توصل الوكلاء العامون للملك لدى محاكم الاستئناف ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية، بدورية من رئيس النيابة العامة حول تتبع إعلان مراكش 2020 للقضاء على العنف ضد النساء، يدعوهم من خلالها إلى “العمل على تفعيل مضامين البروتوكول والاتفاقية، وذلك بالحرص والحزم اللذين يستوجبهما الأمر، والعمل على عقد اجتماعات جهوية ومحلية مع مختلف المتدخلين المعنيين، وذلك لتحديد قائمة الخدمات المزمع توفيرها من طرف كل متدخل، وطبيعة التدابير التي سيتم بشكل استعجالي اتخاذها تفعيلا للالتزامات الملقاة على عاتقكم”.
في ما يلي نص الدورية:
إلى السادة الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف
– السادة وكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية
الموضـــوع: حول تتبع إعلان مراكش 2020 للقضاء على العنف ضد النساء.
سلام تام بوجود مولانا الإمام
وبعد،
كما تعلمون فإن صاحبة السمو الملكي الأميرة الجليلة للامريم رئيسة الاتحاد الوطني لنساء المغرب تجعل دوما في صلب اهتمامها النهوض بحقوق المرأة والفتاة المغربية، وفي هذا السياق تم في 8 مارس 2020 بمناسبة اليوم العالمي للمرأة وتحت رئاسة سموها الفعلية توقيع إعلان مراكش 2020 للقضاء على العنف ضد النساء.
وقد شاركت رئاسة النيابة العامة في توقيع هذا الإعلان إلى جانب كل من وزارة الصحة ووزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة ووزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الثقافة والشباب والرياضة والوزارة المنتدبة لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي المكلفة بالتعليم العالي والبحث العلمي والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري.
وتضمن الإعلان التزامات على عاتق كل الموقعين عليه ترمي إلى تنسيق جهودهم والعمل بشكل تشاركي للقضاء على العنف ضد النساء وتطوير آليات التكفل بضحاياه والحد من زواج القاصر باعتباره صورة من صور العنف ضد الفتاة المغربية.
وعلى إثر عدة اجتماعات لمجلس الإعلان المكون من الموقعين عليه، وتنفيذا لجزء من هذه الالتزامات تم توقيع البروتوكول الترابي للتكفل بالنساء ضحايا العنف بين رئاسة النيابة العامة ووزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة ووزارة الصحة. علما أن الإعلان أوكل لرئاسة النيابة العامة إعداد البروتوكول المذكور وتنسيقه ودعى باقي الأطراف لتفعيله بشراكة معها. كما تم توقيع اتفاقية شراكة مع وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي من أجل تفعيل القانون المتعلق بإلزامية التعليم الأساسي للحد من الهدر المدرسي الذي يعد من الأسباب الرئيسية لزواج القاصر.
وقد تم إطلاق هاتين المبادرتين في مارس 2021 في تجربة نموذجية للبروتوكول الترابي بجهة طنجة تطوان الحسيمة وتجربة نموذجية للحد من الهدر المدرسي بجهة مراكش آسفي. كما تم توجيه النيابات العامة بهاتين الجهتين إلى تفعيل التزاماتها بهذا الخصوص.
هذا وقد التزمت هذه الرئاسة رفقة شركائها في هاتين المبادرتين بتعميمهما على باقي جهات المملكة في أفق تقديم تقرير شامل بذلك.
وتنفيذا لذلك، فإنني أدعوكم جميعا إلى العمل على تفعيل مضامين البروتوكول والاتفاقية، وذلك بالحرص والحزم اللذين يستوجبهما الأمر، والعمل على عقد اجتماعات جهوية ومحلية مع مختلف المتدخلين المعنيين، وذلك لتحديد قائمة الخدمات المزمع توفيرها من طرف كل متدخل، وطبيعة التدابير التي سيتم بشكل استعجالي اتخاذها تفعيلا للالتزامات الملقاة على عاتقكم.
أولا : البروتوكول الترابي للتكفل بالنساء ضحايا العنف
ولوضعكم جميعا في صلب الالتزامات التي يرتبها البروتوكول الترابي للتكفل بالنساء ضحايا العنف، فإني أدعوكم مجددا إلى استحضار مقتضيات الدوريات السابقة لهذه الرئاسة، والعمل في إطار تدبيركم لقضايا العنف ضد النساء إلى إيلاء عناية خاصة بالضحايا، وبذل جهد أكبر في التكفل بهن لا يقل عما هو مطلوب منكم في سبيل إيقاف المعتدين وتقديمهم إلى العدالة.
وباعتبار الدور الموكول لكم في تنسيق وتنفيذ مضامين البروتوكول، فإنني أدعوكم إلى إيلاء الاجتماعات المزمع تنظيمها في هذا الإطار العناية اللازمة والحرص على حضوركم الشخصي لأشغالها، بمعية من اخترتم من نوابكم للتعامل مع هذا النوع من القضايا، وكذا الحرص على حضور المسؤولين الجهويين والمحليين التابعين لمصالح الأمن الوطني والدرك الملكي والصحة والتعاون الوطني، وذلك ضمانا لتنزيل ولنجاعة التوافقات التي ستسفر عنها هذه الاجتماعات.
ولبلوغ هذه الغايات النبيلة أطلب منكم على الخصوص القيام بما يلي :
– تسمية قضاة النيابة العامة مكلفين بهذا النوع من القضايا لاستقبال الضحايا والشكايات وتتبع إجراءات البحث بشأنها، ودراسة المحاضر المنجزة مع السهر على ترتيب ما يجب قانونا على ضوء ذلك في حال تقديم المشتبه فيهم أمام النيابة العامة، وكذا تفعيل المقتضيات الحمائية التي ينص عليها القانون13 – 103 لفائدة الضحايا؛
– تحسيس قضاة النيابة العامة وأطرها وموظفيها المكلفين بهذا النوع من القضايا، بمضمون البروتوكول ووجوب مراعاة خصوصية التعامل مع النساء ضحايا العنف، وذلك بموجب مذكرة داخلية في الموضوع؛
– اعتماد أوراق بلون خاص موحد تضمن فيها التعليمات الكتابية الصادرة بخصوص هذا النوع من القضايا، لإثارة الانتباه إلى خصوصيتها، من أجل التعاطي معها بسرعة وفعالية؛
– التشخيص الدقيق للحاجيات الأولية والعاجلة للمرأة ضحية العنف وضمان استفادتها الفورية مما هو متاح من خدمات العلاج والإيواء والتنسيق في ذلك مع الشركاء المعنيين بتقديم هذه الخدمات؛
– مراعاة الصعوبة التي تواجه النساء الضحايا في إثبات حالات العنف الذي يتعرضن له لاسيما في حالات العنف الجنسي والأسري، والحرص على متابعة إجراءات البحث التمهيدي، وتوجيه مساره بما يكفل توفير ما يلزم من أدلة إثبات كافية في حال وجودها؛
– الإعمال الفوري للتدابير الحمائية التي توفرها المقتضيات القانونية وتحديدا منها الأمر بمنع المعتدي من الاتصال بالضحية أو الاقتراب منها أو التواصل معها بأي وسيلة كانت، وذلك بما يتلاءم ودرجة خطورة الاعتداء وشخصية الجاني ومدى احتياج المرأة ضحية العنف لذلك؛
– توجيه تعليمات كتابية لمصالح الشرطة القضائية المختصة متضمنة لسبل وآليات تنزيل البروتوكول وطرق التعامل مع قضايا النساء المعنفات وأشكال التكفل بهن؛
– مراسلة رؤساء مصالح الشرطة القضائية سواء التابعين للأمن الوطني أو الدرك الملكي جهويا ومحليا بدائرة نفوذكم بغرض تسمية ضباط شرطة مختصين بمعالجة هذا النوع من القضايا والتعاطي مع حالات الضحايا والتكفل بهن على مستوى كل مصلحة على حدة، والتنسيق معكم بهذا الخصوص؛
– عقد اجتماعات مع من تمت تسميتهم من ضباط الشرطة القضائية لهذه الغاية وحثهم على الحرص على توفير الشروط اللازمة للتكفل بالمرأة ضحية العنف على أحسن وجه وذلك عن طريق :
• الاهتمام بمختلف حالات العنف أو الادعاء به مهما كانت درجة خطورته، مع العناية بوضعية الضحية بقدر الاهتمام بمسار البحث وإجراءاته؛
• تمكين النساء من الإفصاح عما تعرضن له من عنف في ظروف تضمن احترام خصوصيتهن، من خلال استقبال الضحية في مكان يتيح لها الإفصاح عما تعرضت له ووفقا لشروط تراعي عدم المساس بكرامتها وإجراء الاستماع إليها بما يتلاءم مع ذلك؛
• مراعاة مدة انتظار النساء المعنفات بمصالح الشرطة ومراكز الدرك الملكي، وإعطاء ملفاتهن أولوية في المعالجة، وتوفير الدعم المعنوي للمرأة الضحية للإدلاء بتصريحاتها بكل دقة وتفصيل، بما يخدم مصلحة البحث الجاري في القضية؛
• الحرص على إشعار المرأة الضحية بانتهاء البحث التمهيدي ومراجع إحالته على النيابة العامة وذلك بكل الوسائل المتاحة وبأساليب تراعي وضعيتها وقدراتها؛
• العمل بشكل مواز على ضمان حق المرأة الضحية في الاستفادة بشكل فعلي من آليات التكفل المتاحة، لا سيما من خلال ولوج خدمة التطبيب والعلاج بالفورية المطلوبة؛
• التنسيق مع أعضاء النيابة العامة المخاطبين بقضايا العنف ضد النساء في سبيل توفير كل خدمة متاحة تحتاج لها المرأة الضحية بما يضمن سلامتها الجسدية إلى حين اتخاذ المتعين قانونا بخصوص شخص الجاني.
كما أدعوكم إلى :
* عقد اجتماعات مع كافة المتدخلين المعنيين بتقديم الخدمات لفائدة النساء ضحايا العنف، ولا سيما خدمات التطبيب، بغرض ضمان تكاملها وتجويدها، ومن أجل حثهم على إحالة كل ما يصل إلى علمهم من حقائق أو ادعاءات بشأن العنف ضد النساء، على مصالح الشرطة القضائية المعنية بغرض البحث والتحري بشأنها وذلك بما يقتضيه الأمر من سرعة وفعالية؛
* الحرص على التواصل الدائم مع المسؤولين عن الإيواء بدائرة نفوذكم للتوافق على معايير موحدة للإيواء ولجعل فتراته مؤقتة تسمح حسب خصوصية كل ضحية عند الاقتضاء بفتح آفاق للتمكين عن طريق التكوين أو غيره، فضلا عن ضرورة العناية بمصير الأطفال عند وجودهم لاسيما ما يتعلق بسلامتهم وتمدرسهم.
ثانيا : اتفاقية الشراكة مع وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي في مجال إلزامية التعليم الأساسي من أجل الحد من الهدر المدرسي
لا يخفى عليكم أن رئاسة النيابة العامة جعلت منذ إحداثها موضوع زواج القاصر من أولوياتها في سعي لتفعيل الأدوار المنوطة بالنيابة العامة لتغليب المصلحة الفضلى للقاصر من الزواج المبكر باعتباره استثناء قيده المشرع المغربي بعدد من الشروط والإجراءات، واعتبارا للمسؤولية الملقاة على عاتق النيابة العامة بمقتضى المادة 54 من مدونة الأسرة بمراقبة تنفيذ أحكامها المرتبطة بحقوق الطفل على أسرته وعلى رأسها حقه في التمدرس، بمقتضى القانون المتعلق بإلزامية التعليم الأساسي.
وبناء عليه فإن مقتضيات الاتفاقية الموقعة مع وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي تأتي في محور الأدوار المنوطة بالنيابة العامة كونها ترمي إلى الحد من الهدر المدرسي وعبر ذلك الوقاية من الزواج المبكر.
لذا أدعوكم إلى بذل قصارى جهدكم لتفعيل هذه المقتضيات والعمل على :
– تسمية أحد نوابكم المكلفين بقضايا الطفل لتتبع تنفيذ بنود الاتفاقية المذكورة؛
– ربط الاتصال مع الأكاديمية الجهوية والمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بدائرة نفوذكم من أجل تشكيل لجنة مشتركة مكلفة بالموضوع وعقد اجتماعات لتتبع تفعيل بنود الاتفاقية؛
-دعوة مخاطبيكم من قطاع التربية والتكوين إلى التبليغ عن كل حالات الأطفال المتمدرسين غير المسجلين بالحالة المدنية بغية تسوية وضعيتهم وضمان أمنهم التربوي، وتفعيل الدور المنوط بكم لتسجيل الأطفال في الحالة المدنية والاستجابة لمطالب الأسر الخاصة بالموضوع قصد تهييئ الظروف المواتية لتمدرس الأطفال؛
– الحرص أيضا على جعل اجتماعات اللجن المحلية والجهوية للتكفل بالنساء والأطفال التي ترأسونها مناسبة لمناقشة موضوع الهدر المدرسي وارتباطه بزواج القاصر والتحسيس بمختلف أبعاد هذا الموضوع بحضور مختلف المتدخلين؛
– الإسهام في التحسيس داخل الفضاء المدرسي بالآثار الوخيمة المحتملة لزواج القاصر وارتباطه بالهدر المدرسي عن طريق المشاركة في تأطير الأنشطة التربوية المنظمة من قبل الجهات المعنية بالتربية والتكوين؛
-الإسهام في إنجاز الأبحاث الاجتماعية الضرورية لمعرفة أسباب الانقطاع عن الدراسة وتسخير دور المساعدين والمساعدات الاجتماعيات لذلك؛
– إجراء التحريات اللازمة للكشف عن الأسباب الحقيقية لانقطاع الأطفال عن الدراسة؛
-المشاركة في أنشطة جمعيات المجتمع المدني الفاعلة في الموضوع للإسهام في مجهودات التوعية التي تبذلها؛
– التشجيع على الوساطة الأسرية لإعادة القاصرين المنقطعين عن الدراسة؛
-ترتيب الجزاء القانوني في حالة ثبوت الامتناع غير المبرر عن إرجاع الأطفال؛
– التفاعل الفوري مع الإشعارات والتبليغات المتوصل بها من خلايا الإنصات بالمدارس حول العنف بالفضاء المدرسي أو الفضاء الأسري.
ونظرا لما لهذه المقتضيات من أهمية أدعوكم إلى التقيد بها وتنفيذها بحرص وعناية وموافاتي بتقارير مفصلة عما اتخذتموه من إجراءات بهذا الخصوص وإشعاري بكل صعوبة تعترضكم في سبيل ذلك.