نظمت العصبة الامازيغية لحقوق الإنسان بشراكة مع “صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء” وتحث إشراف وزارة الداخلية، يوم الأربعاء01 يونيو 2016، بمقر جمعية الكرامة النسوية للتنمية والتضامن بدوار اد بولحسن تينزرت بالنفود الترابي للجماعة القروية تغجيجت، ورشة تكوينية وتحسيسية لفائدة النساء في إطار مشروع ” المساهمة الواعية والمشاركة الفعالة للنساء في التصويت والترشيح للإنتخابات”، وتشكل هذه الورشة المحطة الثالثة ضمن سلسلة الورشات التكوينية التي تدخل في إطار المشروع السالف الذكر.
عرف هذا النشاط حضورا متنوع شكلت النساء غالبيته، بحيث تجاوز عددهن 63 إمرأة، وحضر أشغاله فعاليات من المجتمع المدني بمنطقة تغجيجت ونواحيها (بويزكارن، تغجيجت، افران،تيمولاي، أداي…).
تناول السيد: بوبكر أنغير الكلمة لإفتتاح أشغال هذه الورشة بصفته المنسق الوطني للعصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان رحب فيها بالضيوف الكرام الوافدين من مناطق مختلفة،و بحسن الضيافة من طرف جمعية الكرامة النسوية وساكنة دواوير تينزرت بالجماعة القروية تغجيجت وبالأستادين المؤطرين للورشة : السيد: يحيا الوزكاني بإعتباره أستاذ باحث في القانون الدستوري والسيدة : سميرة أبلا فاعلة جمعوية بمنطقة تغجيجت ورئيسة جمعية الكرامة النسوية للتنمية والتضامن، كما نوه بالحضور المكثف للفاعلات الجمعويات والمتعاونات من داخل التعاونيات المنتجة بالمنطقة، دون أن تفوته الفرصة لشكر السلطة المحلية على تعاونها وتتبعها لسيرورة المشروع، وتحدث الأستاد أنغير في معرض كلمته الإفتتاحية عن أهمية المشاركة السياسية المرأة كونها جزءًا لا يتجزأ من المجتمع، وهي الجناح الآخر للوطن، وبدورها تكتمل جميع الأدوار المجتمعية، وقضية مشاركة المرأة في الإستحقاقات الإنتخابية ترشيحا وتصويتا وفي صياغة وصنع السياسات العمومية هي قضية مجتمعية، تحتاج إلى وعي جميع أفراد المجتمع، وأكد كذلك على الفضل الكبير الدي لعبه الملك محمد السادس مند توليه العرش سنة 1999 بحيث أولى النساء أهمية كبيرة ويحرص على ترسيخ مكانتهن العالية وضمان حقوقهن المشروعة إلى جانب الرجال، ما يجعلهن يتمتعن بحقوق وحريات اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية تعزز قدراتهن وتدفع عنهن الهشاشة والفقر وتشجعهن ليسرن قدما للمساهمة في تنمية البلاد. ولعل من أبرز المبادرات الملكية الأولى الرامية إلى إنصاف المغربيات وإقرار حقوقهن هي مدونة الأسرة التي تم الإعلان عنها في أكتوبر 2003، بعد أربع سنوات من تولي الملك العرش، والتي تم اعتبارها ثورة اجتماعية وتشريعية رجوعا للمكاسب التي تضمنتها لفائدة المرأة والأسرة، والتي حرصت على تفعيل مبدأ المساواة بين الزوجين واعتراف بأدوار المرأة المغربية الاجتماعية والاقتصادية داخل المجتمع وتأطير بنودها لموضوع التعدد وزواج القاصرات والطلاق وغيرها.
بعد دلك أعطيت الكلمة للسيدة :سميرة أبلا فاعلة جمعوية بمنطقة تغجيجت ورئيسة جمعية الكرامة النسوية للتنمية والتضامن والتي رحبت بدورها بالحضور من نساء بلدتها، وشكرت العصبة الأمازيغية على تنظيمها لدورات تكوينية من هذا النوع،وفي قلب العالم القروي وتحديدا دواوير “تينزرت” التابعة للنفود الترابي للجماعة القروية تغجيجت، بالنظر لأهميتها في تكوين وتمكيين النساء من التعرف على حقوقهن السياسية. وبالنظر كذلك لغياب الإهتمام بالمراة القروية فيما يتعلق بالتكوين والتثقيف، هذا ودخلت مباشرة في مداخلتها التي تناولت فيها “أهمية مشاركة المرأة في الحياة الساسية” وتحدتث فيها عن المسؤولية الملقاة على عاتق جميع أفراد المجتمع لضمان مشاركة فعالة وناجعة للمرأة في الحياة السياسية وأن هذه المشاركة ليست محصورة في مسؤولية المرأة لوحدها بقدر ما هي مسؤولية أخيها الرجل كذلك، بحيث لا تختلف أهداف مشاركة المرأة السياسية عن أهداف مشاركة أخيها الرجل، فالمشاركة واحدة وكذلك الهدف، كون الرجل والمرأة يعيشان في مجتمع واحد الذي يعيش ذات الظروف ويعج بالمشاكل التي تتعلق بجميع أفراد المجتمع، فليست هناك مشاكل خاصة بالرجل وأخرى بالنساء، فالمرأة بتكوينها الإنساني الخلقي قادرة على هذه المشاركة، وذلك من خلال التفاعل مع قضايا الرأي العام السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، سواء بحضورها الندوات وورشات العمل وبالكتابة عنها وعن إنجازاتها العضيمة في النهوض بتنمية المجتمع،وكذلك من خلال المشاركة في الانتخابات البرلمانية والبلدية، ترشحاً وانتخاباً، والانضمام إلى الأحزاب السياسية وترؤسها لها، ورأت الأستادة سميرة أبلا أن الجميع أمام مرحلة جديدة وتحول جديد على مستوى المجتمع وحقوق المرأة وتمكينها، بالاضافة لايصال صوتها ومطالبها كنصف مجتمع هو الأقرب للتفاعل والتعاطي مع الخدمات المحلية المقدمة، لافتة الى ان تحسن اداء المجالس البلدية مرهون بالمشاركة والتأثير وليس بالانزواء والابتعاد بحجة الإعتراض أو ان المجال حكر على جنس دون اخر.
ودعت الأستاذة سميرة في ختام مداخلتها ان المرأة وجدت نفسها تعيش على إيقاع هاجس تحصين المكتسبات التي حققتها، وهو ما يعني أن المرأة مطالبة أكثر بمزيد من العمل، كما أن الجهات المسؤولة والمجتمع مطالبين بمزيد من الإنصاف والمساواة بين الجنسين وإدماج مقاربة النوع الاجتماعي في السياسات والبرامج التنموية وكل ما له علاقة بنهضة المجتمع. وفي الاخير يمكن التأكيد على أن مشاركة المرأة تبقى أمرا ضروريا وملحا يفرضه الواقع ويفرضه التحول الدي يعيشه وينخراط فيه المغرب.
أعطيت الكلمة مباشرة بعد دلك للأستاد: يحيا الوزكاني بإعتباره أستاذ باحث في القانون الدستوري الدي ألقى مداخلته التي إفتتحها بكون الدستور الجديد، للملكة لم يعد يحصر المشاركة السياسية للنساء في المجالس المنتخبة، بل يفسح وفقا لمنطوق فصوله، المجال للمواطنات (إلى جانب المواطنين والجمعيات) للمساهمة في إعداد برامج التنمية وتتبعها، ولتقديم عرائض المطالبة بإدراج نقط حق إدراجه في اختصاصها ورسمها ضمن جداول أعمالها، وذلك انسجاما مع منطوق الفصل 13 الذي ينص على أن التنظيم الجهوي، يؤمن مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم، والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة. وفضلا عن هذا فتنزيل الدستور تنزيلا ديموقراطيا،يفرض تفعيل المقترحات المتضمنة في تقارير اللجنة الاستشارية حول الجهوية المتقدمة، التي تهدف عموما إلى بناء جهوية ديموقراطية، خاصة فيما يتعلق بتشجيع المشاركة النسائية وفق مقاربة النوع الإجتماعي، وذلك بالإدماج الممنهج، في المقام الأول، لمقاربة النوع في السياسات العمومية والإستراتيجيات على المستوى الجهوي، تصورا وتفعيلا ومتابعة وتقييما، وأخذ مقاربة النوع بعين الإعتبار عند وضع الميزانيات على صعيد الجهة والعمالات والأقاليم، وفي المقام الثاني،إنصاف النوع في كل مجلس جهوي يضم شخصيات كفأة من الجنسين، ويكون بوسع المجلس أن يعالج من تلقاء نفسه كل مسألة تندرج ضمن اختصاصه بغية النهوض بثقافة المساواة بين الرجال والنساء.
عرج كذلك الأستاد يحيا في ختام مدخلته على أن الرفع من تمثيلية النساء في مراكز صنع القرار وعلى مستوى التسيير المحلي لا يتطلب فقط تعديل التشريعات ولكن يحتاج إلى مقاربة سياسية شاملة وبرامج للرفع من القدرات النسائية، وكذا تغيير الثقافة المجتمعية وترسيخ ثقافة حقوق الانسان. وكذا الى مبادرة جميع النساء في العالم القروي الى وضع الثقة في أنفسهن لمشاركة فعالة ومتميزة في الإنتخابات وستشكل الاستحقاقات التشريعية المقبلة محكا حقيقيا للإرادة السياسية من اجل ترجمة مقتضيات الدستور التي تنص على المناصفة على أرض الواقع وإحداث تحول حقيقي يكرس الحقوق السياسية للمرأة.
تناول بعد دلك الأستاد: مصطفى العفاني وهو الكاتب العام للعصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان كلمة مقتضبة تحدث فيها عن المشاركة السياسة للنساء على ضوء المواثيق والعهود الدولية لحقوق الإنسان من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: الذي يعتبر مصدر المواثيق الدولية الأخرى ومصدر الهام للإنسانية جمعاء في مجال حقوق الإنسان ,والذي اعتمد ونشر بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1948 ونص في مادته الثانية على حق كل إنسان في التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية دونما أي تمييز من أي نوع كان لا سيما التمييز بسبب الجنس. وقد شكّل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان محطة مهمة في تاريخ حقوق النساء إذ اعترف بشكل واضح وصريح بالمساواة وبالحقوق المتساوية بين الجنسين، وقد شجّع الإعلان على صدور إتفاقيات تتعلّق بالنساء فقط, فصدرت ثلاثة إتفاقيات على التوالي خاصة بالنساء. وأكد الاستاذ مصطفى على الادوار المهمة التي يضطلع بها المغرب فيما يخص الحقوق الاساسية للنساء بحيث أن العهد الجديد برهن على وجود إرادة سياسية قوية في تعاطيه مع مسألة ضمان حقوق المرأة من خلال توسيع المشاركة السياسية للمرأة باعتبارها دعامة للديمقراطية والتزاما بمقتضيات الدستور وكذلك من خلال إزالة كافة أشكال التمييز بين الرجل والمرأة عبر تحيين العديد من المقتضيات القانونية كمدونة الأسرة؛قانون الجنسية ومدونة الشغل إلى جانب الإجراءات التدبيرية المتمثلة في توسيع مشاركة النساء في تقلد الوظائف العمومية.
تم فتح باب النقاش لإغناء الورشة بمداخلات المشاركات ونقاشات الحاضرين، والتي أبانت عن تفاعلهم الإيجابي مع مقتضياتها، وخصوصا النساء اللواتي كانت لهن الشجاعة الكبيرة في التفاعل القوي مع مداخلات الأساتدة المؤطرين، ليتم الخروج في الاخير بمجموعة من التوصيات والخلاصات وهي:
- الدعوة الى ضمان مشاركة النساء في اتخاذ القرار سواء داخل المجالس الجهوية أو داخل المرافق العمومية الجهوية المزمع إحداثها.
- تكثيف الاهتمام المستمر بتعليم و تكوين وتثقيف المرأة في جميع المجالات.
- تعزيز الصورة الإيجابية المرأة في الإعلام وفي الكتاب المدرسي.
- المطالبة بضرورة إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في السياسات العمومية و عند وضع الميزانيات على الصعيد الوطني أو الجهوي.
- الدعوة الى إحداث لجان للمناصفة من قبل المجالس الجهوية قصد تعزيز المساواة بين الجنسين و محاربة كافة أشكال التمييز ضد المرأة.
عبدالله لهنود.