ما أن أعلن اليوم الاثنين 19 أكتوبر، عن رحيل المحامي والمناضل الأمازيغي، أحمد الدغرني عن عمر يناهز 73 عاما، بعد صراع طويل مع المرض، حتى تناسلت العشرات من التدوينات والمنشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تنعي وتعزي في وفاة أمغار دّحماد الذي يعتبر واحد من أبرز مؤسسيي الحركة الأمازيغية بالمغرب، وأجمعت على أن رحيله خسارة للحركة الأمازيغية وللنضال الديمقراطي بالمغرب.
ونشر العشرات من النشطاء تدوينات وتعليقات في صفحاتهم الخاصة على موقع التوصل الاجتماعي، عبروا فيها عن حزنهم في فقدان أمغار الدحماد، وأجمعوا على المواقف الثابتة والنضال الطويل الذي نذر له أد حماد حياته في سبيل القضية الأمازيغية.
الأستاذ خالد البكاري:
“رحيل دا احماد الدغرني،، الرجل الذي يكره التوافقات حين تكون مرادفا للمجاملات،،
كنت قد شكلت صورة “مزيفة” عن المرحوم أحمد الدغرني قبل أن ألتقيه أول مرة في ربيع 2011..
قبل هذا اللقاء، وكلما أثير أسمه كنت أعقب بحكم قبلي جاهز :” إن الرجل لم يغير شيئا بعد انتقاله من الفكر القومي العربي نحو الخطاب الأمازيغي، سوى أنه يضع كلمة” أمازيغية” مكان كلمة” عربية”، لكنه لم يخرج من شرنقة الباراديغم القومي” ، كنت أعتبر أنه ينظر للأمازيغية لغة وثقافة وهوية بالمنظار نفسه الذي يرى القوميون العرب للعربية.
وبما أن علاقتي بالنزوعات القومية كانت قد أضحت متوترة، منذ أن اكتشفت أوهام طيف من القوميين العرب، ممن كانوا عاملا في عطب الديمقراطية بالمنطقة، فقد صنفت الرجل ضمن خانة أهل” الدوغما” ممن يصعب معهم بناء ولو حد أدنى من التوافقات على قاعدة الاختلاف.
إلى أن كان لقاؤنا الأول بالرباط على هامش الحراك الفبرايري، فمر التيار بيننا بسرعة، ولعل ذلك راجع لأخلاق البساطة التي تسم الرجل، حتى وهو يجادل متوترا.
أتذكر أني مازحته مرة بأن الحركة الأمازيغية هي أكبر رابح من مكونات حركة 20 فبراير، بعد أن تمت دسترة الأمازيغية، فرد على بحدة : ” لم أنخرط في الحركة لتتم دسترة الأمازيغية فقط، بل من أجل أن نحسن شروط النضال من أجل ديمقراطية حقيقية، وربما فشلنا في ذلك”.
تفاجأت لجوابه، فقد كان هامش حرية التعبير وقتذاك قد بدا لنا أنه آخذ في الاتساع، بما يفيد تحسينا في الشروط التي كان يأمل دا احماد بلوغها، وهو ما قلته له يومذاك، ليجيبني أنه لا يرى سوى تحسين شروط الانتهازية.
وكان آخر لقاء بالراحل أثناء محاكمة معتقلي حراك الريف بالدار البيضاء، ولن أتحدث عن مرافعته التي مزجت القانون بالسياسة والتاريخ والاعتراف والذاكرة والمصالحات المغشوشة، والتي أثرت عليها حالة الإعياء التي كانت بادية عليه (كان متعبا، هل هو أثر الزمن، ام هي مضاعفات الظلم مع العجز؟ فلسان الحال يقول : الله غالب ) ، بل عن مشهد لن أنساه، وهو حين غالبته دموعه وهو يسمع شهادة المعتقل سمير إغيد، فأبى إلا أن يبكي وهو رافع رأسه، على غير عادتنا في البكاء.
رحم الله د احماد،، كان رجلا مخلصا لما آمن به،،”
المحامي عزيز رويبح:
” وفاة رجل …عاش محاميا ..
ترجل مولاي احمد الدغرني ورحل في هدوء بعد أن ملأ أرضه اختلافا جميلا هادئا منتجا لمعنى الوطن المتعدد في ثقافته و هويته و جماله الإنساني….
من الوجوه الأولى التي تعرفت عليها في بداية مشواري المهني فتح لي مكتبه اكثر من مرة كما تجربته و تاريخه…
لم يفاجأ عندما أخبرته أني أكاد أكون امازيغيا كما أكاد أكون عربيا بسبب تنوع الدماء الممتزجة في عروقي…الدغرني عاش واضحا صادحا بارائه و مواقفه و تصوراته محاميا مدافعا عما يؤمن به، عن امازيغتنا عن تمغربيت و عن هويتنا المركبة و عن تاريخنا العميق و” الممتلئ “خصاصا في معنى الوطن ثقافة و فكرا ، لغة و تركيبا…
يرحل عنا إلى الأبد زميل اخر من طينة أبناء الوطن الاستثنائيين و الجميلين عندما يعبرون عن وجهات نظر تحرك البرك الاسنة على جوانب تاريخنا الممتد من البحر إلى أعماق الصحراء …
رحمك الله دا احماد قيدومي و زميلي العزيز …و اسكنك فسيح جنانه
و إنا لله و انا اليه راجعون”
الحقوقي أنغير بوبكر:
رحم الله المناضل والحقوقي الامازيغي أحمد الذغرني. كان مناضلا حقيقيا وإنسانا ذو ثقافة تاريخية كبيرة . ناضل من أجل أن تنال الأمازيغية حقها في كل مناحي الحياة أرسى أسس خطاب أمازيغي في جانبه السياسي .
أدى واجبه النضالي كاملا وأضحى عنوان مرحلة بارزة من مراحل النضال الامازيغي لم يتحقق كل ما تمناه بفعل مثبطات داخلية متعلقة باعطاب الجسم الامازيغي أي اعطاب الذات و إشكالات موضوعية متعلقة بموازين القوى و ترسبات ظروف وشروط تأسيس الدولة الوطنية و تأثيرات الاستعمار على البنية الثقافية والسياسية ببلادنا. رحم الله المناضل الكبير والصبور أحمد الذغرني”.
الكاتب والباحث أحمد بوزيد:
“ما من موت هناك فقط تبديل عوالم ”
الزعيم الهندي الاحمر سياتل
________
وداعا دا حماد الدغرني ، لترقد روحك في سلام و اطمئنان أبديين أيها الشامخ الذي لا يشبه سوى نفسه، الشامخ الذي لم يعش غير شرطه التاريخي ، الرجل الحالم بالمغرب المتعدد ، الذي يحضن ذاكرته و يروي جذوره و يحضن كل أحفاده على اختلاف مللهم ونحلهم ، خبر عوالم السياسي مؤمنا به مذ انخرط بكامل رفضه في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ببهو جامعة محمد الخامس بالرباط وبكامل احتجاجه في اتحاد كتاب المغرب ، حتى بداية الألفية وهو يبحث عن مستقبل لرؤاه السياسية بانشغاله بتأسيس الحزب الديمقراطي الأمازيغي الذي تم حله، و ككل من يشبهون أنفسهم كان حظه من المكيدة و الإشاعة و الممانعة و فيرا ، كان مسكونا بتأسيس فعل مدني أمازيغي و فعل سياسي ديموقراطي يحقق العدالة الاجتماعية في الخيرات المادية و الرمزية ، مثلما كان مسكونا باستعادة اللحظات المشرقة في الذاكرة الشعبية و في أعماق التاريخ وفي المدونات اللغوية ، و إذا كان البحث الأنثروبولوجي في المغرب قد كشف استناد دينامية و حيوية الفعل السياسي إلى خطاطة ثقافية ؛ هي خطاطة الشيخ و المريد ذات البنية المنقبية ، فإن الدغرني كشف الوجه الٱخر لسيرورة الفعل الحزبي في المغرب الحديث ، متتبعا قرابة الدم كبنية عميقة حكمت الكثير من تجاربه و تمفصلاته ، و منح لدال الصداقة مفهومه الموسع محررا إياه من سرديات الضدية ، لتكتنف الصداقة الٱخر الذي لا يعدو أن يكون في النهاية سوى جزء من الأنا، قادما من الجذور ذاتها ، و لتمتد هذه الصداقة على نحو يرمم طرس ذاكرة سكنها الٱخر اليهودي و أسكنها بعضا من معالمه و أمشاجه قبل أن يمارس الحل و الترحال بين شرق المتوسط و جنوبه .
إزاء ما بادلته الكثير من أطياف المجتمع من توجس ، و إزاء النيران الصديقة أيضا ، كان حفيد جبال أيت باعمران ربما يتحصن بتلك الروح التي كتبت دموع الغولة و مدينة الفناء و مسرحية عبد المومن، يتحصن بالأدب؛ فالأدب أيضا كما يذهب إلى ذلك غليسان له وظيفة سياسية أيضا .
على أن الإطارات المدنية و الهيئات الثقافية التي أسهم فيها أحمد الدغرني بهذا القدر أو ذاك ، و أسس صرح بعضها و لوفرة ما أغنى به المكتبة المغربية من دراسات و أثار أدبية و حفريات في التاريخ و الثرات ، ينبغي أن تفكر في إصدار الأعمال الكاملة لأحمد الدغرني ، أعمال تضيء لحظات شتى من تاريخ المغرب الحديث و المعاصر ، أعمال كاتب نذر مساره الشخصي لأجل ما يؤمن به .
الفاعل محمد بوسعيدي:
أنا حزين !!
فقدت الأمازيغية هذا اليوم أحد أبنائها البررة الغيورين ، الاستاذ احمد الدغرني ، المناضل الشهم المقدام ، الذي كرس حياته منافحا عن القضية، من المناضلين الاوائل الذي تتلمذ على يديه مناضلون كثر.
نحن حزينون لفراقك ورحيلك ايها المرشد الكبير …وأكيد برحيل الأستاذ تسقط إحدى الركائز الأساسية..ولكن اكيد ترك أجيالا من المناضلين تكسر ولاتطوى حتى ترى الامازيغية مدسترة ، بقانون تنظيمي مفعل ، متداولة في الحياة العامة للمواطنين. رزء كبير في مناضل جاورته في مجموعة من المحطات النضالية، ومعه تجد نغسك تستمد الطاقة والقوة للمزيد قدما ….فلترقد روحك بسلام استاذنا العظيم.
وتعازينا لبلاد تامزغا مجالا وبشرا”.