بقلم: فاطمة تنلوست*
من المعلوم أن قضية المرأة الأمازيغية كانت دائما متصلة بإشكالية القضية النسائية عموما في بلادنا، كما كانت جزءا لا يتجزأ من القضية الديمقراطية عموما، وذلك أن المرأة بوصفها تمثل أكثر من نصف المجتمع، كانت مركز الصراع بين التيارات السياسية والإيديولوجية، التحررية منها والمحافظة، كما كانت بمثابة المِرآة التي انعكست عليها العديد من إشكاليات المجتمع والدولة بالمغرب.
وإذا كانت القضية النسائية قد تطورت بشكل كبير منذ عقود بفضل نضال الحركة النسائية المغربية والقوى الديمقراطية السياسية منها والمدنية، إلا أن العديد من العقبات ما زالت مطروحة أمامها، ومنها استكمال تعديل القوانين التي ما زالت بحاجة إلى ذلك من جهة، والعمل على تفعيلها في المجتمع وداخل المؤسسات من جهة أخرى، إضافة إلى التحدي الأكبر الذي هو تغيير العقليات والذهنيات التي ما زالت لا ترقى إلى مستوى عمل المرأة وأدائها وإسهاماتها التي أصبحت تخترق جميع المجالات.
ولقد أدى النضال النسائي على الصعيد الوطني إلى انتزاع مكتسبات كان من أهمها تعديل مدونة الأسرة سنة 2004، ذلك التعديل الذي خلق انفراجا سياسيا مُهمّا أدى إلى فتح الباب أمام مناقشة قضايا كانت عبارة عن محرمات سياسية ودينية لم يكن مسموحا النقاش فيها، كما أدى الحراك الشعبي الذي قادته حركة 20 فبراير إلى إقرار الفصل 19 من الدستور الذي شكل سنة 2011 خطوة إضافية سمحت بالحديث عن المساواة في إطار شمولي يضمّ الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على السواء.
ورغم أن الحكومة السابقة والحالية لم تسمحا بصياغة قوانين في مستوى الاعتراف الدستوري بالحق في المساواة بين الرجال والنساء، حيث قامتا بتمرير قوانين مجهضة وفارغة ودون مستوى انتظار المرأة المغربية، مثل قانون هيئة المناصفة وقانون تشغيل القاصرات وكذا قانون محاربة العنف، إلا أن دينامية المرأة ونشاطها في المجتمع، وتزايد إنتاجيتها إذ أصبحت منتجة للثروة ومشاركة في جميع القطاعات، بل متفوقة في كثير منها، من شأنها أن تدفع نحو تعديل جديد لمدونة الأسرة، بعد مرور 14 سنة على التعديل السابق، مما يدعونا إلى تعبئة قوانا المدنية من أجل هذه المعركة، والتي سنحتاج فيها إلى الكثير من جهود التنسيق والتعاون والتشارك مع جميع القوى الحية في البلاد.
وتقع قضية المرأة الأمازيغية في صلب هذه التحولات والتطورات الإيجابية، كما تواجهها نفس التحديات، حيث بمساهمتها في المسلسل النضالي من أجل التحرّر العام، تسعى إلى تحقيق المساواة الهوياتية واللغوية، ذلك لأن سياسة الميز التي كانت الأمازيغية ضحية لها على مدى نصف قرن وما تزال، جعلت المرأة الأمازيغية ضحية التمييز المضاعف، أولا بوصفها امرأة تعامل بدون احترام لكرامتها، وبدون اعتبار لحقها في المساواة بالرجل، ثم بوصفها امرأة ناطقة بلغة مهمشة وحاملة لثقافة لا تحظى بالاعتراف العملي داخل المؤسسات، رغم انتزاع الاعتراف القانوني والدستوري بعد ترسيم اللغة الأمازيغية في دستور 2001.
انطلاقا مما سلف ذكره، فإن المعركة التي تنتظر المرأة الأمازيغية هي معركة مزدوجة، من جهة معركة التحرر العام الذي يرتبط بالحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتقافية والبيئية، والتي تدخل في إطارها قضية الأرض وقضية الثروات والمناجم والرعي الجائر وغيرها، ومن جهة أخرى معركة المساواة الهوياتية والثقافية واللغوية. ومن تمّ سيكون على المرأة الأمازيغية أن تعمل إلى جانب الضغط من أجل تعديل جديد لمدونة الأسرة، على إخراج قوانين تنظيمية منصفة للأمازيغية لغة وثقافة وهوية، وعلى رأسها قانون تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، والقانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، مع المطالبة بتحيين جميع القوانين التي وضعتها الحكومة السابقة من قبل دون اعتبارها للفصل الخامس من الدستور.