أثــــارت عملية إغتيـــال الشهيد عمر خـــالق ” إزم ” على يد ” بُولِيزارْيُوا الجَـــامِعة ” إستنكـــارا شعبيــــا واسعًـــا ، وهو طالب ومنــاضل الحركة الثقــافية الأمازيغية بجــامعة القــاضي عيـــاض بمراكش ، ولأول مرة في تــاريخ المغرب السيـــاسي منذ 1956م تُفدي الحركة الطلابية المغربية شهيداً مُكتمل الأركـــان و من العيــار الثقيل بمــا تحمله الكلمة من معنى ، ويمكن أن نشير إلى معطى ينحصر في كون عملية الإغتيـــال كـــانت على خلفية نقـــاش حول موضوع ” الريع السيـــاسي بالجــامعة المغربية ” وهو ملف سيــاسي يُعد من المسكوت عنه في تــاريخ الحركة الطلابية ويتوجّس منه ” طلبة البوليزاريوا ” في نفظ الغبــار عنه بالجـــامعة المغربية إلى يومنــا هذا ، ولا يستطيع لا قطــاع الطلابي التــابع لبنكيران ولا الإستقلال ولا اليســـار أن ينـــاقشوا مثل هكذا ملفــات بمـا فيهــا مسْألة الصحراء داخل الـــجـــامعة بــاستثنـــاء الحركة الثقــافية الأمــازيغية ، بذالك سنفهم مــا الداعي إلى إغتيـــال شهيد الوطن ” عمر خــــالق”.
ويمكن أن نردف بكون ملف ” الريع السيـــاسي بالصحراء ” يندرج ضمن قضايا التوافق السياسي بين مكونات المجتمع السياسي المغربي بأحزابه و برلمانه وحكوماته المتعاقبة منذ حكومة ” أحمد عصمان ” 1975 م ، وفصول هذه القضية ظهرت ٱبتداءًا من 1973م في سيــــاق سيـــاسي وتــــــــاريخي يعود إلـــى أيــــام بداية الظهور السيــاسي لإنفصاليي الداخل في عهد ” الحسن الثــــاني ” وفي حينه بــاشر المخزن العميق بإحاطة زعمــاء وممثلي القبــائل وعــائلات صحراوية كُبرى كعـــائلة ” آل الرشيد وآل الدرهم وآل بوعيدة والجمــاني وبلفقيه … ، بسياج من الأجور الضخمة والامتيازات والكريمــات والتعويضات الخيالية، لقطع الطريق على” البوليزاريو، والمخــابرات الجزائرية ” تفاديا لأي إنجرار سيــاسي وراء طرح الإنفصـــال ، فكــانت هذه بداية الهجرة السيـــاسية لــــرزق المغـــاربة عبر نهب سيـــاسي لثروتهم نحو الصحراء ، ليعوّض المخزن إنتكــاساته الدبلوماسية و السيــاسية في قضية الصحراء على حســـاب المغـــاربة إلى يومنــا هذا .
ويمكن أن نشير إلى معطى ينحصر في كون قضية ” الشهيد عمر خـــالق ، إزم ” أخذت تستأثر بــإلحــاح شديد الضمير المغربي ، فهو ” شهيد الأرض والوطـــن ” ينحدر من المغرب العميق ” صــاغرو” وهي جبـــال معدنية ( الذهب ، الفضّة ..) ومن أجلهــا قـــاد الجنرال الفرنسي ” بورنـــازيل ” حـــملته العسكرية بتفويض مخزني منذ 1912م ، ونعتقد أن صمت بنكيران وحكومته عن هذه الجريمة السيــــاسية يرتبط بالثرات السيـــاسي الذي تركته الحركة ( الوطنية ؟ ) السيــاسية ، يكفي أن تسألوا عن قضية ” أصحـــاب اللطيف ” من علال الفاسي والوزاني والفقيه البصري و أبوبكر القادري وبن جلون وعبد السلام لحلو وآخرون وموقفهم السيــاسي من المقـــاومة المسلحة منذ 1914م ، فـالذين سمّـــاهم ” روجي تورنو ” أصدقـــاء فــرنـســـا لم يُكَلّفـــوا أنفسهم عنــــاءًا في تهنــــئة الفرنسيين في حربـهم ضد القبـــائل المغربية وهو ما دفع الفرنسي ” روني أولوج ” أن يقول :” إن الوطنيون لمْ يُعِيروا أيْ إهتمـــام لإخوانهم البَرابِر ، فَهُم فِي نَظَرهم أُنـــاس أُمّــيون خَشنـــون ”. إن هذا المعطى سيجعلنــا نفهم الإقصـــاء والحيف الإقتصادي والسيـــاسي لمواطني ” المغرب العميق المعدني ”. منذ 1956م، وإلاّ فلمــــا هم فُـــقراء فوق جبـــال معدنية ؟.
رغم أن قضية ” الشهيد عمر خــالق ” تختلف عن ســـابقـــاتهــا فهو شهيد مدرسة ترتبط إيديولوجيــًّـــا بالمقـــاومة المسلحة وجيش التحرير، وأهم ما يمكن أن نسجله حول هذا المعطى أن الحكومة المغربية بيمينـــهــا ويســارهـــا لا زالت تحتفظ بــســـيــاسة الميز العنصري والإقصـاء ٱتُّجـــاه مغرب المقــــاومة منذ 1956م ، فــدمـــوع بنكيران والداودي على وفــاة الحسنـــاوي بفــاس وهو طـــالب ونــاشط في شبيبة العدالة والتنمية بجــامعة مولاي اسمــاعيل بمكنــاس وٱسْتُعْمل في جـنـــازته عتـــاد الدولة ونعتقد أن الإستثنـــاء السيـــاسي لقضية الشهيد ” إزم ” له إرتبـــاط تـــاريخي وسيــاسي قديم ، فصمت حكومة بنكيران في قضية الشهيد ” أسد صـــاغروا ” تُشبه كثيــــــراً الصمت السيــاسي لحكومة البكــاي بن مبارك وأحمد بلافريج في قضية إغتيـــال الشهيد ” عبـــاس المســاعدي ” 1957م و اختطاف واغتيــال حْدُّو أقشيـش في 1956م ، على يد كومندو مسلح بأوامر من علال الفاسي والطريس والمهدي بنبركة وآخرون ويكفي للمغـــاربة أن يسألوا عن قضية ” دار بريشة ” التـــابعة لميليشيــا حزب لإستقلال منذ 1954م ، وعند اختطافه ترك مقولته الشهيرة : “لقد وقعنا أخيرا في أيدي الأراذل، لكن إن كتب لي العيش فسأعيش رجلا، وإن مت فسأموت رجلا مرفوع الرأس “. إن عـــادة التنكّر السيــاسي لدمــاء الشهداء عَمّر بــحكومــات المغرب قديمــــا منذ 1914م إلى يومنــا هذا فهو ليس بمُعطى جديــــد ، ويكفي للمغـــاربة أن ينبشوا في المـــاضي السياسي لدولة المغرب وكيف تنكّرت حكومة الأراذل للوطنيين الحقيقيين الذين سُقِيتْ الأرض بدمـــائهم.