يتبين من خلال المقال المنشور في الموقع الإلكتروني لجريدة العالم الامازيغي، والمعنون ب “الترجمة إلى الأمازيغية، إشكاليات وحلول: “Ifetwisen ssekmaḍen” أنموذجا، (ج2)“، أن الكاتب محمد فارسي سائر ليبصم عن تجربة نقدية في الترجمة إلى الامازيغية، الشيء الذي صفقنا له ورحبنا به خصوصا في ضوء شح هذه المبادرات.
يأتي المقال كتتمة لمقال أول بنفس العنوان ومنشور في نفس الجريدة الإلكترونية، تناول فيه الكاتب بعض المعطيات التي وإن كنت قد وضحتُ بعض مكامن الخلل في طريقة مقاربته لها، ووضعت الأصبع على ضعف الحجج في بعض الأحيان والانتقائية في اختيار الأمثلة، دون امتلاك تصور شامل عن المنهجية المتبعة عند المترجم، أهي منهجية تنحو نحو تغليب الروح على الإحالية المحضة، قصد تحقيق السلاسة والمقروئية عند القارئ الريفي والأمازيغي، أم هي ترجمة حرفية هدفها الوفاء للنص الأصلي مع التركيز على أصنام الكلمات والتنقيب عن مقابلات لها في معاجم الإركام وغيرها، خصوصا أمام الفقر المعجمي للأمازيغية في مجموعة من المجالات، والذي له أسبابه لا يسعنا المجال للوقوف عندها.
ورغم أن كاتب هذا المقال حاصل على الماستر في الأدب والترجمة، وقام بترجمة عدة أعمال أدبية من العربية والفرنسية إلى الأمازيغية، (منها رواية سيرة حمار لحسن أوريد التي سأعود إليها لأستقي بعضا من الأمثلة في سياق النقاش حول إشكاليات الترجمة إلى الأمازيغية). إلا أنه لم يتبع منهجية محكمة في دراسته كي يدفع بها أن تكون ثمرة يقطفها الباحثون في ميادين الترجمة و الأدب الأمازيغيين.
إذ كان من الأجدر، أن يستهل الدارس دراسته هذه بالتعريف بالروائية صاحبة الرواية الأصلية وبنهجها في الكتابة مع التركيز على أساليبها ومقوماتها الإبداعية والبلاغية والفنية. بعد ذلك، يقدم لنا الإطار الزماني والمكاني للرواية، وأهم شخصياتها وأبرز أحداثها… ليمر للتعريف بالمترجم، وتقديم العمل المترجَم كي يأخذ قارئ المقال نبذة عامة ونظرة شمولية، مع التركيز على منهجية المترجم في تعامله مع النص، وتقديمه الفني و الجمالي للترجمة…
وقبل أن ينتقي بعضا من الأمثلة التي انتزعها من سياقها انتزاعا، مع حرصه على عدم ذكر الصفحات، سواء في النص الأصلي أو في النص المستهدف، (الشيء الذي جعلنا ربما نرى في هذه الخطوة إغراضا يصبو لوضع العمل في قالب تغليطي) كان من الأجدر أن يعطي رأيه حول الرواية المترجمة ومدى تمكن المترجم من عدمه في الوصول بترجمته إلى نقل روح النص وحمولته الثقافية والإبداعية، وهل حقا نجح في إبداع نص روائي بعيد عن الركاكة ومحافظ على معاني وأحداث النص الأصلي، ومدى نجاحه من عدمه في اختيار الأساليب المناسبة للحفاظ على القيمة الجمالية و الأدبية للنص، وهل يحس قارئ النص الهدف أنه أمام نص روائي؟ أم أنه أمام مرادفات وُضع بعضها أمام بعض مع الاستعانة بالمعجم؟ لنكون حيال نص جامد فاقد للمعنى والجمالية، كما هو الشأن في بعض النماذج التي سأستعين بها في هذا الرد، والتي استقيتها من رواية سيرة حمار التي ترجمها محمد فارسي إلى الأمازيغية.
إن الناقد أيا كان، يجدر به أن يكون ملما بمجاله، وأهلا للتمييز بين الرداءة و الجودة، وتكون أعماله مصدرا للرجوع إليها و التعلم منها، لا أن يرتمي على أعمال غيره مخترعا هفوات لا أساس لها، ناسيا أن أعماله لا نكاد نقرأ صفحة من صفحاتها إلا وتعثرنا في عشرات من الأخطاء الإملائية و النحوية واللغوية، ناهيك عن الترجمة الحرفية التي ترمي بالقراء ليكونوا حيال فقرات ركيكة عبارة عن إسهال معجمي فاقد للجمالية، فقرات يمكن أن تكون أي شيء إلا أن تكون عملا أدبيا.
وإليكم بعض النماذج بعجالة، كي يأخذ القراء فكرة عن صاحب المقال، وكي يرجعوا إلى أعماله ليتأكدوا مما أقول، راجيا أن لا يسقطوا على قفاهم ضاحكين، ساخرين من زمن التيه الذي اختلط فيه “عباس” ب”دباس”…، هذا قبل أن أقف في الجزء الثاني لهذا المقال عند مزاعم صاحب “الدراسة النقدية”، لأحاول تبيان ما ادعاه، وأدحض ما أتى به في سياق نقده.
أولا، سأبتدئ بالعنوان؛ “سيرة حمار”، والتي ترجمها محمد فارسي ب “tabridt n uɣyul”.
عندما يصادف القارئ الريفي هذه العبارة “tabridt n uɣyul”، فلن يأتي إلى ذهنه إلا ذلك المسلك الصغير الذي تحدثه حوافر الحمير في الجبال والهضاب، هذه العبارة قد تصلح كترجمة لعنوان على الشكل التالي: “مسلك الحمار” ، خصوصا وأن كلمة “حمار” في العنوان الأصلي ورد نكرة، بينما تظهر في النص الهدف على أنها معرفة. ولذلك، كان من الأجدر أن يختار المترجم كلمة “tambirt”المتداولة في أمازيغية الريف، والتي تعبر عن السيرة، ويضيف كلمة “ijj” التي تفيد التنكير في الأمازيغية عندما ترد قبل الإسم. فعندما نقول aɣyul فإننا نتكلم عن الحمار(معرّف)، بينما عندما نقول ijj n weɣyul فإننا نتكلم عن حمار(نكرة). فيكون عنوان الرواية على الشكل التالي: “tambirt n yijj n weɣyul” بدل العنوان الذي اختاره المترج “tabridt n uɣyul”، والذي يعتبر بعيدا عن المعنى الأصلي.
بالإضافة إلى العنوان، هناك أخطاء لغوية ونحوية وإملائية بالجملة لا يجب أن يقع فيها طالب الأسدوس الأول في مسلك الدراسات الأمازيغية، وما بالك بمن هو أستاذ الأمازيغية، وحاصل على الماستر في الأدب الأمازيغي و الترجمة.
إليكم نماذج هذه الأخطاء والتي سأكتبها كما وردت في الكتاب:
1) نماذج بعض الأخطاء الإملائية والنحوية:
– عدم تطبيق قواعد حالة الإلحاق على الأسماء الأمازيغية:
أمثلة:
-Qquṭṭḍen xafes ibriden (ص7)
-Deg iffus n ilel n Ṛruman (ص7)
-ɣar tigzirin n ilel (ص10)
-war dayes bu amxumbel (ص14)
-Timeslayin g ittexs iman (ص17)
-aked iɣyal (ص19)
-beddant timeslayi (ص20)
-xef ixf inu (ص21)
-ad d xafek hwant tisuḍar (ص118)
-ittɛwad i tanfust (120ص)
-msebḍan zaysen ibriden (ص39)
– aṭṭaṣ n ussan (40ص)
-deg udem inu (42ص)
-ijj n uhimun n izan
-ad treṣṣa cwayt timessi (46ص)…
– عدم التمييز بين ɣer الدالة على الاتجاه، وأداة المستقبل ɣa.
أمثلة:
-I ten ɣar iksin (7ص)-
-Mamec ɣar ggen (15ص..)
-ar ɣar naweḍ mani ɣar nestamen (16ص)
-Wenni ɣar yuguren (17ص)-
-i d ayi ɣar ijjen ad xarrṣeɣ (19ص)
-min ɣar teɣzared (20ص)
-dini ɣar ssneɣ (22ص)
-min d as d ɣar ikken (41ص)
-min ɣa igru ḥedd (43ص)
-manis ɣar yadef (44ص)
-min di ɣar tenfeɛ (47ص)…
-mermi ɣar xeḍṛen…
– العشوائية في كتابة الحروف المفخمة (المفخمات)، وعدم انضباطه لقاعدة معينة.
أمثلة:
-ḍeɣya (17ص)
-ḍeṛqeɣ (22ص)
-mṣebḍan (39ص)
-ṣḥundreɣ (42ص)
-ɛemmaṛs (42ص)
-ad mṣawadeɣ (45ص)…
-min t iṣṣibḍan xef imudar (42ص)
– عدم فصله لأداة الوجهة d عن الفعل:
-Tejjed zzayes kṛaḍ n warra (10ص)
-tewwid Ḥatbut amessuy (17ص)
-ticced zzayes ca n arriḥet (39ص)
-tekked zi uzemmur (44ص)
– فصله للزوائد الصرفية عن الفعل:
-War teggur d ca (14ص)
-ad tadf d (21ص)
– حذفه لأداة الوجهة d:
Tejbed (?) akidi awal xef twuri (13ص)
-nettat ad teɣli tfukt, ad (?) ttehwa tallest … (15ص)
– حذفه لأداة الإسناد d، الشيء الذي يجعل الجملة الإسمية تفتقد لأحد أهم عناصرها:
-tuɣa tt (?) ict n tmeddit telles… (47ص)
– العشوائية في التضعيف:
-tunuḍ xef igadazen (41ص)
-ssḍeḥken ayi (57ص)
-mammec (75ص)
-iqqzinen (48ص)
-taẓẓyuḍi (15ص)
– عدم ضبطه لقواعد المماثلة بالإدغام:
-Teɣruṭ (44ص)
-injan itteksi arrimet inu…
-ad ttas ad ayi tessenjem (19ص)
– خلط بين الفونيمات وتحققاتها اللفظية المختلفة، وعدم احترامه لقاعدة مضبوطة:
-Aydud (6ص)
-ẓẓreḍ (13ص)
-irqef (13ص)
-rehhiɣ (15ص)
-rxaḍar (17ص)
-criɣ (17ص)
-nyerweɣ (43ص)
– ticri (48ص)
– عدم احترامه للسيرورة الصرفية عندما يكون الفعل في صيغة غير التام، حيث لا يلصق السابقة tt- بالفعل…
-Tessawal tutlayt nnes axminni tirar (6ص)
-Hit twala blli amestan amuɣdu (13ص)
-Min tuɣa teggeɣ (14ص)
-Tajar ayi s mraw iseggʷasen (15ص)
-mara msafaḍeɣ xafes tiliɣ… (15ص)
-tuɣa tegg taẓult
-aṭṭas n tibbuhelya tasent id (17ص)
-itaf tibridin (17ص)…
-lḥesran nni tuɣa xafi tegg tfunast (42ص)
– حذفه للضمائر المنفصلة التي تنوب عن المفعول به، أو إلصاقها بالفعل:
أمثلة:
-ad ttawid (14ص) »» ( ad tt tawid)
-tarray taynit (15ص)
-ad zayi teksin (44ص)
-axminni ggureɣ ɣar ca n wemkan ssneɣt
-imɣarak ccan (21ص)
-ar mani tejjiwneɣ (22ص)
-war tessineɣ (120ص)
2) نماذج بعض الأخطاء اللغوية:
– ترجم واو الاستئناف ب “u”، وهي صيغة موجودة في الدارجة المغربية، ولا وجود لها في الأمازيغية:
Ufid umi teɛjeb rad nettat Ṛuma tufa days afewwej d imesserhan, u kṭaṛ umi tufa ixf nnes deg yiger n tummedyezt. ص:10
وأوفيد التي فضلت هي الأخرى أن تستمتع بحياتها بروما وما تتيحه من متع وما تمنحه من تسلية، ورأت أنها تصلح للغناء (ص13)
Tuɣa qqaren xafes ɣar awal aṣebḥan u belli tiɣid aṭṭaṣ. ص:12
وأُنيرت جميل الأحدوثة واشتهرت بحضور البديهة (ص15)
وهناك أخطاء كثيرة في كتابة بعض الكلمات وفي تركيب بعض الجمل، نورد بعضها على سبيل المثال لا الحصر:
-Tizzal ayi (استبقتني) ص. 12
-Tafelsafit (الفلسفة)
-Imabar (الخدم) ص.8
-War dasen cqiɣ ص.21
-War d ayi d tt ittiwwi . ص19
-Tuɣa war zemmreɣ ad cekk ssiɣeɣ afus ص 125
-Ad teqqimed tzedɣed ayi a Adribal min xef ɣar kkeɣ ddareɣ ص.6
3) نماذج الترجمة الحرفية التي نتج عنها نص مشوه ومعطوب، يفتقد للجمالية والمعنى:
– لاخطر يهدد شخصيتنا العميقة أكثر من هذا التفاعل
War din bu ca n tmeslayt tessaggʷad awrik nneɣ yullɣen zeg ulqaḥ a
– أحببتها حبا ملك شغاف قلبي (ص.9)
Xseɣ tt ict n tmexsa tecneq iẓuṛan n wul inu (tasna 5)
– وأخذ العواء يقترب (ص.113)
Ikessi umrur ittaweḍ d.. (ص113)
– وأخذ التعب يدب فيّ رويدا رويدا (ص.115)
Iksi lweḥlan iḥerret xafi (ص115)
– تتوزعني مشاعر شتى، ينبغي أن أتمم المسير، لكن هل أدري أين أسير؟ إلى أهلي بأليلي
ḥartent xafi aṭṭas n tufrayin qqarent ixess ayi ad siɣiɣ xef ubrid, maca ssneɣ mani gʷareɣ?! ɣer tiket inu di Alili.
– فأجد الطريق عذراء لم تسلك
Tafeɣ tibridin d tiɛezriyin (ص112)
– حتى أن فلسفة الإغريق وحكمة الرومان ومعارفهم كانت أعمق في الضفة الجنوبية من بحر الرومان في الشمال (ص 11)
Ura d tafelsaft n lɣriq d tinẓeẓt n Aṛṛuman d tussna nnes tuɣa tent ullɣent deg iffus n ilel n ṛṛuman xef iẓẓelmeḍ nnes. (tasna 7).
– كما أن جمال الشمس لا يتبدى إلا أثناء الغروب (ص16)
Am waẓri n tfukt war d ittbin ɣar deg uɣelluy (ص13)
– استمر العشاء إلى ساعة متأخرة (ص 17)
Iqqim umensi ar ijj n wakud iɛḍer (ص14 )
– فتوقفت إذاك لأقضم بعض العشب
Beddeɣ xma ad ɣeẓẓeɣ cwayt n arrbiɛ
4) أخطاء في ترجمة بعض الكلمات والمفاهيم:
– ترجم كلمة الحظ ب tizi، وهي كلمة تدل في الأمازيغية على المصلحة أو الكرامة، وقد تطلق أيضا على الفج. (ص.1)
– ترجم كلمة الصباح ب tifawt، وكان من الأجدر استعمال كلمة tuffut ، وهي ما زالت متداولة:
Imun d ijj n uhimun n iwdan di tisket n ussenru zi tifawt xma ad raḥen ad nedṛen. ص:34
تجمع جم غفير من الناس منذ الصباح بقوس النصر ليصحبوا الموكب.
– ترجم كلمة الممات ب taqburt، في حين أنه كان بالإمكان أن يستعمل كلمة tamettant أو laxert إن اقتضى الحال. لأن كلمة taqburt معناها في اللغة العربية هو: «قديمة”، ولا علاقة لها بالموت. ص5
U din ra zeg imezdaɣ n Qerṭajag iqqimen tamnens takuct Izis d tudert n lebda awarni i teqburt.
وكان من سكان قرطاج من يؤمن بالإلهة إزيس، ومن يؤمن منهم بالحياة الأبدية بعد الممات…
– ترجم كلمة ممثل ب amari
ممثلا لموريتانيا الطنجية (ص 13)
D amari n Muriṭanya ṭṭanjiya (tasna 10)
هذه الكلمة تعني التسرع، والخفة، وقد تطلق أيضا على الكاتب (إسم فاعل من فعل ari).-
-ترجم موريتانيا القيصرية ب Muritanya taqaysarit، أما موريتانيا الطنجية فتركها في صيغتها الأصلية بالعربية Muritanya ṭṭanjiya. كان من الأجدر أن يتعامل مع أسماء المدن و العواصم بنفس الطريقة.
يتبع…
(في الجزء الثاني سأقف عند الملاحظات التي وردت في مقال الأستاذ محمد فارسي)