ديوان “ثغوييث أوسغذي” للشاعرة نور أعراب في قراءة أدبية بكاسيطا

احتضنت دار الشباب كاسيطا بوسط الريف (إقليم الدريوش)، مساء اليوم 17 مارس 2018، لقاء أدبيا جمع بين أساتذة اللغة الأمازيغية والشعراء المبدعين، إضافة إلى عشاق الكلام الموزون من شباب بلدتي أزلاف وكاسيطا والمناطق المجاورة لها.
اللقاء عبارة عن قراءة أدبية في ديوان “ثغوييث ن أوسغذي” (صرخة الصمت)، نظمته، بمناسبة اليوم العالمي للشعر، جمعية ثاومات للثقافة والتنمية بأزلاف بمشاركة أستاذة اللغة الأمازيغية بالناظور كوثر التوزاني، وأستاذ اللغة الأمازيغية بأيت بوعياش يونس لوكيلي، إلى جانب مؤلفة الديوان الشاعرة نور أعراب، وتسيير الطالب صلاح الدين البوجدايني.في مداخلته تحدث يونس لوكيلي، أستاذ اللغة الأمازيغية بأيت بوعياش، عن الجانب الدلالي للنصوص الشعرية المضمنة في ديوان “ثغوييث ن أوسغذي”، وهو جانب غني بالمعاني
يمتزج فيه الشعر مع فلسفة الحياة، “تناولت الشاعرة فضايا المرأة اللغة، الهوية الأرض، الذات، الحب، الأمل، الحزن والبداية، بنظرة تراجيدية مأساوية تنتهي بالأمل والرغبة في الحياة”.كما تحدث عن التصنيف “يصنف شعر نور، أعراب ضمن الشعر المعاصر، إذ يتسم بالتشبث بالتاريخ، التراث، الهجرة، اللغة، الذات، الهوية ، وحضور الماضي بهمومه”، مضيفا “تناولت الشاعرة تيمات: الحرية، الهوية، الألم التهميش، الاغتراب المكاني والذاتي…”.

أما أنواع القصائد فتتراوح، حسب الأستاذ لوكيلي، بين الجدلية والتناصية، وبالنسبة للبناء في القصيدة المعاصرة “يتضمن الديوان عناوين لقصائد كلها مرتبطة بالعنوان العام من ناحية الموضوع، وتراوحت القصائد من ناحية الطول بين القصيرة والطويلة، واستعملت الشاعرة جملا مركبة وجملا بسبطة”، أما بالنسبة للغة المستعملة “فهي لغة عميقة تميل للترميز، والثراء في القاموس الأمازيغي القديم، إلى جانب توظيف كلمات من اللغة المعيار، تبتعد عن اللغة اليومية…”.

ومن ناحية الحقول الدلالية، سجل لوكيلي غلبة الحقل العاطفي الذاتي، التاريخي، السياسي، والطبيعي، وبالنسبة للإيقاع “ترتكز الشاعرة على الإيقاع الداخلي وتناسق الأصوات، وحاولت تجاوز القافية الموحدة، لكنها حافظت في بعض القصائد على الوزن القديم (رالا بويا) في تنظيم الأبيات الشعرية”.

أما بالنسبة للأسلوب فقد لاحظ أن الشاعرة “تعتمد التنويع في الأساليب وتزاوج بين أسلوبي الإخبار والتقرير، وتوظف أساليب الإنشاء كالاستغراب، الاستفهام، والتعجب”، وبالنسبة للصور الشعرية تعتمد “جمالية الصورة، رؤيا قائمة على الرموز، وتسخير المجاز والمشابهة لذة الايحاء”. إضافة إلى التنويع في الضمائر، واستعمال الحرف اللاتيني إلى جانب “تيفيناغ” في الكتابة.

وخلص لوكيلي إلى أن الشاعرة تعتمد رؤية شعرية تراجيدية، “فلسفة حياة تدعو إلى التحدي والعيش بسلام، والتحلي بروح البحث عن الحقيقة بشكل فردي أو جماعي، وتدعو الجميع إلى الانخراط في الحفاظ على القيم الأمازيغية كالحب والاعتزاز بالأرض، اللغة، التاريخ، والمرأة، أضف إلى ذلك تناولها لقضية الهجرة. كما أنها تعتبر الأرض أما ومن لا يمتلك الأرض يعتبر يتيما، وتدعو الجميع إلى البحث عن الحقيقة وخاصة الطالب الذي تعتبره رمز الامل، دون أن تنسى الاحتفال بالمرأة وتدين كل أشكال التسلط في حقها وتدعوها إلى التحدي والحفاظ على قيم المجتمع الأمازيغي، كما أن معظم قصائدها تنتهي بنظرة تفائلية للمستقبل”.

مضيفا أن الشاعرة “توفقت في تصوير المعاناة الإنسانية، وخاصة الإنسان الأمازيغي الذي يحتاج للحب والأمل من أجل تجاوز واقعه الدامي (التراجيدي) لواقع آخر هو واقع الحياة والحرية، إذ تحتفل في إحدى قصائدها بالعادات والتقاليد التي تحن إيها كما تعتز بكل ما يرتبط بالإنسان كاللغة الأمازيغية”.

من جانبها تحدثت الأستاذة كوثر التوزاني رئيسة جمعية مدرسي اللغة الأمازيغية بجهة الشرق، عن حياة الشاعرة الأمازيغية نور أعراب، وعن مسيرتها الشعرية التي بدأت في الرابعة عشرة من عمرها، “فكانت نموذجا لامرأة تحدت الإعاقة، إذ بالرغم من عدم ولجها المدرسة، نظرا لغياب مداس مخصصة للمكفوفين بوسط الريف، تمكنت من فرض نفسها في المجتمع بفضل موهبتها الشعرية”.

وأضافت الأستاذة كوثر، التي ناضلت من أجل استمرارها في تدريس اللغة الأمازيغية، أن ديوان “ثغوييث ن أوسغذي”، الذي نشرته جمعية ثاومات للثقافة والتنمية بأزلاف، حضي بتقديم للدكتور الباحث في اللغة والثقافة الأمازيغية عبد المطلب الزيزاوي، ويضم بين دفتيه 22 قصيدة حول قضايا الأرض والحب واللغة موزعة على 72 صفحة، مكتوبة بأمازيغية الريف بالحرفين اللاتيني والأمازيغي “تيفيناغ”.

وقالت التوزاني أن هذا الديوان يشكل إضافة نوعية للأدب الأمازيغي بالريف، نظرا لأن مؤلفته الشاعرة نور أعراب، من الشاعرات القلائل اللاتي اخترن طريق الشعر للتعبير عن الشعور والأحاسيس والوصف المتداخل مع الأحاسيس والآراء،فديوان “ثغوييث ن أوسغذي” يضم تعابير عميقة تخرج من القلوب لتمس القلوب والعقول، مستخدمة كلمات أمازيغية أصيلة، تجعل القارئ يتأثر فيحزن ويبكي أحيانا، ويحس بالسعادة والفرح أحيانا أخرى.

ومن جهتها عبرت الشاعرة الأمازيغية نور أعراب عن فخرها بعملها، وقالت أنها بدأت كتابة الشعر في سن مبكرة من أجل إيصال رسالتها، وترك بصمتها في عالم الإبداع، كما تقدمت بالشكر الجزيل للشاعر حكيم الوسطاني الذي ساعدها كثيرا في كتابة قصائدها وإخراج أول عمل لها للوجود.

وفي كلمة لرئيس جمعية ثاومات للثقافة والتنمية تحدث عن دور الجمعية في تشجيع المواهب في المنطقة، كما هنأ الشاعرة بصدور ديوانها الأول، فيما تمحورت مداخلات الحاضرين التفاعلية مع الأساتذة، حول قراءة في غلاف الديوان، ومناقشة أوزان الشعر الأمازيغي وأساليب الكتابة، إضاف إلى تعبيرهم عن التضامن مع الأستاذة كوثر التوزاني على إثر ما تعرضت له من تعنيف رمزي أثناء محاولة ثنيها عن تدريس اللغة الأمازيغية، ليختتم اللقاء بتوقيع الديوان، وأخذ صورة تذكارية مع الشاعرة نور والأساتذة المتدخلين.

أمضال أمازيغ: محمد الوسطاني

شاهد أيضاً

أكادير تحتضن الملتقى الأول لتجار المواد الغذائية

تحتضن مدينة أكادير من 24 الى 26 يوليوز الجاري الملتقى الأول لجمعية تمونت لتجار المواد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *