من المنتظر أن تساءل الحكومة المغربية أمام لجنة حقوق الإنسان بجنيف في إطار الجولة الثالثة من آلية الاستعراض الدوري الشامل في شهر شتنبر 2019،
في هدا السياق وتبعا لتوصيات المجلس في إطار دورته 27 المنعقدة بداية ماي 2017 وتلك المنعقدة شهر شتنبر 2019 ، تعد الحكومة تقريها النصف الدوري الذي ستقدمه للجولة الثالثة لآلية الاستعراض الدوري الشامل التي ستنعقد بجنيف شهر شتنبر 2019 ، وبعد اطلاعي على مشروع الحكومة الأولي المؤرخ في 10/4/2019 وبالضبط الشق المتعلق بأجوبتها عن أسئلة ممثلي الدول بشأن ملف الأمازيغية ، فانني اود ان اثير انتباه الحكومة ومعها وزيرها المكلف بحقوق الإنسان بصفته منسقا لها في الموضوع الى ما يلي:
- من الناحية الشكلية :
كعادتها في بعض الحالات تعد الحكومة تقريرها في سرية تامة وبشكل منفرد دون ان تفتح المجال للتشاور مع المنظمات المدنية المعنية ومنها بالخصوص الجمعيات التي ساهمت ترافعيا في الدور27 المنعقد بجنيف .
- ان من اصل 10 اسئلة موجه للحكومة في موضوع الإنتهاكات التي تتعرض لها الأمازيغية والأمازيغ بالمغرب، لم تجب و بشكل ملتوي وتحايلي سوى على ثلاث اسئلة . في حين ان سبعة اسئلة علقت و يبدو انها احرجتها وتعمدت الهروب من الجواب عنها لأنها مؤرقة ولم تنجز بشأنها اي اجراء حمائي .
- ان من بين المؤسسات التي ستعزز تقريرها وما جاء به في موضوع الحقوق الثقافية، يلاحظ ان هناك مؤسسة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ، في الوقت الذي سبق فيه لهده المؤسسة ان عبرت عن رأي مخالف لما جاء بالتقرير في عدة مناسبات آخرها تصريح عميدها لجريدة تيل كيل بتاريخ 30/5/2019 .
- ان الحكومة ومن خلال مشروع التقرير المطلع عليه لم تبدل اي مجهود لوضع تقرير محين وبشكل احترافي بل اجترت ما سبق ان قالته في تقارير سابقة ذات الصلة في مجال المعاهدات الإتفاقية لسنة 2015 و 2016 . وبالأخص تلك المتعلقة بتقريرها الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية .
في الموضوع وتحديدا في مجال الحقوق الثقافية :
من بين ما ستقوله الحكومة لمجلس حقوق الإنسان ما يلي: ” …بانها واصلت اطلاق سياسة لغوية مندمجة تقوم على المحافظة على اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية …..” في هذا المجال اجترت الحكومة للمرة الرابعة ما جاء بدستور يوليوز 2011 ، واضافت “….انها وضعت مقاربة جديدة لتدبير الممارسة الثقافية في تعددها وتنوعها …”.واضافت انها “…. اعدت لهذه الغاية قانونين تنظيميين وثلاث قوانين عادية ….وانها تواصل تعزيز مكتنة اللغة والثقافة الأمازيغية في المجالات الثقافية والإدارية باصدار وترجمة الكتب ، وتشجيع احداث مختبرات جامعية ودعم الإبداع الفني الأمازيغي …”.
وفي مجال التعليم قالت انها تدرس اللغة الأمازيغية ل 500000 تلميد في الموسم 2018 وب 4200 مدرسة ، وان عدد المدرسين وصل الى 414 استاد ، وتم فتح شعب الدراسات الأمازيغية باربع جامعات سجل بها 3000 طالب ، واضافت ان الميزانية التي خصصت لدعم الجمعيات الأمازيغية سنة 2017 وصلت الى 6363000.00 درهم (انتهى كلام الحكومة باختصار ) .
من خلال ما ذكرته الحكومة اعلاه وعلاوة على الملاحظات الشكلية اعلاه ارى انها لم تيأس من الإستمرار في ممارسة التعتيم والتحايل على الهيئات التعاقدية وغير التعاقدية لحقوق الإنسان ويتضح ذلك من 15 حالة على سبيل المثال التالية :
- ان الواقع يعلو ولا يعلى عليه ، والحكومة وعلى رأسها حزب وهابي ما فتأ يقصف الأمازيغية بايديولوجيته الهدامة بالتشويش والتحرش على القانون التنظيمي للامازيغية عبر التلويح بتشريعات معادية للانفتاح مقابل ترك الامازيغية رهينة وغنيمة للتفاوض المقيت.
- تغريبها أو تعريبها الشوفيني للفضاءات العمومية خلال الأربعة اشهر الأخيرين بكل من اكادير والدشيرة وايت ملول والعروي وتزنيت والرباط والقنيطرة …الخ ومقابل ذلك تهميش واقصاء الموروث اللامادي اللغوي والثقافي والحضاري المحلي والجهوي لوطننا.
- قرصنة الأمازيغية لغة وثقافة وحضارة بقانون التنظيم القضائي للمملكة،( رفض مؤخرا من قبل المحكمة الدستورية وارجع للغرفتين البرلمانيتين لإعادة تكييفهما مع الدستور ) . وقانون الإطار للتربية والتكوين( قانون عادي تكرس مقتضيات فصله 31 للدولة احادية الهوية،). وقانون الملتمسات والعرائض ، وقانون وكالة المغرب (العربي) للأنباء و قانون المجلس الأعلى للسلطة القضائية ، وقانون النيابة العامة ، وقانون المجلس الوطني لحقوق لإنسان ،وقوانين مؤسسات الحكامة المقررة بالدستور، وغيره .
- فرملة من اجل ربح الزمن السياسي للحزب الحاكم للمسارات الإستعجالية للقانونين التنظيميين المتعلقين بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، علاوة على تعمد اختزالهما للنقاش الدائر حولهما في “هيئة الإنفتاح على اللغات الأجنبية وحرف كتابة اللغة الأمازيغية “. مقابل تهميش جميع مقترحات وبدائل الحركة الأمازيغية.
- وصول الخصوم الى المساس بقضايا اراضينا وما فوقها وما تختزنه تحتها، باعتماد قوانين غير منصفة باهداف غير عادلة.
- ممارسة جميع انواع العصيان لكي لا تدمج حروف الأمازيغية تيفناغ بالنقود في اطار القانون التنظيمي لبنك المغرب.
- ان عدد التلاميد اللذين يتلقون اللغة الأمازيغية لا يتجاوز اقل من 250000 وليس الرقم الذي اعلنتم عنه بالتقرير . كما ان عدد المدرسين هو اقل من 200 بدل ما اعلنتم عنه ،
- ان الدعم المادي في اطار الشراكات بين المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالنسبة لسنة 2018 و2019 هو صفر جرهم خلافا لما اعلنتم عنه بتقريركم .
- ان شعب الدراسات الأمازيغية المفتوحة لا تتجاوز ثلاثة دون احتساب تجربة عين الشق حديثة العهد، وان قولهم ان هناك شعبة بالرباط فيه تزوير للواقع فالرباط اغلقت شعبته مند اكثر من اربع سنوات.
- اقصاء اللغة والثقافة الأمازيغية ومدرسيها من عملية الإنتقاء موضوع مذكرة وزير التربية الوطنية المؤرخة في 30/05/2019 تحت رقم 05 /19 ، المخصصة لمدرسي اللغة والثقافة العربية للمغاربة القاطنين بالخارج دون مدرسي اللغة الأمازيغية .
- الحكومة لم تجب عن سؤال خاص بمنع الأسماء الأمازيغية التي حصدت فيه الحكومة الحالية والسابقة حوالي 55 اسم امازيغي ممنوع من التسجيل .
- لم تجب الحكومة على ما تتعرض له اراضي القبائل من نزع وتهجير بمقتضى قوانين اجنبية واخرى غير عادلة .
- لم تجب الحكومة على سؤال يتعلق دولة النامسا الذي طالب بتعزيز أوضاع الأمازيغ وعلى المغرب أن يقدم الاجراءات التكميلية من أجل استخدام الأمازيغية في مجال الإدارة والقضاء
- لم تجب عن سؤال هنغاريا بشان حماية حقوق الشعوب الأصلية في المغرب.
- لم تجب على سؤال المكسيك حول وضع الاجراءات التشريعية والسياسية من أجل حماية السكان الأمازيغ على كل المستويات وضمان المشاركة في الحياة الثقافية.
اعتقد ان شيئا من المصداقية يستدعي ان تخبر الحكومة مجلس حقوق الإنسان انها فشلت في التفاعل مع تساؤلاته وتوسياته وملاحضاته. ونوع من الشجاعة الحقوقية مقبولة في مساطر من هذا النوع ، وعليه فان تقريا مضادا لتقرير الحكومة سيكون جاهزا لمواجهة تحايل وتعتيم الحكومة .