تزايدت الدعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتعليق مسيرات الحراك الأسبوعية في الجزائر، ما يدفع المتظاهرين للبحث عن وسائل أخرى للاحتجاج تمكنهم من تفادي خطر الانتشار السريع لفيروس كورونا المستجد.
وخرج يوم الجمعة 13 مارس 2020 للاسبوع الـ56 على التوالي، آلاف الجزائريين للتظاهر متحدين بذلك خطر الفيروس. وفي اليوم التالي فرقت الشرطة بضع مئات من المتظاهرين المتعنتين.
كما دعت العديد من الشخصيات في هذه الحركة الاحتجاجية السلمية غير المسبوقة، بشكل علني إلى تعليق المسيرات – التي جمعت مئات الآلاف من الجزائريين في ذروة الحراك – طالما أن خطر انتشار الوباء موجود.
وكتب المحامي مصطفى بوشاشي أحد أبرز وجوه الحراك على صفحته على فيسبوك “الحكمة تستوجب تعليق المسيرات حفاظا على الصحة العامة بانتظار المستجدات. إنها الطريقة المثلى للمحافظة على حضارية الحراك مع التفكير جماعيا في بدائل”.
كما طالب محسن بلعباس، رئيس التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية الجميع بالتحلي بالمسؤولية “مسؤولية الجميع في جعل صحة الجزائريين هي الأولوية”.
أما سعيد سعدي، الشخصية المعارضة المعروفة فقال صراحة “في الثورة، يجب تغليب العقل على الشغف. لكي تعيش بحرية ، يجب أن تكون على قيد الحياة”.
وهو رأي تقاسمه الوزير والدبلوماسي السابق واحدى شخصيات المعارضة عبد العزيز رحابي، كاتبا على تويتر “التعليق المؤقت للمسيرات، بسبب المخاطر الصحية، واجب وطني ويحفظ حقنا في التظاهر بحرية من أجل جزائر قوية واكثر عدلا”.
واستجاب العديد من الجزائرين للنداءات المتكررة ، بحيث ان العديد من المنظمات الطلابية اعلنت في بيان مشترك إنها علقت مشاركتها في مسيرات يومي الثلاثاء والجمعة حتى لا “نتحمل مسؤولية انتشار المرض”.
في حين اختارت وسائل الإعلام الداعمة للحراك نهجا مماثلا، وهكذا أوقف موقع “أنترلين” الإخباري تغطيته للحراك لأسباب أمنية ، وكذلك الصحافي المستقل خالد درارني الذي اعتقل في عدة مناسبات.
وكتب الصحافي على تويتر “أعلق تغطيتي لما فيه خير الجميع. سنعود أقوى من ذي قبل”.
وكشف أحدث بيان رسمي وفاة خمسة أشخاص وإصابة 60 آخرين في الجزائر بفيروس كورونا المستجد.
كما أن وزير الصحة عبد الرحمان بن بوزيد لم يتوان عن الدعوة الى وقف الحراك “فبغض النظر عن المطالب الشعبية التي أحترمها، يبقى الحراك قبل كل شيء تجمعا لأشخاص، قد يتواجد في أوساطهم من يحمل فيروس كورونا، ما قد ينقل العدوى للبقية. فالاستمرار في الحراك الشعبي يشكل خطرا من الناحية العلمية”.
وتأقلم بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي مع الواقع الجديد، بالسخرية من خلال تغيير شعارات الاحتجاج، فتحول الشعار الاكثر تردادا في التظاهرات “دولة مدنية وليس عسكرية” إلى “دولة مدنية وليس فيروسية”.
وتحول شعار “ترحلوا جميعا!” الموجه إلى الحكام إلى “نتربى جميعا!” الموجه إلى جميع الجزائريين بهدف دفعهم لاحترام قواعد النظافة، والحد من تحركاتهم وحماية الأكثر ضعفا .
وانتشر على تويتر وسم “إبق في دارك” باللغات الثلاث العربية والفرنسية والانكليزية، لدعوة الجزائريين الى عدم مغادرة بيوتهم.
وكتب ناشط على فيسبوك “توقفوا عن الحديث عن مؤامرة تستهدف الحراك عند الحديث عن وقف المسيرات الأسبوعية! لا ينحصر الحراك في التجمعات أو المسيرات. الحراك هو ضمير مواطني قيد البناء وسيدوم في الزمن”.
وطرحت مجموعة “ابتكار” على موقع فيسبوك، للنقاش بين الأعضاء إطلاق فكرة التفكير في أشكال أخرى من النشاط الجماعي.
وقال نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان سعيد صالحي “سيتعين علينا أن نذهب إلى أشكال أخرى خارج المسيرات. وسيتعين على الحراك أن يظل فاعل ا في توعية المواطنين والتضامن وإذا لزم الأمر التعبئة الوطنية ضد فيروس كورونا”.
وأضاف عبر مواقع التواصل الاجتماعي”نعم ، يمكننا إنشاء مجموعات تضامن وإغاثة ومساعدة وتوعية”، فعلى هذه المواقع، ابتكر الجزائريون العديد من الأفكار للمشاركة الفعلية في الحراك على الإنترنت: “احتجوا من شرفات المباني أو أظهروا ببساطة سلوكا حضاريا”.
ويأمل خالد قائلا “يجب أن يعيد الحراك تجديد نفسه. إنها فرصة للخروج من فولكلور المسيرات” كما كتب على تويتر.