قال الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، مولاي الحسن الداكي بمناسبة اللقاء الجهوي المنظم ببنجرير اليوم الثلاثاء 23 نونبر الجاري، لتتبع وتقييم تفعيل الاتفاقية الإطار حول مكافحة الهدر المدرسي للوقاية من زواج القاصر، إن الإحصائيات والتقارير الرسمية الصادرة في هذا الموضوع تشير إلى أن المحاكم ما فتئت تتوصل بمزيد من طلبات الإذن بزواج القاصر، حيث تلقت سنة 2020 ما يعادل 19926 طلبا صدر بشأنها 13335 إذناً بالزواج (تقرير رئاسة النيابة العامة لسنة 2020)، ما يجعل الظاهرة مقلقة وتتجاوز الاستثناء، موضحا “الواقع أنتج وضعية لا تساير على الوجه المطلوب فلسفة المشرع التي اتجهت إلى جعل هذا الزواج استثناء في أضيق الحدود”.
وأضاف رئيس النيابة العامة في معرض مداخلته، أن “القضاة غير مسؤولين عن الأرقام المهولة من الطلبات الرامية إلى تزويج القاصرات لارتباط ذلك بمجموعة من العوامل السوسيو ثقافية والاقتصادية والتنموية وغيرها”، إلا أنه بالمقابل ” فإننا مسؤولون جميعا عن الأرقام المرتفعة لزواج القاصر. وهو الأمر الذي يدعونا لعدم إفراغ الاستثناء التشريعي من محتواه والحرص الدائم على توخي المصلحة الفضلى للطفل كل من موقعه، وهو ما جسدته فلسفة إعلان مراكش 2020، كمبادرة رائدة تهدف لضمان التقائية التدخلات وتنسيقها، ودعم المقاربة التشاركية في مجال محاربة العنف ضد النساء والفتيات والحد من زواج القاصر”.
وأوضح أن موضوع زواج القاصر ظاهرة اجتماعية بامتياز يتداخل فيها القانوني بالاجتماعي بالاقتصادي بالديني بالثقافي…، وبالتالي فالمقاربة القانونية أو القضائية وحدها لن تكون مجدية بل يجب مساءلة باقي فضاءات التدخل كذلك، كالمدرسة والصحة والإعلام والمجتمع المدني دون أن نغفل دور الأسرة في ذلك وغيرها من الفضاءات المعنية بقضايا الطفولة في بلادنا”. مبرزا أن ” الحصول على تعليم عصري ملائم متاح للجميع عبر توفير الحماية القانونية والاعتبار الاجتماعي لجميع الأطفال بكيفية متساوية بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية أو الاجتماعية، مسلك أساسي لتحقيق هذه الغايات”.
وفي المقابل، يقول المتحدث “يشكل الهدر المدرسي أهم الأسباب التي تعوق تحقيقها، وهو ما برر إبرام الاتفاقية الإطار بين رئاسة النيابة العامة وقطاع التربية الوطنية من أجل تكثيف التعاون بين الطرفين كل من موقع تدخله للوقاية من الهدر المدرسي باعتباره رافدا أساسيا لزواج القاصر”.
وقال الداكي، إن “رئاسة النيابة العامة تؤمن بعدم جدوى العمل الفردي أو المقاربة الأحادية، كما سعت منذ تأسيسها إلى مواكبة انشغالات المجتمع من خلال طرح القضايا التي تستأثر باهتمامه للنقاش، ومقاربة أية ظاهرة اجتماعية يشتبه في انتهاكها لحقوق الإنسان عامة ولحقوق الطفل خاصة، مقاربة تروم تطوير تدخلها من خلال النيابة العامة بالمحاكم”.
ومواكبة منها لموضوع زواج القاصر بالنظر لانعكاساته الوخيمة على الصحة النفسية والبدنية للطفل، وتفاعلا منها مع النقاش المجتمعي حول الزواج المبكر ، يضيف الداكي فإن رئاسة النيابة العامة تضع زواج القاصر في صلب اهتمامها منذ شروعها في ممارسة مهامها بعد استقلال السلطة القضائية، وعبرت عن ذلك من خلال دوريتين الأولى بتاريخ 29/03/2018 والثانية بتاريخ 21 يناير 2020 ، تحث من خلالهما قضاة النيابة العامة على تفعيل الصلاحيات المخولة لهم قانونا للحفاظ على حقوق الطفل ومصالحه الفضلى كالتسجيل في الحالة المدنية وغيرها، كما دعتهم إلى عدم التردد في التماس رفض الإذن بالزواج كلما اقتضت مصلحة القاصر ذلك، ورسمت لهم بالتالي خارطة طريق للنهوض بدورهم الحمائي للطفل بهذا الخصوص. كما وجهت دورية ثالثة بتاريخ 9 يونيو 2021 دعت فيها النيابات العامة بجميع محاكم المملكة إلى تعميم العمل بالاتفاقية الإطار للشراكة والتعاون مع قطاع التربية الوطنية لمحاربة الهدر المدرسي، موضوع لقائنا اليوم”.
وفي نفس السياق، حرصت رئاسة النيابة العامة على تكثيف برامج التكوين التي يستفيد منها قضاة النيابة العامة لتعزيز قدراتهم وخبراتهم في المجال.
كما أنجزت دراسة تشخيصية حول موضوع زواج القاصر، من أجل الوقوف على الحجم الحقيقي له وتحليل الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المحيطة به، وتقديم توصيات تقارب الأسباب الحقيقية لارتفاع أرقام زواج القاصر، وهي الدراسة التي سنقدم نتائجها في الأيام القليلة المقبلة.
من جهته، قال عزيز بوينيان عامل إقليم الرحامنة، إن “الرؤية المتبصرة للملك محمد السادس والالتزام الشخصي والقوي للأميرة للا مريم جعلا من النهوض بحقوق المرأة والطفل وحمايتها أولوية وطنية، وذلك حتى قبل المصادقة على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل”.
وشدد على أن “الحد من ظاهرة العنف والتمييز ضد النساء و محاربة الهدر المدرسي وزواج القاصر تستدعي تعبئة جماعية ومتواصلة، واعتماد مقاربة تشاركية وشمولية تستهدف استثمار كل الطاقات والموارد القطاعية..”، مضيفا أن ” التجاوب مع الدينامية الكبيرة المعبر عنها من لدن مختلف المتدخلين وانخراطهم البارز في مجال التعليم ومحاربة الهدر المدرسي ومناهضة العنف ضد النساء ولتعزيز سبل الدعم والشراكة مع مختلف الفاعليين انخرطت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من إنطلاقتها في ماي 2005 وعبر جميع مراحلها بكيفية هامة من خلال إنجاز العديد من المشاريع ذات الوقع الإجتماعي الوقائي والإستباقي لتشجيع تمدرس الفتاة خاصة في الوسط القروي من بناء وتعميم دور الطالبة و النقل المدرسي بجميع النفوذ الترابي للإقليم. ومواكبة جمعيع أشكال الدعم المدرسي كبرنامج مليون محفظة-برنامج تسيير- توزيع المنح….إلخ مما جعل إقليم الرحامنة يتبوأ الصادرة الجهوية في النتائج المحصلة على خاصة نتائج الباكالوليا, وتقليص نسب الهدر المدرسي الإعدادي والثانوي”.
وناشد عامل إقليم الرحامنة “جميع المتدخلين والفاعلين في الانخراط في هذا المشروع المجتمعي وبحث سبل الشراكة والتعاون وتوحيد البرامج والتقائية المتدخلين”.