طرح السيد بنحمزة رئيس المجلس العلمي بوجدة في ندوة يقــال عنهــا علمية، وهو دعوي مفتي، ومدير معهد البعث الإسلامي للعلوم الشرعية ومن أعضاء المجلس العلمي الأعلى بالمغرب، كلامًـــا خطيراً عن الأمــازيغية ” أهم ما يمكن أن نسجله حول هذا المعطى الأيديولوجي، أنه ليس بجديد، خصوصا إذا أشرنــا أن ”المُفتي بنحمزة” صديق أحمد الريسوني والوزير عبد الكبير العلوي المدغري والفقيه عبد الباري الزمزمي وكلهم خرّيجين قدامى ”جامعة القرويين بفاس” وهي مؤسسة قومية معروفة قديمًــا بمواقفهــا العدائية ٱتجاه الأمازيغ منذ الفترة الإستعمارية إبتداءًا من 1912م، يكفي أن نذكر الفتوى الشهيرة حينما أراد السلطان المولى عبد الحفيظ مَشورتهم حول الحماية الفرنسية فقالوا ”يجوز في الشريعة الإسلامية محاربة الفجَّار (ّالأمازيغ) بالكُفّار (النصارى)، وهي فتوى تم تحْنِيطُهَا وقد ضُرِب عليهــا ”الطّْمْ”، وتُعد من المسكوت عنه في تاريخ المغرب السياسي إلى يومنا هذا، ولا يعلم المغاربة لحد الساعة أن الأغلبية الساحقة من علماء جامعة القرويين بفاس كانوا مُجنّسين ومَحْمِييـن فرنسيين تم إدراجهم في صفقة فــاس 1912م ويكفي أن تتطلعوا عن بنوذ هذه المصيبة (معاهدة فاس 1912م) خصوصا مصطلح ”رَعيّة السلطان” أو ما إصطلح عليه الجنرال ”ليوطي بــ ”كبيري المَنزلة”، وعلى الأقل فالسيد بنحمزة لا يعلم عن فضيحة العَلَم الفرنسي الذي كان يرفرف فوق منزل خرّيج القرويين ”القـــاضي” والفقيه عبدالله الفاسي إلى غــاية 1937م، وكـان يحاكم المغاربة بالقانون الفرنسي منذ 1914م، وعلى المغاربة أن يسألوا عن قضية موقف ”صعاليك جامعة القرويينّ” في ظهير نزع الأراضي 1914م وكيف صفّق حُجاج وفُقهاء وعُلماء ”مصطفى بنحمزة” ”للجنرال اليوطي” بعد خطابه الشهير بعد معركة سيدي بوعثمان 1912م، “إنَّ المراتب القديمة سيتمُّ احترامها، وأنَّ من كانُوا الآمرِين سيبقون فِي كبير منزلتهم، كمَا سيبقَى المأمورُون مدعوِين إلى الامتثَال والطاعة”، وقد نالو فيها توشيحات وأوْسِمة وهدَايَا، ولا يَنْقُصُهم إلاّ التَّكْبيرْ” الله أكبر ”، خصوصا إذا ذكرنا بموقفهم العدائي في المقــاومة المسلحة ويكفي أن نَذْكُر للمهتمّين مداخلة العالم علال الفاسي في محاضرة بالقاهرة وبحضور شكيب أرسلان معلّم معلمي بنحمزة وأمثاله: ”يا معشر الإخوان، إن إشكالنا ليس مع فرنسا ، بل مصيبتنا مع البربر فكيف إجلائهم”.
إن قضية الحقد الدّفين الذي يكنه الشيخ مصطفى بنحمزة للأمازيغية ترتبط بالثرات السياسي للحركة الوطنية السياسية بالمغرب، يكفي أن نذكر ما أشار إليه بنحمزة في مؤلفه معطيات حول ظاهرة التنصير، وهي من منشورات المجلس العلمي – وجدة 2002م، وحـاول فيه أن يكذب على المغاربة بمعطى أن المشروع الفرنسي بالمغرب كان يسعى إلى تنصير البربر، ويكفي أن نضحض هذا الإفتراء بخطاب أبوهم الروحي علال الفاسي أمام حزبه قائلا: “أيها الإخوان إن جلاء جيوش فرنسا وشيك، مشكلنا مع البربر فكيف إجلائهم”، وبذلك سنفهم رسالة التهنئة التي قدموهــا” للماريشال ليوطي ” بعد إستشهــاد موحا أوحمو الزياني في معركة ”لهْرِي” 1921م، وهو ما دفع الكلونيالي”روني أولوج” أن يقول: إن الوطنيين لم يُعِيرُوا أي إهْتمَام لإخوانهم البرابر الذين يقاتلوننا في عدة جبهات، فهم في نظرهم أناس أمّيون خشنون”. إن قضية ”تنصير البربر” هو إفتراء وتدليس وتزييف للتــاريخ، ولو قالها أحدكم اليوم للفرنسيين القدامى لصفعك أحدهم قبل أن تصفعك المعطيات والوثائق التاريخية التي يزخر بها الأرشيف المخزني الفرنسي القديم” والذي لَوْ فُتِح في وجه المغاربة لصفعوا مصطفى بنحمزة ودعاة هذا الطرح إنه فعلاً كَذِبٌ وبُهْتَان على المغاربة منذ 1914م إلى يومنا هذا، إن الحملة العسكرية الفرنسية لم تكن من أجل التبشير بالمسيحية ولا لرفع الصليب كما روجّت له الحركة الوطنية السياسية بالمغرب بل هي حملة كان محركها هو الإقتصاد والثروة المعدنية وحماية المخزن من الإندحار والقضـاء على تمردات القبائل التي كانت تقاوم الإستعمار إلى غاية إغتيال قيادات جيش التحرير، فيما كان علماء مصطفى بنحمزة يقرأون اللطيف بالمساجد نهارا ويُغَنونَ بموسيقى الأمداح ليلاً، إن العروبة التي يتشدق بها ”بنحمزة وآخرون” لم تذر يومًـا لأهلهــا خير، كي تذره للمغاربة اليوم، فلو كان خير في عروبتكم لكانت الآن سوريا ولبنان فِردوس القرن 21م.