دقت ساعة الحقيقة وفرصة الاستدراك

ونحن نترقب قرار الدولة المغربية بتمديد فترة الحجر الصحي، بسبب عدم شمول الانضباط لسقفه المنشود، ليطرح سؤال من يتحمل مسؤولية عدم تأطير المجتمع وعدم تربيته على المواطنة، هل الدولة أم التعبيرات السياسية والهيئات المدنية، مما يشرعن لإمكانية استرجاع الجدل القديم غير المتقادم الذي ظل مفتوحا حول نزعة تقديس الشعب أو تحقيره. في الماضي كان للجدل والسؤال معناهما المقبول باعتبار الحس الوطني والمد التحرري،.

فالشعب هو مصدر الحماس والتعبئة خلال السياق، واليوم وبعد عقود من ذلك الشعور الوطني وتفاقم التناقضات والاصطفافات، تحول السجال إلى موضوع الشرعية النضالية وتمثيلية الشعب والتعبير عن همومه المعيشية، وصرنا جميعا نتصارع حول ادعاء النضال باسم الشعب والوكالة عنه، والحال أن السؤال المطروح هو أن الفئات الكادحة من هذا الشعب لا تقاطع العمليات الانتخابية; والأغلبية توزع أصواتها على الأعيان والمحافظين، بمقابل أو دونه، والنخبة الواعية وحدها تشارك بهدف أو تقاطع لأسباب، إلى درجة أن “الحراك الفبرايري”.

رغم أنه مجرد حالة نضالية أوضح أن الشعب الذي كانت ترفع باسمه شعارات « ،،،،،،يريد » لم يتجاوب جله مع هذه الفئات التي كان الشباب يرحل إليهم في أحيائهم الهامشية، في إطار تفعيل نضال القرب، ليعرضوا عليهم بضاعتهم الاحتجاجية دون جدوى، ودون الحديث عن دور البلطجية الذين شكلت السلطة المحلية أغلبهم من الباعة المتجولين و من العاطلين ذوي المستويات المتدنية في التعليم، دون تجاهل دور القمع المادي والرمزي وظاهرة التشكيك والتفكيك بالتخوين والتكفير، مما يتطلب و يستدعي مراجعة مفهوم الشعب بإستحداث مفهوم جديد لحاملي مشروع التغيير او الإصلاح بعد استقالة النقابي والسياسي بالتعاقدات والتسويات المنغلقة.

فلا يعقل أن تواصل القوى الحية، كفاعلة رئيسية في عملية التغيير، الخلط بين فعل التخطيط وبين فعل التنفيذ، وكذلك بالنسبة لمدعي ومقدسي ” الطبقة العاملة ” والتي يختزلونها في المستخدمين وكذا الموظفين العموميين المنخرطين في الهيئات النقابية، الذي “يهندسون”، لعملية استدامة الإستمرار في عدم التمييز بين الطبقة في ذاتها والطبقة لذاتها، وعندما يطلب منهم تأهيل أدوات التحليل وتصريف النظرية من اجل التغيير، يكثفون بالاستنجاد بعملية تحديث وسائل الإتصال والتواصل، والاعتماد كليا على “التعبئة” من وراء الستار، وهي ممارسة فوقية وغير ديموقراطية بالمعنى التشاركي، وكأني بهم يصدرون النداءات افتراضيا وينتظرون من يتقلفها في صيغة تعليمات وأوامر، وما هي في العمق سوى ذريعة بكونهم أدوا واجبهم وساهموا بصيغة ما في تنفيذ الرسالة! وهم غير واعين بأن رسالتهم شبيهة بالرسالة طي زجاجة مغلقة، و التي يبعث بها غريق او محاصر في جزيرة، قد تصل إلى البر أو لا تصل، أو قد يفتحها فاعل ولا يقرؤها، أو يقرؤها ولا يواصل رسالته المفترضة، لأن الرسالة لا تحمل أي عنوان.

قد تكون فرص كثيرة فاتتنا خلال الشطر الأول من فترة الحجر الصحي، مما يضطرنا إلى ضرورة الاستدراك، فلا يكفي التملي باحتمال تغير العالم من تلقاء نفسه، بل لابد من تمثل الأماني في صيغة حتمية، وهذا لن يتأتى دون تملك حس نقدي من أجل التقييم والتقويم، بنفس ثوري، لأن رسالتنا الحقيقية ليست هي حفظ أحلام الماضي بل استعادة آمال الماضي، وذلك باستحضار جدوى التوازن بين الحرية، الحريات والتحرر، وبين الأمن، الأمن ضد الخصاص والحاجة الاجتماعيين، والأمن ضد سيولة الخوف وبنياته، لتكريس ضمان الحق في الحياة، ولأجل استرجاع البعد الإنساني والاجتماعي في الهويات الحزبية والسياسات العمومية .

شاهد أيضاً

الجزائر والصحراء المغربية

خصصت مجموعة “لوماتان” أشغال الدورة السابعة لـ “منتدى المغرب اليوم”، التي نظمتها يوم الخامس من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *