حين يصبح الدين أداة سياسية بيد ابن كيران

أمينة ابن الشيخ أوكدورت      

إن الدين في جوهره هو علاقة فردية بين الإنسان وربه، تتجسد هذه العلاقة في السلوكيات اليومية والالتزام بالقيم الروحية والأخلاقية، غير أن هذه العلاقة قد تتحول إلى وسيلة للاستغلال عندما يتم توظيفها في المجال السياسي لتحقيق مصالح شخصية أو حزبية.

سبب هذا الكلام هو الصدمة التي أثارتها تصريحات رئيس الحكومة المغربية الأسبق، عبد الإله بنكيران، في نفوس المغاربة، أثناء استجوابه من طرف موقع بديل، حيث اعترف بشكل صريح بعدم التزامه الكامل بأداء الصلوات اليومية، موضحاً أنه يحرص فقط على أداء صلاة الجمعة، بينما يتهاون في أداء باقي الصلوات المفروضة على كل مسلم متدين، هذا التصريح، في نظري، يكشف عن جانب مهم من شخصيته السياسية ويطرح تساؤلات عميقة حول علاقته بالدين وكيفية توظيفه له في خطابه السياسي.

فعندما يعترف ابن كيران بعدم التزامه إلا بصلاة الجمعة، فإن الأمر يتجاوز مجرد إفصاح عفوي عن مستوى تدينه الشخصي، ليكشف عن نمط من النفاق الاجتماعي، حيث يتم التركيز على الشعائر التي تُمارَس في العلن أمام الناس، بينما يتم تجاهل العبادات التي تعبر عن الصدق والإخلاص في العلاقة مع الله بعيداً عن أنظار المجتمع.

ومن هذا المنطلق، نفهم أن حرصه على أداء هذه الصلاة بالذات (اي صلاة الجماعة يوم الجمعة)، دون غيرها، ليس نابعاً من دافع ديني خالص بقدر ما هو مرتبط بالرغبة في الظهور بمظهر المسلم الملتزم أمام المجتمع، مما يعزز صورته كشخصية سياسية ذات مرجعية إسلامية. أما تهاونه في أداء باقي الصلوات، التي تُعتبر صلة مباشرة بين العبد وخالقه ولا تحتاج لشهود ولا اشهار، فيكشف عن تناقض واضح بين ما يروج له كسياسي ذي خلفية دينية، وبين ممارساته الشخصية التي تفتقر لهذا الالتزام. إن هذا التناقض هو جوهر النفاق الديني، حيث يتم استخدام الدين كوسيلة للتأثير في الآخرين بدلاً من كونه علاقة روحية صادقة مع الله.

يمكن القول أن الدين بالنسبة لابن كيران وأمثاله ليس سوى أداة توظيفية تستخدم لتحقيق مكاسب سياسية

في النهاية، يمكن القول أن الدين بالنسبة لابن كيران وأمثاله ليس سوى أداة توظيفية تستخدم لتحقيق مكاسب سياسية، بدلاً من أن يكون مرجعية أخلاقية وسلوكية حقيقية. وبالتالي فهو ومن معه يقدمون نموذجاً واضحاً لما يمكن تسميته بالنفاق الاجتماعي والسياسي، حيث يتم توظيف الدين كوسيلة لبناء صورة اجتماعية زائفة تخدم المصالح السياسية. هذا النمط من السلوك لا يؤثر فقط على مصداقية ابن كيران كشخصية عامة، بل يساهم أيضاً في تقويض ثقة المواطنين بالدين عندما يُستخدم كأداة في الصراعات السياسية.

فالدين ليس مجرد شعار يُرفع في المناسبات، بل هو التزام يومي يتجسد في السلوك والمعاملات ثم الأفعال قبل الأقوال.

ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه، هو هل يمكن أن نثق بالسياسي الذي يوظف الدين لتحقيق أهدافه الشخصية، وفي نفس الوقت يعترف بنفسه بعدم الالتزام بمبادئ هذا الدين، الذي بنى عليه مرجعيته السياسية، في حياته الخاصة؟

اقرأ أيضا

المستشفى المتنقل يحط رحاله بجماعة إملشيل في نسخته الثالثة

تنفيذا للتعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده الله، الرامية إلى توفير الرعاية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *