خودة سلاح الفرنسان الفرنسي ورأس السعيد…


احيانا يكون الباحث مضطرا الى اللجوء الى استعمال تقنيات البحث في علوم اللغة لفحص ظاهرة ما، وفهم ابعاد حدث سياسي يتعلق بسميائيات الرموز الثقافية، الدينية والعسكرية، الكلام هنا على حادث ازالة قبعة رئيس اركان الجيش الجزائري ووضع مكانها خودة سلاح الفرسان الفرنسي في باريس. الحادث يحيلنا مباشرة الى تراكمات التاريخ، فالسعيد مازال عنقه مطوقا ببيعة اجداده الفرنسيين من العسكريين والضباط من ذوي الدرجات السامية الذين قصوا حبل سرة ولادة اجداد السعيد، الغضبان دائما كانوا محميين فرنسيين “les protéger de France”، هذا ما يخبرنا به التاريخ الراهن للجزائر الحالية، كلمة التاريخ تكون في بعض الأحيان حاسمة في فك رموز بعض القضايا الشائكة والمعقدة، والغامضة تكون فيها كلمته احيانا هي العليا، قد تكون في الطبقة السفلى للفهم في بعض اللحظات، وهنا لا مناص من طرح سؤال وجودي وجدلي في نفس الوقت، يتعلق بأي شكل ومعنى يستوي أمر وضع خودة الجندي الفرنسي، جنود جيش نابوليون على رأس قائد اركان جيش دولة أخرى تدعى ان لها كامل السيادة ومواصفات دولة!! الأمر لن يستوي أبدا والسبب ان الاعتراف الفرنسي بسيادة الجزائر مازال محط اخد ورد، مادام ان رموز السيادة الرمزية الفرنسية توضع على جماجم حكام الجزائر الفعليين، فإزالة قبعة شنقريحة وتعويضها بخودة الجندي الفرنسي الذي غزى باشوية الجزائر التركية، عقب حادث المروحة الشهير، كان يضع فوق رأسه نفس الخودة الرسمية للجيش الفرنسي التي وضعت على رأس متحكم في دماغها عن بعد،
الأمر يقتضي انجاز حفريات عميقة في جيولوجيا الاعتراف الفرنسي بالجزائر بعد علة ازالة احدى اكثر رموز السيادة الوطنية حساسية، ويتعلق الأمر بالرموز العسكرية التي ترمز إلى السيادة وتتصدر عناوين استقلال الدول، طبع الجحود الذي اكتسبه البعض بحكم مجريات وقائع التاريخ، ينسيه الفرق بين مفهوم الدولة والكيان السياسي. والكيان السياسي دوما ما يجنح الى مساندة اشباهه، ويعاند الدولة التي لها سيادة على قرارها الوطني والسياسي. فإلى متى ستستمر فرنسا في توسيع الهوة بينها وبين الحقيقة التاريخية الواضحة؟ والى متى سيصمد وجود الكيان السياسي المهاجر السري في التاريخ؟.ذلك هو السؤال وتلك هي الإجابة.
الحسين بوالزيت صحفي
وباحث في التاريخ

شاهد أيضاً

أسرة المقاومة وجيش التحرير تخلد الذكرى 103 لمعركة أنوال

خلدت أسرة المقاومة وجيش التحرير وساكنة إقليم الدريوش الذكرى السنوية لمعركة أنوال الخالدة صباح اليوم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *