خصوم الدمقراطية من أبدعوا ” الدكاكين السياسية “؟

مصطفى المنوزي

في الوقت لازالت مكونات بعض اليسار مترددة في توحيد نفسها قسريا دون استشراف ما ينتظرها من تعاقد اذعاني في العلاقة مع واجهة” النضال ” من داخل المؤسسات، يطرح سؤال أهمية العمل الحزبي في بلورة معالم الدمقراطية، والحال أن جلها يعاني من عدوى التدجين والاحتواء السلطوي، الذي من مظاهر محاولة تبرئة الذات من وصم “الدكان السياسي” الذي كان مقترنا ومرتبطا بحجم الهيئة السياسية التنظيمي/ الكمي، في حين إنه مجرد ابتكار وفي نفس الوقت تحريف، عن حسن نية، لمصطلح “الدكان الانتخابي”، والمقصود به تصغير وانتقاص للأحزاب الدمقراطية والتاريخية والتقدمية، التي تخلت عن استراتيجية النضال الدمقراطي.

وكنا أيام الصراع الفكري والسياسي الحقيقي ننعتها وكالات انتخابية، وبالتالي كنا نؤاخذ عليها اختزال البناء الدمقراطي في الاقتراع ودخول المؤسسات الإنتخابية، يوم كانت البلديات “الجميلة” جسرا لولوج عالم الرشوة السياسية، قبل أن يجتهد شباب اليوم ليطلقوا عليها مرتعا للريع والفساد؛ وهو نفسه حاليا من يحاول بعض الإعلام أن ينسب إليه شرف إختراع مصطلح “دكاكين سياسية”؛ والحال أن المصطلح اخترع، مبتذلا، من مطبخ العقل الأمني المناوئ لكل عمل حزبي، وهي مؤامرة تنضاف إلى مؤامرة تخوين العمل الحقوقي، بنية مبيتة تروم عزل “المبادرات” المجتمعية عن التأطير السياسي والحزبي.

والغريب أن بعض الأحزاب التقدمية، التي أعياها السفر عبر الاحلام إلى “المجتمع اللاطبقي الخالي من الصراع”، صدقت هذه الأكذوبة، فتركت “من لهم مصلحة” في تكريس أسطورة “مغرب جديد بلا وسائط” على وزن “عالم بلا خرائط”، مع الإعتذار لمبدعها، حيث صارت الامبريالية العالمية تتواصل مع المواطن المحلي خارج القنوات السيادية و الدستورية والدبلوماسية حتى!

من هنا وجب الانتفاض ضد احتكار الدولة للعلاقة مع المجتمع، فالخوف كل الخوف أن نستسلم لجبرية سياسية تحول المناضلين أو المنخرطين إلى مجرد لاعبين أو أطر مُعارين للأحزاب لمدة ولاية أو ولايتين على الأكثر، يحققون الأهداف خارج قواعد اللعبة “الدمقراطية”.

وهذا لن يتأتى سوى بتجديد التفكير وتخليق الممارسة في منحى دمقرطة النضال السياسي والجماهيري إقترانا؛ من هنا لا مناص من تعميق النقاش في اتجاه الانفتاح على قوى المجتمع، في أفق تشكيل جبهة مدنية ببعد سياسي ومقاربة تروم تطهير قواعد اللعب بالدمقراطية وحقوق الإنسان وطبعا تحت قيادة فكرية أو على الأقل قارئة ومواكبة لما يجري بعيدا عن ثقافة القشور و السنطيحة “الجبهوية” المتقادمة الوسائل والغايات.

اقرأ أيضا

الأمازيغية والاحصاء العام للسكان بالمغرب.. أربع حقائق

أثناء مباشرة الاحصاء نبه اغلب المتتبعين الى ان المنهجية المتبعة غير مطمئنة النتائج ونبهت الحركة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *