد السنة الأخيرة خاص بولديه إبراهيم وعلي[68]. وعلى نهج الاعتناء بالقضاء دأب ملوك الدولة العلوية، فأغلب الظهائر الإسماعيلية متصل بأوامر حفظ وقار أسر أحفاده المشاركين في الجيش الريفي مع حدو الحمامي التمسماني[69]. وسيتيح البحث التعرف خلال عهد المولى عبد الله بن إسماعيل على القاضي محمد التمسماني[70]،  ونضيف إلى ذلك نص ظهيرين في نفس المعنى والتنويه سنة 1151/1738بذرية الفقيه عبد الوهاب[71].

ولم يتيسر من جهة أخرى العثور على ظهائر السلطان سيدي محمد بن عبد الله، رغم أنه قطع سنة 1759 مسافة منطقة الريف كلها من سبتة إلى مليلة مع مروره أو اقترابه بتمسمان[72]. أما بالنسبة لعهد المولى عبد الرحمن بن هشام فقد صدر قبيل معركة إيسلي ظهير بتاريخ 1 محرم عام 1259/1 فبراير 1843 لصالح أولاده.

2.ـ ببني سعيد

نعرف بقبيلة بني سعيد من أولاد القاضي ثلاث أسر، اثنتان بفرقة أمجاو وواحدة بالكعدة الحمراء الداخلة في فرقة أولاد عبد الدايم. يتمثل انتماء دار قضاة أمجاو في أسرتي الفقيهين العالمين عبد الجبار ونظيره الفقيه عبد الجليل. والمميز بالنسبة لدار عبد الجبار من الوجهة العلمية هو المستنتج من وجود معهد منسوب إليه، بينما اشتهر قضاة أولاد عبد الجليل المقيمين بجوار عين كرموس، بإيار إسري[73] برد أصل أجدادهم إلى المرابط عيسى أمناد الأندلسي، صاحب الضريح الكائن بربوة مشرفة على ساحل البحر المتوسط يسار مصب واد كرط، قيل إن جدهم كان قاضيا وخطيبا بمدينة غساسة المرينية قبل سنة912ه/1506، سنة الاحتلال الإسباني للمدينة. ويمكن الاطمئنان إلى رواية تقييد المجهول لكونه معاصرا لانتقال الأسرة من غساسة بني بوكافر إلى كعدة بني سيدال[74].

وتشمل الجولة التالية لهذا المرصد أسرة أولاد القاضي المستقرة ببني سعيد بالكعدة الحمراء استأثرت بمنصب القضاء منذ الثلث الأخير من القرن الحادي عشر الهجري. هاجرت الأسرة من جبل بزيدور الكائن بالحوز التلمساني، فاستقرت بفرقة أولاد عبد الدايم غرب الكعدة الحمراء بجوار مركز دار الكبداني الحالي[75].  كما اشتهرت الأسرة بأولاد القاضي منصور، المعين بمنصب قاضي القضاة على قبيلة بني سعيد كلها، وهو على صلة بنسب جده أبي بكر عتيق، مثله مثل أبناء عمومته القاطنين بالجبل المذكور[76].

نعرف اسم أحد أحفاده هو الحسن بن أحمد بن الحسن، ومنه سنقترح أن القاضي منصور من أحياء الثلث الأخير من القرن 11هـ/17م. وظهرت الأسرة بمناسبة حماية السلطان للمجاهدين القاضويين المشاركين في الجيش الريفي. وأولى الرسائل المخزنية تحمل تاريخ 21 صفر 1089/14 أبريل 1678. وقد تسبب اختفاء الظهائر الصادرة من ديوان السلطان محمد بن عبد الله في غياب الأخبار عنهم، باستثناء ما جاء في نسخة تقييد كانت بيد المرحوم رئيس الاستئناف الشرعي بالناظور القاضي شعيب القضاوي الإدريسي، وهي بتاريخ 3 جمادى الثانية 1172/1 فبراير1759[77].

3.ـ بكعدة بني فكلان ببني سيدال

وقريبا من تاريخ هذا الظهير وقفنا على رسم مماثل المضمون، مؤرخ بيوم 3 جمادى الثانية عام 1192/7 يوليو 1778، يرغم على التحول إلى جماعة أولاد القاضي أو القضيا ببني سيدال لنعرف بأسرتين، الأولى بكعدة بني فكلان، والثانية بجواوة واد كرط، أو بني سيدال الوطأ. ويرجح تقييد سنة 939ه لمجهول أن أولاد القاضي المستقرين بكعدة بني فكلان السيدالية هم إخوة الذين ببني سعيد بفرقة أمجاو من نسب المرابط عيسى أمناد الأندلسي مثلما سلفت الإشارة، ولا محيد لنا عن الأخذ برواية تفيد أن استقرار الأسرة كان على عهد الدولة المرينية وعلاقتها بقضاء مدينة غساسة، في مستهل القرن السابع الهجري (13م). ويمكن ترجيح الانتقال من غساسة إلى الكعدة الحمراء إثر احتلال الإسبان للمدينة سنة 912هـ/ 1506م[78]. وهناك تسلسل نسب آخر يبدأ من القرن السابع الهجري إلى أواخر الحادي عشر (أواخر 17م)، قدرناه على الأقل بتسلسل ثمانية أجداد، نستخرج منه من اسمه القاضي منصور السيدالي، وهو بن محمد بن أحمد الكعداوي، فقيه وعلامة، على عهد  السلطان سيدي محمد بن عبد الله[79]. وفي النصف الأول من القرن الثالث عشر الهجري (19م)،  كان منهم محمد بن الفقيه عمر بن محمد بن القاضي القضاوي[80].

4.ـ بجواوة واد كرط[81]

ومرة أخرى يظهر اسم منصور القاضي وأنجاله، لكن بنسب آخر يعود إلى حفدة الولي منصور بن المرابط شعيب المفتاح دفين بني بويدير تمسمان. لدينا عدة أحكام قضائية يعود أقدمها إلى تاريخ رجب 1045هـ ، تلاه تقييد رمضان 1145هـ . وتقييد بتاريخ 20 ربيع النبوي عام 1151هـ.

خامسا: تراجم الأعلام المعاصرين

يعتمد نجاح تحرير موضوع عن أعلام الريف الشرقي على العلاقات الوطيدة بالوسط الاجتماعي، غير أن الاهتداء إلى مفاتيح باب الولوج إلى الخزانة العائلية ظل على الدوام مستحيلا أو مشوبا بالحرج وألوان من التسويفات اللانهائية، مما يدل على إسقاط الثقة عن كل من يروم خدمة الثقافة التاريخية من جهة، ولكن من جهة أخرى يوحي بنتيجة غير منطقية يفهم منها أن الريف الشرقي خال من رجاله المثقفين والعلماء. وتجربتي الأولى هي المتعلقة بإصدار كتاب “عن الفقيه القاضي حمو الشكري (البنيحياتي) قاضيا ومدرسا نتيجة تكرم الأسرة ببذل الجهود لجمع المتناثر من وثائقها[82]. وهناك تراجم أخرى تم إنجازها وبقيت بدون نشر، مثل ترجمة المناضل الوطني عمر علال البويفروري، وظهرت أخيرا ترجمة القاضي امحمد (حمو) بن أحمد الشهيد القادري أخيرا ضمن منشورات المجلس المحلي بادريوش. وكتابة مجموعة أخرى من التراجم جارية، مثل تأليف عن الأسرة الفكيكية بالناظور وشيخها عبد القادر بن محمد الفكيكي الممثل لفرع زاوية ما العينين بالريف الشرقي. وستبقى تحت الطلب ترجمة القاضي العربي بن محمد الورياشي والكثير من قضاة المنطقة غيره.

سادسا: مؤلفات لم تعرف الطريق إلى الطبع

أتيح لي منذ الالتحاق بمديرية الوثائق الملكية تحت إشراف المرحوم عبد الوهاب بنمنصور، نشر كتابين اثنين بالمطبعة الملكية، وآنذاك كانت تحت يدي مسودات مؤلفات أخرى تالية لم تتح لها فرصة الظهور في الوسط الثقافي، وهي:

1.ـ قصبة جنادة بفرخانة: جرد تاريخي للقصبة يدرس مهد ظهورها على عهد السلطان محمد بن عبد الرحمن العلوي لتصبح وظيفتها مرتبطة من الوجهة الإدارية بمقر دار المخزن، برئاسةآغا أو باشا. ويرافق ذلك سرد تاريخها المعاني من اختلال الوضع العسكري والتذبذب الاقتصادي المرير، إلى أن اختفت سنة 1912. والكتاب مؤلف من ستة أقسام جاهزة للطبع، محفظة في قرص باسم جنادة.

2.ـ فرع من أولاد حمامة بغزة فلسطين: أولاد حمامة معروفون بقبيلة تمسمان منذ القرن الرابع الهجري، ينتمون إلى جدهم الشيخ  عبد الرحمن التيارتي، صاحب تاقدمت الغرب الجزائري. ويستمر النسب بذرية نجله محمد الثاني المغتال بفاس، بعد أن خلف ولدا من عشرين يوما، خرجت به الجارية حمامة خوفا عليه  إلى تمسمان[83]. ويظهر أن محمد الحمامي استقر أخيرا بفرقة بني مرغنين حيث نشأ واشتهر أمره[84]. زرت المكان يوم الخميس 31 يوليو من سنة 1975 فوقفت على ضريحه، وعدت إلى زيارته يوم 28 مايو 2012 للتزود بالجديد والتقاط الصور. وتبدأ قصة التعرف على وجود أسرة من ذريته في غزة فلسطين بحي التفاح، معروفة هناك بكنية الريفي، تعود إلى ما أخبرني به حسن الريفي عن الجد المؤسس هناك المدعو علي بن عبد الصادق الريفي، المهاجر إليها في آخر القرن الثامن عشر أو بداية الموالي له. وقد تحقق نسب الأسرة الفلسطينية بما لدي من الوثائق المخزنية من الجانب المغربي، وبما أثبتته هوية الأسرة الفسطينية بالوثائق المتوفرة لدى أعضاء الأسرة، مؤيدة بالموثق من المستندات الإدارية. ومن الجميع اكتمل الكتيب بحوالي مائة صفحة.

3.ـ فهرس الوثائق الإسبانية: الكتاب جاهز للطبع منذ سنة 2003. اعتمد العمل على الوثائق الإسبانية المحفوظة في الأرشيفات المركزية، بدءا من الخزانة الوطنية بمدريد والأرشيف التاريخي الوطني والأرشيف العام بسمنكاس والأرشيف العام الإداري بمدريد. وتبلغ صفحات الكتاب 349 صفحة. تبدأ الفهرسة موزعة حسب السنوات بدءا من سنة 1414 إلى سنة 1911. وكل المعلومات موزعة على خانات معلمة بتاريخ الوثيقة مع المرسل والمرسل إليه ومصدر الوثيقة ورقم الملف ورمزه، وأخيرا موضوع الوثيقة.

4.ـ مجموعة أعمال حسن الفكيكي:  كان لا بد من التفكير في جمع نصوص البحوث المنشورة المشارك بها في الندوات الموسمية والمجلات الوطنية خلال مدة 34 سنة (1984 – 2018)، والغاية من هذا تبدو من جمع 66 بحثا وحصر الجميع في مجلدين.

5.ـ مدخل إلى موسوعة الريف الشرقي: من المشاريع المنتظرة المهمة، سيعرف إحداثها المعهود من قوائم الأعلام البشرية والجغرافية والحضارية والإدارية والاجتماعية والاقتصادية والفنية وغيرها. وهو مشروع يحتاج إلى تضافر عدة أقلام على النطاقين الجهوي والوطني. وما أنجز من المشروع الحاضر لم يخرج عن جهد فردي بلغ إلى الآن ثمان مجلدات، بتقدير 300 صفحة لكل مجلد، والعمل بحول الله جار لإتمام أكبر قدر من مواده.

وحمدا لله تعالى وتبارك على ما وهبني من الصحة وراحة البال لخدمة الواجب الوطني المرتبط بتخصصي في التاريخ عموما وتاريخ الريف الشرقي خاصة

ملحوظة:

تجدر الإشارة إلى أن مداخلة الدكتور حسن الفكيكي موجودة في كتاب”شرق بلاد الريف في التاريخ والآثار والمعمار: تقاطع الأنظار في تنوع وثقافة بلاد الريف”، الذي تم طبعه وتوزيعه في المؤتمر الدولي بالناظور.

[1] هما الأخوان محمد وميمون الكبدانيان.

[2] الأستاذ ضون إرنستو Don Ernesto

[3] غيرت العنوان عند المراجعة فأصبح بصيغة: “المقاومة المغربية للوجود الإسباني بمليلة المحتلة 1497-1859.

[4] وصف إفريقيا، ترجمة محمد حجي ومحمد الأخضر، الطبعة الثانية، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1983،  1/340-346.

[5] المكتبة الوطنية قسم الوثائق.

[6] يريد قبيلة قلعية.

[7] يقصد قبائل الريف الساحلي من واد كرط إلى واد النكور: بني سعيد وبني أوليشك وتمسمان ونافرسيت وبني توزين.

[8] أمدتني الأسرة القضاوية بواسطة المحامي الحسين القمري عددا لا يستهان به من وثائق الأسرة.

[9] وظفت مضامين تلك الغزوات في الأطروحة الأولى بعنوان جهاد الأبراج في كتاب المقاومة المغربية للوجود الإسباني بمليلة المحتلة (1497-1859)، الدار البيضاء 1997، ص. 205.

[10]  عد إلى أطروحتنا المقاومة المغربية للوجود الإسباني بمليلة المحتلة للاطلاع على محاولات المرينيين والوطاسيين والسعديين.

[11]  يبدو أن النسخة قد آلت أخيرا إلى المكتبة الكتانية لمالكها عبد الحي الكتاني، منها انتقلت إلى الخزانة العامة بالرباط مبتورة الأول.

[12]  درجنا في هذا الكتاب نماذج من موضوعات  مطلب الفوز والفلاح مقتبسة من نسختي الخزانة العامة ونظيرتها الحسنية.

[13]  أقبل ثلاثة من الطلبة الباحثين على تحقيق ما ظهر من فصوله، فازت بأولى المحاولات الدكتورة ربيعة خباش التوزانية.

[14] بالرباط بخزانتي الحسنية ومديرية الوثائق الملكية ومن المكتبة الوطنية، وكذا من مدن تطوان وسبتة ومليلة ومن مختلف الخزانات الأسرية، وكذا من الخزانات الإسبانية بمدريد وسمنكاس ومن الجريدة الرسمية للمنطقة الخليفية، والجرائد اليومية الإسبانية والفرنسية، ومن المجاميع الوثائقية المخطوطة والمطبوعة.

[15] اطلعت على مجموعات الاكتشافات الجارية في بني بويحيي بسهب كرواو.

[16] وراء ذلك إنجاز بحث عن المدينة قبل الغزو الإسباني بعنوان: مليلة حاضرة قلوع كرط ، مجلة دار النيابة، طنجة 1985، عدد 7 سنة 1986.

[17] عد إلى يقية الوصف المقيد بكتابنا “المقاومة المغربية للوجود الإسباني بمليلة المحتلة ص. 76.

[18] مجلة دار النيابة، طنجة 1985، عدد 7 سنة 1986.

[19] درس افتتاحي المنظم في ذكرى ثورة الملك والشعب يوم 2 أكتوبر 2003، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة.

[20] ألقيت بندوة سلون يوم 29 أبريل 2016 من تنظيم المجلس العلمي المحلي بالناظور  تحت عنوان قصبة سلوان تراث وحضارة.

[21] الركادة وتاوريرت وعيون سيدي ملوك، وقصبة مسونالقائمة لتحصين الحدود الشرقية ضد طموح بايات أتراك الجزائر.

[22] حسن الفكيكي، مواقف جهادية للمولى الرشيد والمولى إسماعيل للدفاع عن مليلة المحتلة، دعوة الحق، عدد 258 سنة 1986.

[23] هذا موثق بمراسلة مليلة المؤرخة بيوم 6 مارس 1551 (موافق 27 صفر 958هـ).

[24] مراسلة مليلة 6 مارس 1551(27 صفر 958) Archivo General de Simancas, Estado, Legajo 476 ; S.I.H.M. Espana, 2/566

[25]  أحمد عمالك، محمد العالم، معلمة المغرب، 17/5849. ثريا برادة، عبيد البخاري، معلمة المغرب، 4/1092.

[26] دعوة الحق، عدد 258 سنة 1986. ومحاضرة ألقيت بسلوان يوم 27 أبريل 2016 ، ندوة ثالثة المجلس العلمي المحلي بالناظور.

[27] تحدثت رسالة  7 أبريل 1766 عن حلول السلطان بمقربة المدينة وحث على متابعة الجهاد. A.G.S. Guerra Moderna , I. 267

[28]  Isidro de las Cagigas , Tratados y los conveniosreferentes a Marruecos, Madrid 1952

[29]  دعوة الحق، عدد 258 سنة 1986. ومحاضرة ألقيت بسلوان يوم 27 أبريل 2016 ، ندوة ثالثة المجلس العلمي المحلي بالناظور.

[30]  جامعة مولاي علي الشريف، مركز الدراسات العلوية بالريصاني، الرباط 1996 و 1997.

[31] ألقى بالحسيمة في لوفاة الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي، من تنظيم جمعية التراث والذاكرة المشتركة يوم 9 فبراير 2013.

[32] البكري، المسالك والممالك، باريس 1965، ص. 92. قبر سيدي صالح معروف إلى اليوم بقرية أفطي، يمين مصب واد أمقران.

[33] للمزيد عبد الرحمن بن خلدون، المقدمة، بيروت 2002، ص. 514.

[34] موضوع سيلقى بمدينة ادريوش في ندوة من تنظيم المجلس العلمي المحلي، الدورة الثانية، يوما 28-29 مارس 2015.

[35] أوغست مولييراس، المغرب المجهول، ترجمة عز الدين الخطابي، البيضاء 2007، ص. 120.

[36] وهو جد الأسرة التي ما زالت بالمكان، معروفة بآل ترينت، بجوار بني محسن وإخمالا، جماعة إيارماواس. أوائل شوال عام /1301 يوليوز 1884و.خ.ح. بالرباط؛ كناشخ.ح. بالرباط .

[37] ثلاث مراسلات، حررت  في ربيع الثاني من عام 1889/1307. أرشيف الخزانة الملكية بالرباط. كناش 682، ص. 79.

[38] من سنة الظهور حوالي 550 هـ إلى سنة1301هـ

[39] ضمت القائمة: علي بن يحيى بن القاسمالبطوئي، (525-585هـ) وعبد الرحمن البطوئي (554-608) وعمر بن محمد البحر الماواسي (…-779)  وأحمد بن محمد الماواسي (…-842) وعيسى بن أحمد الماواسي (…-896).

[40] علي بن يحيى البطوئي (…-585)؛ محمد بن عبد الحق الماواسي (536-625)؛ محمد بن محمد الملقب بالبحر (779هـ)؛ أحمد بن محمد البطوئي (841هـ) وأحمد بن عيسى البطوئي(911هـ).

[41] يحيى بن جابر البطوئي (…-874). محمد بن يعقوب البطوئي (…-874). عيسى بن أحمد بن محمد المواسي (800؟ – 899هـ). أحمد بن عيسى البطوئي (…-911).المواسيالبطوئي علي بن عمر (وقيل عمر بن محمد بلقاسم)، (967-1039هـ) ([41]). ولد علي بفاس سنة 967/1559.. توفي علي البطوئي بفاس يوم الجمعة 28 ربيع الثاني عام 1039/1626([41]) والبطوئي، محمد بن عمر السعيدي،قاضي بني سعيد على عهد المولى إسماعيل. ظهر اسمه في وثيقة بتاريخ 2 جمادى الثانية 1.100/28 مارس 1689، والبطوئي، عبد الرحمن بن علي بن يحيى بن القاسم (554-608)، المتوفى سنة 608هـ.

[42] البطوئي، المواسي محمد بن عبد الحق (536-625): أخذ العلوم بإرمواس، وكان بفاس سنة 609 عن ابن الرمانة، محمد بن علي بن جعفر بن أحمد القيسي. التكملة 370. وعن التادلي، التشوف 158 وعبد الله الترغي، فهارس علماء المغرب، البيضاء 1999، ص. 602  ومعلمة المغرب 16/5569.

[43] من رفقائه في الرحلة العلمية إلى فاس المدعو أبو زيد بن هبة، من مزيات حوز فاس. عبد الحق البادسي، المقصد الشريف، ص. … ؛ جدوة الاقتباس، أحمد بن القاضي المكناسي، 2/530.

[44] ويبدو أن الشيخ أبا داوود وفق في مشروعه، بدء منإقناع أحد جيرانه للتنازل على القطعة الأرضية أولا، ثم الانصراف إلى طلب المساعدة على البناء ثانيا. هكذا شيدت الرابطة بمكان بارز من ساحل تيغلال بالموضع الذي مازال إلى اليوم يعرف محليا بالرابضة، واقع بين قريتي الساحل والحديد، من ساحل خليج المزمة الشرقي عند نقطة خروج مجرى سيل منحدر من منتصف السفح الغربي البارز من جبل إيكار أفاضيس.

[45] حسن الفكيكي، مطلب الفوز والفلاح، البيضاء 2000، ص.81 وما بعدها.

[46] عبد الحق البادسي، المقصد الشريف، تحقيق سعيد أعراب، الرباط … ص. 58.

[47] أنظر الموضوع بمنشورات الندوة الثالثة من المجلس العلمي المحلي بادريوش.

[48] حسن الفكيكي، زيزاوة، معلمة المغرب 14/4792.

[49] هاجرت مجموعة من أحفاد المرابط إلى الغرب الجزائري واستقرت غرب مستغانم بقرية بطيوة أرزيو. وستكتب لهم العودة أيام المولى الحسن الذي سيخصهم بالتعيين في القضاء.  Revue Africaine 54 , p. 487

[50] مداخلة ألقيت بمدينة ادريوش بدعوة من المجلس العلمي يوم 28يونيه 2013. بمناسبة تنظيم اسبوع مالك بن أنس.

[51] في كتابنا، مقتبسات من مطلب الفوز والفلاح في آداب طريق أهل الفضل والصلاح، البيضاء، 2000، ص.69.

[52] نشر كليلة الآداب والعلوم الإنسانية بالباط، سنة 1984.

[53] دار الغرب الإسلامي ، بيروت 1983.

[54] مخطوطة المكتبة الوطنية لمجهول.

[55] مخطوط الخزانة الحسنية بالرباط.

[56] ذكر عيسى البطوئي أن أحمد المديني أحد تلامذة ابن غازي المكناسي المعروف في ساحة القرويين والمتوفى سنة 919/1514.

[57] لا نعرف منهم سوى سوى الذين كانت لهم صلة ببني سعيد، منهم عيسى بن إبراهيم اليزناسني، ثم البطوئيان علي بن سالم الراسي وأحمد بن يحـيى الراسي. وكان هؤلاء نواة معهد تيزي عدنيت بأولاد الفقيه ببني سعيد.

[58] الفصل لثامن من الباب السابع، ص. 864.

[59] “الزاوية القادرية الشكرية، ذاكرة الرصيد التاريخي والتراث الثقافي”. الرباط سنة 2018.، ص. 14-15.

[60]حسبما ثبت للقاضي الفقيه عبد الواحد الحميدي والمفتي يحيي بن محمد السراج بما صح لديهما بالتواتر في عقود الأشرية والأنكحة.

[61] بن عمر بن عبد الرحمن بن موسى بن إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن يوسف بن يعقوب الشريف.

[62] جائزة الحسن الثاني 1979. وثائق مركز تطوان رقم 6.

[63] حسن الفكيكي، معلمة المغرب، 8/2552.

[64] مدشر بفرقة الفوقي على الضفة اليمنى من واد أمقران.

[65] ظهير يجدد فيها السلطان لأحمد بن عبد الله بن عبد الوهاب بن …. بن عبد الرزاق بن عبد الوهاب ولأخوين عبد الرزاق وأحمد ابني موسى بن عبد الرزاق بن عبد الوهاب . جائزة الحسن الثاني للمخطوطات، عام 1979 ميكرفيلم رقم 1.

[66] لا ندري ما إذا كان المجهول هو عبد الوهاب أم عبد الرزاق. جائزة الحسن الثاني للمخطوطات، عام 1979 ميكرفيلم رقم 1.

[67] لم نتعرف على أسمائهم لكثرةالخروم. جائزة الحسن الثاني للمخطوطات، عام 1979 ميكرفيلم رقم 1.

[68] جائزة الحسن الثاني للمخطوطات، عام 1979 ميكرفيلم رقم 1.

[69] يتعلق المثال الأول بظهير المولى إسماعيل بتاريخ 10 ذي القعدة 1083هـ /27 فبراير 1673، وسيتكرر نفس الموضوع بتاريخ 28 محرم 1089هـ/22 مارس 1679 لنفس الغاية.

[70] بتاريخ غرة شعبان 1144/29 يناير 1732. ثم الصادر يوم 28 رمضان 1145/14 مارس 1733.

[71] منقول من الأصل يوم 22 رمضان 1145 وبتاريخ حجة 1322هـ. أرشيف مديرية الوثائق الملكية بالرباط.

[72] حسن الفكيكي، المقاومة المغربية للوجود الإسباني بمليلة المحتلة، 1497-1859، البيضاء 1997، ص. 282.

[73] ظهير بتنظيم اللجان القروية للفرق والجماعات، تطوان 1952، ص. 96.

[74] تقييد نسب قبيلة قلعية لمجهول. الخزانة العامة بالرباط، مخطوطة ضمن مجموع بتاريخ سنة 939هـ.

[75] ضابط الأمور الوطنية، تطوان 1952، ص. 94.

[76] منصور القاضي بن الحسن بن عيسى بن موسى بن الحسن بن اسماعيل بن عمر بن أبي بكر عتيق. وثائق القاضي شعيب الإدريسي بالناظور.

[77] بن عبد الله بن الحسن بن محمد بن منصور القاضي بن الحسن بن عيسى بن موسى بن الحسن بن اسماعيل بن عمر بن أبي بكر عتيق. وثائق المرحوم القاضي شعيب الإدريسي بالناظور.

[78] كان محمد الشيخ الوطاسي قد توفي سنة 910/ 1504. ففي يوم من أيام ذي القعدة من عام 911/أبريل 1506 استولى حاكم مليلة على المدينة إلى أن تم للمغاربة استردادها وتخريبها على يد القرصان الأتراك.

[79] رسم بتاريخ 14 ربيع الأول 1140/30 غشت 1727، و14 ربيع الثاني عام 1183هـ / 17 غشت 1769. و 10 ربيع الثاني 1183/13 غشت 1770. وثائق أولاد القاضي.

[80] رسم بتاريخ أواخر حجة 1241 أوائل غشت 1826 وآخر بتاريخ أوائل رمضان 1243هـ أواسط مارس 1828 وأواسط رجب 1251هـ وفي 26 شعبان 1258هـ. وجمادى الثانية 1259 1843. وفي محرم 1259.

[81] ثم جواوة التحتية أو الوطاعزائب منتشرة على ضفتي واد كرط جنوب مجراه الأدنى. قدر النزول إليها قبل القرن العاشر الهجري.

[82] صدر الكتاب سنة 2003.

[83] التحقيق في النسب الوثيق لأحمد بن محمد العشماوي، حي سنة 1142هـ، نسخة مخطوطات المكتبة الوطنية رقم 929/م.

[84] محمد السنوني، الدرر السنية، 125. حاولنا العودة إلى مصدر الخبر فلم نوفق لبعد العهد الذي استقينا منه الخبر، وهو سنة 1975.

اقرأ أيضا

التناص في الأدب الأمازيغي نماذج مختارة من الشفاهية ومن رواية أضيل ن إسردان ل عمر بوعديدي

 تمت مناقشة أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الأدب الأمازيغي بكلية الاداب والعلوم الانسانية جامعة سيدي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *