قرار المغرب العودة إلى استئناف علاقاته الدبلوماسية العلنية مع إسرائيل بصفة رسمية ليس تطبيعا كما يروج له البعض، لأن علاقتنا بدولة اسرائيل علاقة تاريخية ورد للإعتبار البشري لليهود المغاربة الذين لهم وشائج إستثنائية مع المغرب والمغاربة من حيث التعايش الديني. فكلنا نعلم أن نسبة كبيرة من يهود إسرائيل أصلهم مغاربة و يتحدثون الأمازيغية والدارجة المغربية الى يومنا هذا، ومازالت تربطهم علاقة حميمية بموطنهم الأصلي المغرب الذي يزورونه بانتظام.
في نفس السياق تبقى قضية فلسطين قضية إنسانية بحاجة إلى حل سياسي دولي، لكن من الواجب إعطاؤها بعدا إنسانيا وتنقيتها من التشويش الذي لازمها بسبب القومية العربية والاسلام السياسي اللذين استغلاها أفحش استغلال، وذلك حتى تجد تضامنا من جميع شعوب العالم عربا وعجما.
لقد تعود القوميون العرب والإسلامويون اعتبار القضية الفلسطينية “قضية وطنية” بالنسبة للشعب المغربي قاطبة، والذي ينوبون عنه دائما في غيابه، وقد فعلوا ذلك على حساب قضايانا الوطنية الحقيقية التي اعتبروا بعضها ثانويا، واعتبروا بعضها مفتعلا.
إن القضية الوطنية انما تعني ما يرتبط بالأرض المغربية التي تمثل تراب الدولة، وهي وطنية لأنها تتعلق بوطن هو المغرب، والذين يعتبرونها وطنية هم مواطنو الدولة المغربية الذين لديهم شعور بالانتماء إليها. يفسر هذا لماذا يجد القوميون والإسلامويون في قضية أرض تبعد عنا بستة آلاف كيلومتر “قضية وطنية”، بينما يسكتون عن قضاياهم الوطنية الحقيقية ولا يهمهم إهانة الفلسطينيين لها.
إن شعورهم بالانتماء هو للمشرق لا للمغرب، كما أن وطنهم يمتد “من الماء إلى الماء” كما يقولون وليس هو المغرب، ولهذا نتفهم مشكلتهم التي هي مشكلة شعور وطني، حيث لا يقنعهم مجرد الانتماء إلى المغرب لأنه دون طموحهم وأقل بكثير من الخريطة الواسعة التي تمثل “وطنهم العربي”، وطن الزعامات الوهمية والعنتريات القديمة.
إننا كمغاربة نعتبر أن قضيتنا الوطنية هي قضية وحدتنا الترابية، ونعتبر كل القضايا التي تتعلق بمصالح الشعب المغربي وبالوطن في حدوده الأربعة (الجزائر – البحر المتوسط – المحيط الأطلسي وموريطانيا) قضايا وطنية حقيقية. وإلى حين عودة الوعي للمهاجرين عن وطنهم سنظل مع بلدنا ومع وحدته وقضاياه من أجل مغرب أفضل، متمنين لكل شعوب الأرض، ومنها الشعب الفلسطيني، كل فرص النماء والازدهار.