رأس السنة الأمازيغية.. التهميش المتعمد

image001
بقلم: محمد بوسعيدي

إن كل الشعوب عبر التاريخ تتخذ حدثا متميزا لبداية تاريخها، ولقد اختار المسيحيون يوم ميلاد المسيح عليه الصلاة والسلام بداية للتاريخ الميلادي، في الوقت الذي اختار فيه المسلمون مناسبة هجرة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام من مكة الى المدينة المنورة بداية للتاريخ الهجري، أما التاريخ الأمازيغي فيعتبر أقدم تاريخ، حيث اعتبر الأمازيغ القدامى مناسبة انتصار الأمازيغي شيشونغ على الأسرة الفرعونية الواحدة والعشرين، وكان ذلك تقريبا 950 سنة قبل الميلاد مناسبة لبداية التقويم الأمازيغي حسب ما أشار إليه أغلب المؤرخين، إلا أن الملاحظة المثيرة هو نهج التفاضل بين هذه الأحداث، فنستقبل السنة الميلادية بالاحتفال والحلوى والخمر والهدايا المختلفة سيرا على عادات مستوردة، معلنين يوم الفاتح من كل سنة ميلادية يوم عطلة، ليمر الفاتح من محرم كل سنة أقل احتفالا من سابقه، لتواكبه هو الآخر طقوس الشعودة والجدبة …مع يوم عطلة، رغم أن هذين الرسولين العظيمين اللذين يعتبران من أولي العزم من الرسل، وبعثا لهداية البشرية إلى سواء السبيل، بريئان من بدع و خرافات الاتباع .

إلا أن الملاحظة التي لا يختلف فيها اثنين هو التهميش المتعمد الذي يطال التقويم الأمازيغي رغم قدمه وتوغله عبر القرون في التاريخ، ويؤرخ لشعب عريق في بلاد تامازغا لم تغير عادات وتقاليد الشعوب القادمة من الشرق والغرب من التمسك بلغتهم وثقافتهم، ومع ذلك يجعلون من يوم 13 يناير من كل سنة يوما عاديا كباقي الأيام وكأنه لا يعني لهم شيئا، بخلفيات مختلفة تنفث فيه سموم القوميات والأعراق، وتحطيم كل ما يرمز إلى تاريخ الأمازيغ لطمس الهوية وتذويبهم في هويات دخيلة قصد إفقاد الخصوصية، فلا اعتراف ولا عطلة ولا إشارة لهذا اليوم التاريخي.

ولقد أجمعت مجموعة من الجمعيات والفعاليات الأمازيغية في جهة فاس-مكناس على تخليد هذا الاحتفال هذه السنة بشكل جماعي في مركز الجهة بمدينة فاس من يوم 13 الى 16 يناير 2966 بشيئين أساسيين: الاحتفال والنضال، الاحتفال بتخليد الذكرى بندوات فكرية وكرنفال يجوب شوارع فاس يعكس التنوع الثقافي للمغرب من حيث عادات الطبخ، اللباس، الأهازيج، الإيقاعات، الفروسية.. تجسده فرق من مختلف ربوع الوطن، ويختتم بأمسية فنية  تحييها فرق أحيدوس، أحواش، كناوة، عبيدات الرمى، طقطوقة جبلية .. لتجسيد تنوع بلادنا على الخشبة.

أما نضاليا فسيكون اليوم مناسبة للمطالبة لإخراج القانون التنظيمي للأمازيغية وتفعيلها في الحياة العامة للمواطنين، تنزيلا لرسمية اللغة الأمازيغية الوارد في الدستور الذي لازال يراوح مكانه رغم مرور أربع سنوات على وجوده. مع المطالبة بيوم عطلة في هذا اليوم لتثمين الرمزية.

وإن الأجدر أن نحترم كل ما يحتفل به الإنسان، وما يشكل لديه حدثا بغض النظر عن كل النزعات، كي يجد كل ذاته بلا تهميش لتاريخ أو حضارة قوم، في إطار مودة وأخوة وحياة يملاها الحب لبني البشر، لتنتفي الضغائن ويسود الوئام على كوكبنا. فأنا مستعد أن أحتفل معك فيما تراه يعني لك شيئا، فهل أنت مستعد لنفس الشيء معي؟

شاهد أيضاً

الجزائر والصحراء المغربية

خصصت مجموعة “لوماتان” أشغال الدورة السابعة لـ “منتدى المغرب اليوم”، التي نظمتها يوم الخامس من …

تعليق واحد

  1. ننتظر منكم كمناظلين تخليد الذكرى على مستوى المدن و القرى, تحية من قمم جبال الاطلس للمناظل الكبير الاستاذ البوسعيدي محمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *