بقلم: أحمد الدغرني
دخل حراك الجزائر في فترة بناء الجمهورية الثانية التي اسميها جمهورية غير المجاهدين وهي مرحلة صعبة ،وتمر أحداثها بسرعة،وترتبط بموعد قصير الأجل 28ابريل 2019 الذي ستنتهي فيه فترة حكم بوتفليقة، وتبدأ فيه إجراءات التغيير الممكن في حكم الجمهورية الأولى.
ولم تتضح لدى الحراك، ولا لدى المخلصين للديمقراطية معالم هذا التحول، وانجاز هندسة بناء هذه الجمهورية المقبلة،وبدأت المخاوف تروج لدى التيار المحافظ الذي يمثله ما يسمى بعلماء المسلمين الذي تسرب سنة 2011 إلى الثورة الليبية، فيسرها لمنظمات الجهاد والسلفية، والعصابات الإرهابية،ولاشك أن الجزائر توجد فيها نسخ سياسية لما يوجد في جزيرة العرب والخليج وإيران ، قبائل السباعيين في موريتانيا ،وخاصة نسخة تسمى “حزب العدالة والتنمية” الذي انطلق من تركيا،وتفرع في المغرب والجزائر، وتونس ،وموريتانيا، وهو لون سياسي يخيف الشعب باستعمال ” الحفاظ على الهوية،والوحدة الوطنية،والثروة الوطنية”، ودوخ الجماهير باستعمال الدين في السياسة ولكنه منافس لنسخة أخرى تسمى احزاب الإخوان المسلمين التي انطلقت من مصر،وبعد الجمعة الخامسة بدأت مسيرات المهاجرين الجزائريين بفرنسا بمظاهرة يوم الأحد24مارس2019،وظهرت في ساحة الحراك مطالب “منظمة قدماءالمجاهدين” وبدأ موقف قيادة أركان الجيش الجزائري يظهر على حقيقته السياسية،وبدأت الأحزاب التي حظيت بالرخص التي منحت لها مقابل خدماتها لنظام الجمهورية الأولى يتحركون من اجل استعادة انفاسهم التي خنقها الحراك،وبدأت أنظمة الإستبداد الشرقي despotisme oriental في جزيرة العرب ،وخليجها تحاول استعمال نفوذها وأموال البترول ،وقنوات التلفزة من اجل التحكم في توجيه الرأي العام، لكن الحراك الجزائري حافظ على رفع الراية الأمازيغية الى جانب راية الجمهورية الأولى،واحتفظ أيضا باستعمال الأمازيغية كلغة للحراك الى جانب الفرنسية والعربية، في وسائل الإعلام ،والشعارات …وابتعد نسبيا عن .السقوط في شعارات القوميين العرب،مما يعني وجود الهوية التعددية في صفوف شباب الحراك،ويتعد خاصًة عن تجربة التعريب في موريتانيا وتونس،وشرق ليبيا،والمغرب، ومن هذه الملاحظات نتساءل عن عوامل التأثير على الحراك،ماهي؟
يوجد في الجزائر حوالي سبعين حزبا سياسيا تصنف في أفواه بعض الناس على شقين المعارضة والولاء،وهذا التصنيف يعني الولاء لرؤوس اجهزة السلطة، لان الولاء هي كلمة منقولة عن زمن العبودية التي يمارسها رؤس الحكم في أنظمة الإستبدادالشرقي، وهل هو ولاء للعسكر؟
أن الوقت قد حان ليناقش الشباب موضوع تصنيف الأحزاب في شمال افريقيا انطلاقا من التفكير في شروط وأركان بناء الجمهورية الثانية في الجزائر،بعد ما فسد مفهوم الأحزاب الإشتراكية،والأ حزاب الوطنية،والأحزاب الديموقراطية،وأ حزاب الأقلية والأغلبية…
وبعد الجمعة الخامسة،أعلن الجينيرال كايد صالح عن رأيه السياسي الذي كان يخفيه عن جماهير الحراك، وهو الاتجاه نحو إقرار شغور منصب رئيس الجمهورية،ولم يحدد متى بدأ شغور منصب الرئيس؟ ومتى سينتهي ؟تجنبا لتصديق ماكان يقال بأنه مشلول، أ وحتى ميت من طرف معارضي حكم الجمهورية الأولى الذي يخفي عن الحراك أسرار بوتفليقة…
وتدور حول هذا الموقف أسئلة هامة،مثل لماذا أعلنه رئيس أركان الجيش قبل أن يعلنه البرلمان والقضاء؟وسبقت السلطة العسكرية السلطتين التشريعية والقضائية في هذا الإعلان،وليس من اختصاصها الدستوري،فيكون الشغور شبه انقلاب عسكري.
وفي الجمعة السادسة (29مارس 2019) أصدر الجنيرال كايد صالح ثاني موقف له في الحراك على شكل بلاغ صحافي يهدد فيه معارضيه، وحاول بوضوح دسترة حكم العسكر، واعتبره خطا أ حمر، لايمكن تجاوزه من طرف الحراك،.
لقد دخلت الأحزاب القديمة والنقابات في الجزائر في محاولات تطبيق عدم رئاستها لعدة ولايات مثل ما وقع في رئاسة الدولة،وبدأ الحراك في صفوف الأحزاب مثل جبهة القوى الاشتراكية FFS وجبهة التحرير الوطني FLN والتجمع الوطني الديمقراطي RND وأحزاب الإسلاميين ،واتحاد العمال الجزائريين..ولذلك أصبح الحراك يكتسب عمقا سياسيا يشمل الدولة والمجتمع، وطرحت عليه مهام كثيرة نتمنى له التوفيق في إنجازها .
* المقال كتب يوم 31 مارس 2019