حول مذكرة لرئاسة النيابة العامة

تأتي المذكرة الصادرة بتاريخ 17 شتنبر 2019 عن السيد رئيس النيابة العامة و الموجهة الى السادة الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف و السادة و كلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية بشان المتابعات من اجل جرائم السب و القذف ،لتؤكد مدى الحرص الذي توليه رئاسة النيابة العامة لما يقال و يكتب و ينشر حول مجموعة من القضايا المعروضة على المحاكم صدرت في بعضها احكام ضد صحافيين من أجل السب و القذف و التي تم تحريك الدعوى العمومية فيها من طرف بعض السادة وكلاء الملك، مع العلم ان بعض النيابات العامة على مستوى المحاكم الابتدائية كانت تلجأ الى حفظ الشكايات المرتبط بهذه الافعال و تحيل اصحابها على ما يسمح به القانون من امكانية تقديم شكايات مباشرة الى الجهة القضائية المختصة، هذه النيابات العامة لم تتردد في التراجع عن هذا الاجتهاد و هذا التوجه لتتعامل مع بعض الشكايات المقدمة في مواجهة الصحفيين بنفس المنطق القانوني و تبعا لنفس الاجراءات ذات الصلة بالتصدي لجرائم الحق العام ، انطلاقا من تبريرات لا تسعف في تقبل الطابع الانتقائي في تحريك المتابعة في شكايات دون أخرى.

و من تمة فان مذكرة السيد رئيس النيابة العامة تحمل في ابعادها اكثر من رسالة اهمها ان سلطة النيابة العامة لم تعد مطلقة في تحريك المتابعات ضد الصحافيين و هذا اختيار و توجه ينسجم مع مقتضيات الدستور و اولويات السياسة الجنائية و فلسفة رئاسة النيابة العامة ، و نظرتها لحرية الرأي و التعبير خاصة و ان المذكرات الصادرة عن السيد رئيس النيابة العامة ليس لها دور بداغوجي و توجيهي فحسب بل هي تعليمات صادرة من سلطة رئاسية تعكس بعدا قانونيا و حقوقيا آخر له اهمية استثنائية غير معتادة تتمثل في تأطير سلطة الملائمة و تقييدها كلما تعلق الامر بشكايات ضد الصحافة .

ان موقف رئاسة النيابة العامة و تعليماتها اعلاه ليست معزولة عن سياق عام انطلق منذ اول مذكرة و يمكن تلخيصه في الالحاح على التذكير بدولة الحق و القانون و المؤسسات و الحرص على حماية الحقوق و الحريات عبر سد منافذ المغالات عند اعمال سلطة الملائمة كلما كانت النصوص القانونية مشوبة بالنقص أو بتعدد التأويلات ….

شاهد أيضاً

«مهند القاطع» عروبة الأمازيغ / الكُرد… قدر أم خيار ؟!

يتسائل مهند القاطع، ثم يجيب على نفسه في مكان أخر ( الهوية لأي شعب ليست …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *