راية “البوليزاريو”.. وجود أو وهم سيادي

بقلم: علي وجيل

الراية هي الرمز الوجودي السيادي لشعب بقيمه ومميزاته التي تميزه عن باقي الشعوب المتواجدون على اقيلم ترابي معين.

من خلال هذا التعريف نطرح إشكالية الوجود الرمزي السيادي لعلم ما يسمى “بالبوليزاريو”، لتحديد ما إذا كان يستحق الحرق والتدنيس من مرجعية وجودية معادية، أو التجاهل من مرجعية وهميته؟

البوليزاريو ، كما يعرفها اهلها هي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب المعروفة باسم البوليساريو (بالإسبانية: Polisario) وهي حركة تعتبر نفسها تحررية تأسست برعاية جزائرية ليبية مصرية في 20 مايو 1973، من طرف مجموعة من المغاربة الذين تعرضوا للقمع في سنوات الرصاص، اغلبهم لا ينتمون جغرافيا للاقاليم الصحروية الجنوبية، وعلى راسهم عبد العزيز المراكشي. وهي تسعى لتحرير الصحراء الغربية مما تراه استعمارا مغربيا.

من جهتها، الأمم المتحدة لا تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية وتقر بالمحافظة على واقع الوضع وتسييره من طرف المغرب لغاية ايجاد حل سياسي تفاوضي يرضي الطرفين تحت رقابة المينورسو. كما لا تعترف ايضا بالجمهورية الصحراوية كدولة عضو في الأمم المتحدة وتقر باعتبار الجبهة الشعبية مفاوض المغرب حول الحل النهائي.

من خلال ما سبق، “فالبوليزاريو” تتمركز في مخيمات تيندوفت داخل التراب الجزائري؛ وتهدف لتأسيس دولة مستقلة فوق الاقاليم الصحراوية المغربية التي حررها المغرب من المستعمر الاسباني، تحت اسم “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”. تحت راية القومية العربية التي يتوسطها نجم. مما يجعل عناصر تعريف الراية كرمز وجودي سيادي لا تنطبق على راية البوليزاريو للاسباب التالية:
– الاقاليم التي تريد البوليزاريو إقامة دولتها عليها مغربية تاريخيا من خلال وثائق تاريخية ذات بعد ثقافي لغوي بشري مجالي حضاري سياسي و قيمي.
– مؤسسوا البوليزاريو مغاربة أبا عن جد.
– الإقأليم الجنوبية المذكورة أمازيغية مغربية لغويا بشريا مجاليا وقيميا.
– البوليزاريو تسعى لخلق كيان عربي فوق أرض أمازيغية.

من خلال ما سبق فعلم البوليزاريو لا يعدوا ان يكون علم وهمي. غير ان المقاربة المخزنية للموصوع تماهت مع هذا الوهمي وقبلت الجلوس لنفس الطاولة التفاوضية مع البوليزاريو برايته تلك. واذا كان هذا التماهي المخزني معلوم الاسباب التي تتحدد في:
– اصطدام المخزن بقوة عسكرية موازية له ومتفوقة عليه أحيانا، متمثلة في النظام الجزائري والليبي المقبور والنيجيري والجنوب افريقي… والمعسكر الشرقي عامة الداعمون الرئيسيون للبوليزاريو افريقيا وكوبا وروسيا والصين وكوريا الشمالية وايران دوليا.
-اضطرار المغرب الاستعانة بقوة دولية موازية من خلال حلفاءه في المعسكر الغربي وعلى رأسهم امريكا وفرنسا لضمان توازن القوى.
– خذلان الدول العربية بما فيها السلطة الفلسطينية وحكومة قطاع غزة للمغرب في صراعه مع البوليزاريو بسبب دعم البعض منها صراحة للبوليزاريو كمصر وسوريا وفلسطين وموريطانيا…والموقف السلبي للباقي كالسعودية والإمارات وقطر وعمان مما جعل منظمة الدول العربية لا تصنف البوليزاريو كحركة انفصالية في لائحة الحركات اانفصالية التي ضمنتها بيانها الآخير.
– قبول المغرب تحت ضغط القوة الدبلوماسية الجلوس لمفاوضات مباشرة مع البوليزاريو.

من جهتها تتبنى مجمل الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات والحركات المدنية طرح المخزن حد التطابق معه بهذا الخصوص، تغرد وتزبد تحت الطلب.

في المقابل يعترف النهج الديموقراطي وحده كحزب بحق ما سماه “بالشعب الصحراوي” في تقرير مصيره متماهيا بذلك مع طرح البوليزاريو ، بسبب وحدة المرجعية الشيوعية العربية لمشروعهما السياسي المؤطر بفكر القومية العربية الاحادي الشمولي الجاثم والمتسلط والمحتل للبنية الفكرية لشعب شمال إفريقيا. فيما يتغاضى على حق الشعب الكوردي والكطلاني والباسكي في تقرير مصيرها، في تعامل انتقائي سياسي واديولوجي مفضوح مع المرجعية الأممية لما يعتبره مؤطرا لفكره الماركسي اللينيني عند البعض والماوي عند البعض الآخر.

في مقابل المقابل ، نجد الحركة الامازيغية بما فيها الحركة الثقافية الامازيغية تتبنى مغربية الاقاليم الصحراوية الجنوبية مع اختلاف جوهري مع طرح المخزن الذي يتحدد في الحل المقترح:
– المخزن يطرح حل الحكم الذاتي بشكل تفاوضي مع البوليزاريو وهو ماض في تجسيده وفق اجندته، من خلال ما سماه بالجهوية المتقدمة، حد التساهل والتسامح معهم دخولا وخروجا من وإلى المغرب؛ تظاهرا بعلمهم وشعاراتهم الانفصالية داخل المغرب حد الاجرام؛ وتمتيعهم بالريع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والوظيفي؛ ضبط القوة الشرائية في هذه الاقاليم…
– الحركة الامازيغية بمكوناتها تطرح حل القضية من خلال أمازيغية هذه الاقاليم بشريا ومجاليا وقيميا؛ ومغربيتها تاريخيا وجغرافيا. وبالتالي لا مجال لاستنبات كيان عروبي على أرض أمازيغية ولا انفصال جزء من شعب عن أرضه الأم. وبالأحرى التفاوض مع مغاربة مغرر بهم من فرط الادلجة والاستلام الاديولوجية والعقدي حد إعلان العدوان على وطنهم وشعبهم. مما كلها شهداء وعدوان معنوي ومادي.

من خلال ما سبق فعلم البوليزاريو بالنسبة للحركة الأمازيغية ليس الا مجرد وهم انفصالي لعملاء القومية العربية من جهة والشيوعية العربية من جهة أخرى. وأن اي تركيز عليه من خلال حرقه أو تدنيسه بأي شكل من الأشكال هو فعل نقيض للتصور الوهمي للمشروع ككل القائمة على عدم الاعتراف به اصلا ومابالك بالتفاوض معه أو اشهار رموزه بأي شكل من الاشكال.

شخصيا حضرت الوقفة التضامنية بالرباط مع طلبة ح ث ا بموقع اكادير، واحسست بنوع من الامتعاض من مجرد حمل ذالك العلم وبالأحرى حرقه علانية.

الرباط بتاريخ 2018/05/28.

شاهد أيضاً

الجزائر والصحراء المغربية

خصصت مجموعة “لوماتان” أشغال الدورة السابعة لـ “منتدى المغرب اليوم”، التي نظمتها يوم الخامس من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *