خبراء القانون الدولي يعرضون خبايا ملف الغازات الكيماوية بالريف ويستعدون لمقاضاة فرنسا

1

أجمع عدد من خبراء القانون الدولي والمهتمين على أن الحرب الكيماوية الفرنسية-الإسبانية ضد الريف ليست فقط انتهاكا لأبسط قواعد قانون الحرب، بل إنها جريمة ضد الإنسانية، حيث أن أبناء الريف لا يزالون يعانون لحد الساعة من آثارها وذلك بناء على عدة دراسات قام بها خبراء في مجال علم الوراثة تفسر كيف أن المواد المستخدمة في تلك الحرب تسببت في الإصابة بالسرطان وتشوهات خلقية. كما تشير الإحصائيات إلى أن أزيد %80 من المرضى بالسرطان الذين يتوافدون اليوم على مستشفيات الرباط للعلاج ينحدرون من منطقة الريف.

وأكد رشيد الراخا، رئيس التجمع العالمي الأمازيغي، أثناء تسييره لأشغال ندوة بمناسبة الذكرى 95 لمعركة أنوال الخالدة، نظمتها بتنسيق مع التجمع العالمي الأمازيغي، كل من جمعية أمزيان وجمعية الجسر للتنمية، البيئة والهجرة، مساء يوم السبت، 23 يوليوز 2016، بالمركب الثقافي بالناظور، حول موضوع: “الحرب الكيماوية والسرطان بالريف”، أكد مسؤولية الدولة الفرنسية في جرائم حربها ضد الإنسانية أثناء مساعدتها الدولة الإسبانية في قصفها لمنطقة الريف بالغازات الكيماوية.

وقال الراخا أن فرنسا أمدت إسبانيا بأسلحة كيماوية وطائرات وطيارين من أجل إخضاع الريف، وأشهر الراخا وثائق استخباراتية واتفاقيات سرية تبين تورط فرنسا إلى جانب الدولة الإسبانية في حرب الريف، وأضاف الراخا أن هدف فرنسا من هذه الحرب هو تخوفها من انتقال الثورة إلى باقي المناطق الأمازيغي بالمغرب، وحتى لا تكون جمهورية عبد الكريم الخطابي مثلا لكل المستعمرات في عشرينيات القرن العشرين.index

وأكد الراخا أن جهود التجمع العالمي الأمازيغي متواصلة من أجل اعتراف إسبانيا وفرنسا بجرائمهما ضد الإنسانية، “فمنذ ندوة 2004 حول الحرب الكيماوية التي كسرت هذا الطابو، قمنا بمراسلة كل من فرنسا وإسبانيا في عدد من المناسبات”، وقال الراخا أن كل الأحزاب الإسبانية وقفت إلى جانبنا من أجل اعتراف إسبانيا بجريمتها باستثناء الحزب الشعبي وحزب بيسوي، كما أن ممثل التجمع العالمي الأمازيغي بمدريد، سعيد الفارسي، توصل إلى محامي إسباني يريد المرافعة على الملف دون أي مقابل.

وأضاف الراخا أن التجمع العالمي الأمازيغي قد راسل في فبراير 2015 رئيس الجمهورية الفرنسية فرنسوا هولاند إلى جانب الملك الإسباني فيليب السادس، فأجابونا أنهم بصدد القيام بالبحث والإجراءات التمهيدية، “وفي مطلع السنة الحالية” يضيف الراخا “قمت رفقة الدكتور ميمون الشرقي بزيارة قصر الإليزيه وتقديم رسالة إلى فرونسوا هولاند قصد تذكيره بالملف.

وفي النقاش أكد رشيد الراخا، استنكاره لتصريحات وزير الصحة الحسين الوردي حول غياب أية علاقة بين انتشار مرض السرطان بالريف والغازات السامة التي استعملتها إسبانيا وفرنسا ضد الريف ما بين 1921 و1927، وكان الوردي قد أدلى بهذا التصريح أسبوعا بعد الندوة التي نظمتها جمعية أمزيان بشراكة مع التجمع العالمي الأمازيغي بالناظور حول الغازات الكيماوية في فبراير 2015.

وأضاف الراخا أن التجمع العالمي الأمازيغي، راسل وزير الصحة من أجل عقد لقاء في الموضوع، لكنه لم يستجب “رغم كونه ينتمي إلى الريف، وبالضبط قبيلة أيت توزين التي تعرضت لقصف كبير بالغازات الكيماوية، وتعاني من أكبر نسب للإصابة بالسرطان”.

وطالب رئيس التنظيم الأمازيغي الدولي وزير الصحة بأخذ مطالب التجمع بجدية وإحداث مستشفيات للأنكولوجيا بمدن الريف، كون أن جميع المؤشرات والتقارير العلمية تشير إلى أن أكثر من% 80 من المصابين بالسرطان يتحدرون من منطقة الريف، ما يعني وجود علاقة سببية بين حرب الغازات الكيماوية وارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان.

ومن جهته أكد  المحامي وعضو الهيئة الجهوية لحقوق الإنسان بوجدة، الدكتور مصطفى بن الشريف، على أن الطيران العسكري الفرنسي استهدف المدنيين الريفيين في الأسواق (ثلاثاء أزلاف، أربعاء تاوريرت) والتجمعات السكنية (بني حذيفة، الشاون)، في حرب غير متكافئة ولا مشروعة في نظر القانون الدولي، والحماية كذلك ليست مشروعة لأنها استعمار والاستعمار غير مشروع، في حين أن مقاومة عبد الكريم الخطابي للاستعمار تعتبر في نظر القانون الدولي مشروعة، لأن كل حركة تواجه الاستعمار تعتبر مشروعة.

وأضاف ابن الشريف صاحب أطروحة “الجرائم الدولية وحق الضحايا في جبر الضرر، حالة الريف 1921 – 1926″، أن جريمة فرنسا ضد الإنسانية ثابتة، كونها استخدمت أسلحة محرمة دوليا، في حرب غير مشروعة أصلا، حيث استخدمت هذه الأخيرة أسلحة كيماوية هي نفسها التي استخدمت في الحرب العالمية الأولى (إيبيريت، وغاز الخردل والفوسجين والديسفوسجين والكلور وبيكرين)، وتساءل بن الشريف عن إمكانية ملاحقة المجرمين في ظل وفاة كل الجنرالات المتهمين في الموضوع، وقال أن موت الجنرالات لا يمنع من ملاحقة الدول التي لا تزال مستمرة، بما فيها الدولة المغربية التي لازالت لم تعلن عن موقفها في الموضوع بعد.

وعن العلاقة بين الحرب الكيماوية وانتشار مرض السرطان بالريف أورد ابن الشريف عددا من الدلائل تثبت وجود علاقة مباشرة بين الأمرين، إذ تؤكد مختلف الدراسات (منظمة الصحة العالمية، المستشفى العسكري بباريس، وكذلك معاهد بأنجترا) عن وجود علاقة سببية بين السرطان وحرب الغازات الكيماوية، فمختلف الدراسات تأكد أن معظم الجنود الفرنسيين الذين شاركوا في الحرب العالمية الأولى ماتوا بأمراض السرطان. وبالتالي يخلص ابن الشريف إلى أنه بإمكان ضحايا السرطان بالريف التقاضي أمام القضاء الدولي أفرادا أو جماعات من أجل اعتراف فرنسا وإسبانيا بجرائمهما والاعتذار وتعويض الضحايا.11

أما الدكتور ميمون الشرقي، الباحث والحقوقي عن مجموعة البحث حول الحرب الكيماوية ضد الريف، والرئيس الشرفي للتجمع العالمي الأمازيغي، فقد حمل المسؤولية كاملة للدولة الفرنسية حول قصف الريف بالغازات السامة، باعتبار الإمبراطورية الشريفة الموقعة للحماية في ذلك الوقت كانت مستعمَرة وقاصرة وبالتالي لا تتحمل أية مسؤولية قانونية، وقال الشرقي “أن فرنسا تتحمل مسؤولية مباشرة عن الحرب الكيماوية بالريف، لأنها هي من أمدت إسبانيا بالذخائر الكيماوية، وساعدتها على إنشاء معامل للأسلحة الكيماوية بمدريد والناظور.

ومن منظور القانون الدولي، قال الشرقي أن فرنسا استهدفت المدنيين في حربها ضد الريف باستعمال أسلحة محضورة، مخالفة بذلك مواثيق دولية وقعتها الدول الأوروبية تمنع استعمال الأسلحة الكيماوية والبيولوجية. وأكد الشرقي أن 12 تقريرا لخبراء عن مختلف الدول تؤكد على ثبوت العلاقة بين السرطان وحرب الغازات السامة، إضافة إلى تأكيد الإحصائيات المغربية على أن %80 من مرضى السرطان قادمون من الريف، كما قدم الشرقي وثائق تاريخية تثبت أوامر فرنسا باستعمال الغازات الكيماوية في الحرب. كل هذه الدلائل يؤكد الشرقي عن أهمية استعمالها من طرف التجمع العالمي الأمازيغي في الترافع ضد فرنسا أمام القضاء الدولي من أجل الاعتراف بجرائمها ضد الإنسانية.

وأكد الشرقي، مؤلف كتابي “قانون النزاعات المسلحة”، و”الأسلحة الكيماوية للدمار الشامل على الريف: توثيق تاريخي وقراءات سياسية”، أكد أن التجمع العالمي الأمازيغي أثناء مراسلته للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في موضوع الحرب الكيماوية ضد الريف، طالب باعتراف دولة هذا الأخير بالمسؤولية الجنائية، وتسهيل الأبحاث وكشف الحقائق التاريخية، كما طالب بإنشاء مراكز استشفائية بالناظور والحسيمة ورد الاعتبار الفردي والجماعي للضحايا عن طريق إنشاء مشاريع تنموية بالريف.

كمال الوسطاني

شاهد أيضاً

أكادير تحتضن الملتقى الأول لتجار المواد الغذائية

تحتضن مدينة أكادير من 24 الى 26 يوليوز الجاري الملتقى الأول لجمعية تمونت لتجار المواد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *