وجه رئيس التجمع العالمي الأمازيغي، رشيد الراخا رسالة إلى كاترين كولونا، وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية للجمهورية الفرنسية حول “ممارسة التمييز العنصري من طرف فرانس 24، وحقوق الأمازيغ، والتواطؤ مع جنرالات الجزائر، وحقوق طوارق أزواد في مالي”
في ما يلي نص الرسالة:
إلى معالي السيدة كاترين كولونا وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية للجمهورية الفرنسية
الموضوع: ممارسة التمييز العنصري من طرف فرانس 24، وحقوق الأمازيغ، والتواطؤ مع جنرالات الجزائر، وحقوق طوارق أزواد في مالي
معالي الوزيرة،
بمناسبة الذكرى الثلاثين لإعلان اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يصادف 3 مايو 2023، يسرني أن أوجه إليكم هذه الرسالة لإثارة انتباهكم إلى أربعة قضايا أساسية لها علاقة بحقوق الأمازيغ، ويتعلق الأمر بـ:
1- طلب تصحيح الخط التحريري لقناة فرانس 24 بخصوص الأمازيغ.
2- التعويض عن الأضرار الناجمة عن الحرب الكيماوية ضد الريف الكبير بالمغرب.
3- التواطؤ مع جنرالات الجزائر الذين يشكلون تهديدا خطيرا على اتحاد دول شمال أفريقيا.
4- طلب عاجل للتعاون مع المقاتلين الطوارق لتفادي الخطر الذي يتهدد مالي من طرف تنظيم داعش
1- طلب تصحيح الخط التحريري لقناة فرانس 24 بخصوص الأمازيغ:
رغم رسائل الاحتجاج التي بعثناها إلى قنواتكم التلفزية الرسمية، وخاصة فرانس 24، إلا أنها لا تزال تستخدم عبارة “المغرب العربي” المزيّفة لتوصيف منطقتنا في شمال أفريقيا.
وعلى هذا الأساس، نود أن نحيطكم علما بأننا قمنا بتوجيه رسائل مسجلة إلى كل من السيد مارك سيكالي، الرئيس السابق لقناة فرانس 24، بتاريخ 27 نوفمبر 2020، وإلى السيدة ماري كريستين ساراغوس، الرئيس التنفيذي لمجموعة فرانس ميديا موند الفرنسية، في 5 ديسمبر 2018، كما ذكرنا المديرة الجديدة، السيدة فانيسا بورغراف، والرئيس التنفيذي ساراغوس، بتاريخ 7 دجنبر 2022، وطلبنا منهم بودّ وضع حدّ لاستعمال مصطلح “المغرب العربي” الذي يستخدم بشكل متكرر في نشرات أخبار قناة فرانس 24 باللغة العربية، وأكدنا لهم “أن المغرب لم يكن عربيًا في الماضي ولن يكون كذلك في المستقبل”، كما تم التذكير بذلك عندما قامت قنواتكم بتصنيف المنتخب المغربي بأنه منتخب عربي خلال كأس العالم في قطر، مع العلم أن الجميع يعرف تمامًا أن المنتخبين العربيين الحقيقيين هما قطر والمملكة العربية السعودية، اللذين أقصيا مبكرا، فيما تأهل المغرب، كفريق وحيد بأفريقيا وممثل للقارة الأفريقية، إلى المركز الرابع في هذه البطولة.
وعلى سبيل المثال، فإن أخبار قنواتكم تغطي غالبا أنباء حركة انفصالية مصطنعة “عربية” تسمى “البوليساريو”، في وقت لا تنْبَسُ بِبِنْت شَفَةٍ عن حركة تقرير المصير في منطقة القبائل الأمازيغية “الماك” التي يتظاهر مناضليها بالآلاف في شوارع عاصمتكم باريس، أو عن الحركات الأمازيغية في المغرب أو “الحركة الوطنية لتحرير أزواد”!
لذا، نطلب منكم التدخل لحَمْلِ صحافييكم على احترام الهوية التاريخية لشمال أفريقيا قاطبة، والتي لا يمكن أن تكون إلا أمازيغية، وذلك من خلال تصحيح الوصف التمييزي “المغرب العربي”، لأنه من غير المنطقي أن نستمر في استخدام مصطلحات ذات طابع إيديولوجي، التي لا تعمل سوى على إيذاء مشاعر وأحاسيس وهوية وعزة الملايين من المواطنات والمواطنين ذوي الأصول الأفريقية، ومن مواطنيكم ومواطناتكم من أصل شمال-أفريقي. ولعلمكم، فإن الغالبية العظمى لأكثر من 5 ملايين مسلم الذين يعيشون في فرنسا هم من أصل أمازيغي، وبالتحديد من جبال القبائل والأطلس ومنطقة سوس وسلسلة جبال الريف! فالأصح استخدام “شمال إفريقيا”، أو “تمازغا”، أو “المغرب الكبير”، وخاصة بعد الاكتشاف العالمي سنة 2017 أن أقدم إنسان عاقل في العالم، تم العثور عليه الآن في المغرب، على بعد 70 كيلومتر من مراكش، في “أدرار ن إغود” (أو “جبل إغود” باللغة العربية)، ويعود تاريخه إلى 315 ألف عام، والذي يعد في آخر المطاف جدّ جميع شعوب تمازغا والعالم.
2- التعويض عن الأضرار الناجمة عن الحرب الكيميائية ضد الريف الكبير بالمغرب:
في السادس من فبراير الماضي، بهثت برسالة إلى السيدة باتريسيا ميراليس، كاتبة الدولة لدى وزير الجيوش، المكلفة بالمحاربين القدامى والذاكرة (المرجع: PDR / EMP / A057679)، بمناسبة الذكرى الستين لوفاة بطلنا العظيم محمد بن عبد الكريم الخطابي، حيث طلبت منها النظر في طلبنا المشروع بشأن الأضرار الكبيرة التي لم يتم جبرها بعد، والتي تقع مسؤولية ارتكابها بالضرورة على عاتق الجمهورية الفرنسية، إلى جانب المملكة الإسبانية، من خلال استخدام الأسلحة الكيماوية ضد السكان المدنيين في الريف المغربي الكبير، خلال حرب الريف ما بين 1921 و1927. وقد تلقى الرئيس الفرنسي السيد إيمانويل ماكرون مراسلتنا بتاريخ 21 يوليو 2021، بمناسبة الذكرى المائوية لمعركة أنوال الشهيرة، وأخبرنا “بمدى العناية الكبيرة التي حظيت بها رسالتنا، وكذا الدواعي والانشغالات التي دفعتنا للقيام بهذه المبادرة “، حسب ما أكده لنا “جان لو روش”، رئيس مفوض من الدرجة الأولى بهيئة الأركان الخاصة برئاسة الجمهورية الفرنسية، في 10 سبتمبر 2021، أنه “مشيراً إلى أن الأمر يتعلق بموضوع حساس يقع ضمن الصلاحيات الموكلة للسيدة كاتبة الدولة لدى وزيرة الدفاع، المكلفة بقدماء المحاربين والذاكرة.”
ومنذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا، لم نتلقَ أي جواب بهذا الشأن، لذا نطلب منكم أن تبذلوا قصارى جهدكم لإثارة انتباه كاتبة الدولة لدى وزيرة الدفاع، المكلفة بقدماء المحاربين والذاكرة، لتمكيننا من جواب مناسب ولازم بهذا الخصوص.
3 – التواطؤ مع جنرالات الجزائر، الأعداء اللدودين لاتحاد دول شمال أفريقيا:
بمناسبة زيارة رئيسكم للجزائر في 25 غشت 2022، وقبل ذلك في 17 مايو 2021، راسلت الرئيس إيمانويل ماكرون وطلبت منه العمل على إعادة الجنرالات الجزائريين إلى جادة الصواب، الذين لا يكتفون فقط بعرقلة بناء اتحاد دول شمال أفريقيا، بل يواصلون تغذية حرب ابدية ضد المغرب من خلال تمويل ودعم مرتزقة البوليساريو، دون النظر بجدية لمقترح المملكة بخصوص مقترح “الحكم الذاتي بالصحراء” الذي تم تقديمه في أبريل 2007 والذي يعد بالتأكيد البديل الوحيد والنهائي لحل نهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء وإعادة بناء اتحاد دول تامازغا. علاوة على ذلك ، فإن حل النزاع مع منطقة القبايل هو أيضًا الحل الذي دفع الجنرالات للانفصالية بسبب سياستهم المستمرة في القمع ضد القبائل!
هؤلاء الجنرالات المجرمون الذين تحاول حكومتكم – للأسف الشديد- تبييض صورتهم في تعارض مع منطق التاريخ، لا يتمادون فقط في إضعاف الدولتين اقتصادياً عبر هذا السباق المستمر نحو التسلح، ولا يصرون فقط على تسليح مرتزقة البوليساريو، وجعل دبلوماسيتهم بأكملها في خدمة مسألة الاعتراف بدولة “عربية” وهمية غير قابلة للتحقق على الأراضي الافرو-أمازيغية (علما أن الواقع “العربي” ينتمي أساساً وجغرافياً إلى القارة الأسيوية)، بل إنهم مسؤولون بلا منازع عن الإرهاب الجهادي في الساحل من خلال إنشاء “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” التي تحولت إلى “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين “.
إذا كانت حكومتكم ترغب فعلا في مساعدة الجزائر وشعبها، ومن ثم دول شمال إفريقيا وشعوبها، التي تجمعها مع بلدكم مصالح اقتصادية عميقة، وحيث يظل مصير فرنسا مرتبطًا بشكل وثيق بمصائرهم، فإن ما عليكم سوى تنبيه هؤلاء الضباط الجزائريين المتعجرفين الذين يعتبرون أنفسهم فوق القانون وخارج كل محاسبة. وبدلاً من إرضائهم، يجب عليكم مطالبتهم بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين فورا ودون قيود او شروط، ووقف جميع أشكال الترهيب والمضايقة القضائية والتجريم والاعتقال أو الاحتجاز التعسفي ضد الصحفيين والمدونين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين، ووقف معاملة المتظاهرين والنشطاء الأمازيغ، سواء القبائليين أو المزابيين (أو حتى أمازيغ ليبيا) على أنهم إرهابيون. يجب تذكيرهم بأن احترام المبادئ الديمقراطية والحقوق الأساسية المكرسة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو احد الشروط الأساسية في اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر وجميع الاتفاقيات الثنائية الفرنسية الجزائرية.
لا يزال الأوان لم يفت بعد لمطالبة هؤلاء الجنرالات، بضمان انتقال ديمقراطي مع وضع الجيش تحت سلطة مدنية منتخبة بشكل دستوري، وجعل دور الجيش، كما ينص على ذلك الدستور، بشكل واضح ومحدد في القضايا المتعلقة بالدفاع الوطني.
4- طلب عاجل للتعاون مع المقاتلين الطوارق لتفادي الخطر الذي يتهدد مالي من طرف تنظيم داعش
اسمحوا لي أن أحيطكم علما بأن مالي على وشك السقوط في أيدي داعش، وهي أكثر ضراوة من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. إن أفغانستان جديدة من المرجح جدا أن تخلق الآن على أبواب أوروبا، والتي من شأنها تهديد ليس فقط البلدان المجاورة لمنطقة الساحل ولكن جميع دول شمال أفريقيا والاتحاد الأوروبي. ما الذي يجعل هذا الخطر وشيكا؟
يبدو أن العقداء الانقلابيين في السلطة المالية، الذين حرضوا المجتمع المدني ضد بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي(مينوسما)، قرروا مهاجمة الطوارق التابعين للحركة الوطنية لتحرير أزواد وذلك للسيطرة على مدينة كيدال، وهو ما قاموا بتنفيذه للتو من خلال أسر عشرات المقاتلين في قطاع “شمام” بمنطقة ميناكا. يجب الانتباه إلى أن حربًا أهلية مباشرة بين جنود القوات المسلحة المالية -حتى لو كانوا مدعومين من قبل مرتزقة فاغنر الروس- والمقاتلين الطوارق التابعين لـ”تنسيقية حركات الأزواد” ستسهل بلا شك مأمورية إرهابيي داعش، وسط البلاد حيث سيطروا بالفعل على بلدة “تيدرمين”، لاكتساح العاصمة باماكو بسهولة.
إذا حدث ذلك، فسيكون الأمر كارثياً حقاً، وبالنتيجة سيكون ضربة قوية لسياستكم الأفريقية ولمصالحكم الجيوستراتيجية والاقتصادية، وخصوصاً بالنسبة لاستراتيجية وريادة رئيسكم الذي جعل من مكافحة الإرهاب الجهادي أولوية أساسية بالنسبة له.
إن هناك بدائل حقيقية لهذا السيناريو الكارثي، إذا كانت حكومتكم مقتنعة بضرورة تفاديه، والعمل على حل الأزمة بأسرع وقت ممكن، لتفادي سيطرة تنظيم داعش حتى على مناجم اليورانيوم الواقعة في مدينة أرليت النيجيرية. إن الحل يكمن في تعاون حقيقي وصادق بين قواتكم العسكرية الخاصة والمقاتلين الطوارق، مقابل الدفاع عن حقهم الشرعي في الحصول على حكم ذاتي في منطقة أزواد في إطار دولة اتحادية مالية، على غرار الأكراد في العراق، بدلاً من استخدامهم كمرتزقة تابعين؛ هناك أمل مشروع للتخلص نهائيا من هذا الخطر الجهادي في منطقة الساحل، وعلى وجه الخصوص في منطقة الحدود الثلاثة.
وعلى أمل أن نكون قد أثرنا انتباهكم ولفتنا نظركم للعناية والانكباب على هذه المطالب الأربعة، تتفضلوا، معالي السيدة الوزيرة، بقبول فائق التقدير والاحترام.
الإمضاء:
رشيد راخا، رئيس التجمع العالمي الأمازيغي