خبراء يناقشون بالرباط ملف الغازات السامة بالريف والمغرب في قائمة المسؤولين

12968055_549112478591844_4013126012528666032_o

أجمع عدد من الخبراء والحقوقيين والمؤرخين على أن ما يعانيه الريفيون اليوم من تفشي أمراض السرطان تتعلق بشكل مباشر بالقصف الكيماوي الذي تعرضت له منطقة الريف إبان مرحلة الاستعمار الإسباني، وحمل الباحثون في ملف الغازات الكيماوية بالريف، خلال ندوة نظمتها مساء أمس جريدة العالم الأمازيغي بالمكتبة الوطنية بالرباط، وأشرفت على تسيير أشغالها مديرة الجريدة، أمينة ابن الشيخ، أجمعوا على أن المسؤولية القانونية في هذا الملف تتحملها كل من فرنسا، إسبانيا وشركات ألمانية إضافة إلى الدولة المغربية التي تتحمل “مسؤولية أخلاقية وسياسية”، بحكم أن المغرب آنذاك كان خاضعاً لحكم فرنسا التي تحالفت مع إسبانيا سنة 1925، فوافقت على استعمال الغازات السامة في منطقة الريف.

فبعد عرض الشريط الوثائقي “نزيف الريف”، الذي أعدته للجزيرة، المغربية ليلى اليونسي، والذي أكد من خلاله خبراء دوليين إسبان فرنسيون وألمان ومغاربة على أن إسبانيا وفرنسا وبدعم أيضا من ألمانيا اعتمدت القصف الكيماوي والغازات السامة كغاز الخردل، بعد ذلك أكد الأستاذ عبد الوافي المسناوي من خلال قراءته في كتاب “الأسلحة الكيماوية للدمار الشامل بالريف” للدكتور ميمون الشرقي، أكد على أن كلا من إسبانيا، فرنسا وشركتي شنايدر وستوتزنبرغ مسؤولة في استعمال الغازات الكيماوية مسؤولية ثابتة، كما أن الدولة المغربية تتحمل مسؤولة سياسية وأخلاقية تجاه الجريمة الإنسانية ضد الريفيين، وأضاف أنه على الدولة المغربية أن تطالب برفع الضرر والإصلاح أمام المؤسسات القانونية المؤهلة، وقال في إطار مسؤولية الدولة المغربية “بأن هناك من لا يقبل حديث المؤرخين عن مشاركة وتدخل الدولة المغربية دون تحميل المسؤولية للدولة والسلطان في الجرائم المرتكبة ضد الريف”.

ومن جهته قدم الأستاذ المحاضر في اللسانيات أحمد بوعود، قراءة في معجم قانوني فرنسي-أمازيغي الذي أصدرته للإعلامي والباحث محمد بوداري مؤسسة إديسيون أمازيغ، حيث قال أن صاحب المعجم ملم بعلم المعجم، و”يتضح ذلك من خلال احتواء المؤلَّف على لغة تقنية خاصة بمعجم القانون، وفي ذات السياق أشار بوعود إلى أن اللغة الأمازيغية بحاجة إلى معاجم في مختلف المجالات من أجل توثيق اللغة وأرشفتها، ولربط المعجم بالسياق، أوضح بوعود أن هناك علاقة مباشرة بين الحرب الكيماوية وانقراض اللغة، حيث أن “الغازات السامة تساهم في انقراض الأنواع النباتية والحيوانية، ومنه تنقرض تسميات هذه الحيوانات والنباتات، وبالتالي فهي تساهم في مقتل اللغة، وكذلك التنوع اللغوي.

وفي معرض تقديمه لكتاب “التاريخ السري للحرب الكيماوية ضد منطقة الريف وجبالة (1921-1927)” للدكتور مصطفى المرون، طرح الأستاذ رشيد يشوتي سؤال: لماذا تأخرت إسبانيا في استعمال الغازات الكيماوية حتى معركة تيزي عزا سنة 1923، علما أن إسبانيا كانت تملك في صيف 1921 كمية من الغازات الكيماوية، قبل أن يجيب أنه كان هناك تدرج في استعمال الغازات الكيماوية، بدأ بالغازات المسيلة للدموع وبعض المبيدات، ثم تطويرها شيئا فشيئا إلى قنابل كيماوية سميت “بومباس إيكس”، من خلال مصنعي “لامارنيوسا” بمدريد و”مانستريسا” بالناضور.

وفي مناقشة للمؤلفين الثلاثة مع الحضور، أكد الدكتور ميمون الشرقي، صاحب كتابي: “الأسلحة الكيماوية للدمار الشامل بالريف” و”قانون النزاعات المسلحة” الصادرين باللغة الفرنسية، أكد على أن عبد الكريم الخطابي “لم يكن مجرد أمير حرب، بل كان رئيس دولة”، كما دعا الشرقي إلى وضع حد فاصل واضح بين القانون والسياسة، حيث يجب الاعتماد على وثائق ونصوص قانونية من أجل الوصول إلى الحقائق وتأكيدها، مؤكدا أنه “لا يمكننا تغيير الماضي، ولكن نعمل على جبر الضرر والإصلاح. وقال الشرقي أنه يجب على الدولتين الفرنسية والإسبانية تحمل مسؤوليتيهما القانونية، إضافة إلى شركة “شنايدر” التي لا تزال تشتغل بالعالم إلى الآن ولها فرع بالمغرب، مشيرا إلى إهمال المؤسسات المغربية للموضوع.

ومن جهته تحدث صاحب المعجم القانوني الأمازيغي، الأستاذ محمد بوداري، عن أسباب تنزيل المعجم، المتمثلة أساسا في حبه للأمازيغية لغة وثقافة، إضافة إلى غياب معاجم أمازيغية متخصصة في المصطلحات القانونية، رغم بعض المحاولات التي لم تكن شاملة، نظرا لكون اللغة القانونية لها خصوصية ومصطلحات قانونية تتميز بالدقة. إضافة إلى سبب ثالث قال بوداري، أنه يتمثل في رغبته برفع هذا التحدي في الوقت الذي تتعنت فيه المؤسسات المعنية عن القيام بواجبها.

أما مناقشة الدكتور مصطفى المرون، مؤلف كتاب “التاريخ السري للحرب الكيماوية ضد منطقة الريف وجبالة (1921-1927)”، فقد تمحورت حول بعض النقاط التي تناولها الكتاب، بدأ من الناحية اللغوية حيث أن مصطلح “الحرب الكيماوية” يدرج في القاموس العسكري ضمن الحروب الحديثة أو العصرية، أما من الناحية النوعية فقد اعتد المستعمر في المرحلة الأولى على الغازات الخانقة، لتتطور فيما بعد إلى الغازات الحارقة المميتة. وأشار المرون إلى أن الطيارين الأمريكيين الذين قادا معركة الحرب الكيماوية بالريف كانا تحت وصاية السلطان مولاي يوسف، مضيفا “ولهذا السبب حملت هذه الوحدة اسم “السرب الجوي الشريف”، وقال بأن هذه الخطوة أتت من أجل التحايل على القوانين الفرنسية والأمريكية القاضية بمنع تجنيد الأجانب في صفوف الجيوش الوطنية.

كمال الوسطاني

تتطلب عرض الشرائح هذه للجافا سكريبت.

شاهد أيضاً

“صدى وتأثير معركة أنوال في الأوساط المحلية والعالمية” محور ندوة بالحسيمة

تخليدا للذكرى 25 لعيد العرش والذكرى 103 لمعركة أنوال الخالدة، تنظم النيابة الإقليمية للمندوبية السامية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *