هذه الايام ابتلينا بجدال افتراضي حول تحريم الغناء بسبب خرجة بعض شيوخ العقيقات وخيمات العزاء و “صفقات النكاح “، هو موضوع اختلفت حوله المذاهب والمفتون والدعاة و جدال غير متوازي الشكليات والمراكز بسبب التباين الشاسع بين الفريقين.
ما سأتناوله في هذه التدوينة محاولة نفض الغبار عن أوجه التشابه بين الغريمين المتباريين المتنافسين في احتلال صدارة الطوندونس والاستيلاء على عقول شباب الوطن واستمالته في أفق تدجينه.
فالمبدعون والمغنون في واد ، والدعاة والخطباء في واد .
والجامع بينهم الإبهار بالصوت واللباس والرنين والصدى وبحة الصوت وقوة الكلمة و عمق الخطاب وارتداد الكلمة والمعنى بعد صدمها أذن المتلقي .
الفنان المغني والمطرب يعتمد قوة الحنجرة وتنوع الطبقات الصوتية وحدة النبرة وعمق الكلمة التي تلامس الأحاسيس والعواطف والهموم، ويعتمد نسبة المشاهدة والطوندونس والمتابعين في القنوات الافتراضية.
والشيوخ والدعاة وحتى الرقاة وبعض الخطباء في عصرنا يعتمدون نفس أدوات وتقنيات الفنان المطرب .
فتراهم يستعينون ببحة صوت وطبقات صوتية وصرخات بالوعيد وأحيانا بالتحبيب وبلازمات صوتية برجع صدى على المقاس ، يتفنون في حف الشوارب والعفو عن اللحى.. وبجلاليب من آخر موضات اللباس الذكوري الشرعي .
يستعينون بآخر ماجادت بها تقنيات تصوير HD والنشر والمشاركة في مواقع التواصل الاجتماعي .
فيا يرى ماالفرق بين الفريقين .
في نظري المتواضع البسيط، الأمر سيان، ولا فر ق ببن هذا الفريق وذاك ، خاصة إذا تمحصنا وبحثنا وأحصينا الجدوى والنتائج .
بعض الفنانين سامحهم الله لا يعملون سوى على تنميط الذوق العام للمتلقي على الرداءة . والتطبيع مع كل الصور السلبية في المجتمع من خلال ترانيم وأغاني تمجد “الذكورية الحيوانية “، وتنمق الآفات الاخلاقية والانحرافات السلوكية وتعمق انحطاط القيم والمبادئ .
وفي الجانب الآخر بعض الدعاة والخطباء وأشباه المفتون -سامحهم الله أيضا – يروجون لنكوص ووأد مكتسبات حقوقية وقيم ومبادئ انسانية اختلفت حولها الديانات وحسمت فيها صيرورة التاريخ واجتهاد البشرية .
يستعملون نفس الأدوات والتقنيات ويتنافسون في تسويق بضاعتهم الكاسدة الفاسدة .
يتنافسون على احتلال مراتب الطوندونس ويسترزقون من مداخيل الأدسنس ويستفيدون من دعاية مجانية عبر القنوات الافتراضية ليتهافت عليهم المضيفون للولائم والعقيقات والجنائز .
لا فرق بين هذا الفريق وذاك، مادام الهدف واحد والغاية واحدة .
وفي خضم صراع الديكة هذا حول حبات زرع متناثرة تضيع القيم ويمسخ الذوق العام ويضيع الوطن …..