زاكورة: كيف تحولت حقول الفواكه والخضراوات إلى صحاري قاحلة؟ “تِيمڭانِينْ نموذجا”

“تِيمڭانِينْ” يقصد بها في اللغة: الغابات والأحراش، حيث تجتمع أشجار النخيل والتوت والزيتون وجميع الأشجار المثمرة. مفردها “أمڭان”، وأمڭان اسم يطلق على نوع من الأشجار كان يغطي منطقة الجنوب بكثافة، حيث مياه العيون تفيض وتسيح على طول وادي درعة.

اصطلاحا: إسم لدوار يبعد عن قيادة تزارين بسبعة كيلومترات. دوار ” تمكانين” الذي كان فيما مضى منطقة معروفة بأرضها الخصبة و حقولها الكثيفة و موقعها الجغرافي المتميز بين الوديان.
بالرغم من أن عدد العائلات التي تقطن دوار تمكانين لا يتجاوز سبعة وعشرين عائلة إلا أن سكانها استطاعوا مواجهة التحديات المناخية والجفاف الذي لم يترك مكانا إلا و استحسن المقام فيه في كل رقاع بالجنوب الشرقي. الطريقة التي عمد القاطنون فيها بناء منازلهم الطينية تشهد أن هذه الأرض كانت منذ الازل جوهرة سخية؛ أزقة ضيقة و منازل ملتصقة ومتناسقة فيما بينها تضفي جمالية وروعة كبيرة على المكان.

في حديث مع احد شيوخ المنطقة، يقول مشيرا إلى كتبان رملية تزحف نحو ما تبقى من المنازل الطينية، هناك حيث القحط و الخراب، كانت ذات يوم غابة من التوت والعنب، بالكاد يرى ما خلفها؛ ويستحيل المرور منها ليلا. أما الآن فقد تكالب عليها الزمان والعواصف الرملية ” يضيف متحسرا ” عندما أخبر أحد أحفادي بأننا كنا نزور الأسواق لتمضية الوقت ولقاء الأصدقاء وتقصي أخبار المناطق المجاورة بالكاد يصدقني، فكل ما يباع ويشترى في الأسواق من اللحوم و الخضروات والفواكه بجميع انواعها كانت تجود به هذه الارض الطيبة حيث الكتبان الرملية الان “.

أشجار النخيل الباسقة بكل علوها وشموخها، ترى الأرض هناك وتتمدد في حالة تسكع وتيه فوضوي في بقايا البساتين، شاهدة؛ كما يلاحظ كل زائر ل”تِيمڭَانِينْ”؛ على زمان كانت فيه السماء والأرض معا، تجودان كل منهما بما لديها.

بعد ان كان سكان تمكانين يعتمدون على الفلاحة كمورد اساسي لسد حاجياتهم الخاصة و بعد ان عانت المنطقة من الجفاف و نقص مياه السقي، اتجهوا نحو المجال التجاري كبديل لحل هذه الازمة وسطع نجمهم في هذا المجال و استطاعوا ان يشكلوا قوة تجارية بمركز تازارين و مدن اخرى.

ما يميز دوار ” تمكانين ” عن جل القرى والمداشير هنا بالجنوب الشرقي، صفاء القلب وتحدي الساكنة لعقارب الساعة التي تغير كل شيء، تغير الزمان فيما يضل المكان والإنسان محتفظان بطبعهما الصافي. الضغائن تدفن مع أهلها أما الكهول والشباب والصغار ربما فطنوا إلى أن الزمان خلق لهم أعداء ومشاكل في أماكن أخرى ومع أناس غرباء عنهم غير الذين يقاسمون معهم تلك الرقعة الجغرافية التي تبعد عن قيادة تزارين، عمالة زاكورة، بسبعة كيلومترات.

السرطان الخبيث الذي ينخر صلة القرابة والدم استأصلوه في مراحله الأولى قبل أن ينتقل إلى باقي أطراف القبيلة، وباء الانتخابات الذي يفرق الاخوة والآباء مع أبنائهم. إتفقوا على تعيين أشخاص لأداء تلك المهام فيما بقي الآخرون بعيدين عن مشاكلها، وحدهم المعينون من يتكلفون بها وما على الباقي من سكان إمكانيات سوى التصويت والاصغاء. هذا راجع إلى تميز تمكانين عن باقي الدواوير الاخرى باختلاف أصولهم (ايت عطا . سواسا . اكرامن . ايت مناد … ) هذا الاختلاف كان السبب في اتفاق اهل البلدة عن شؤونهم السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية، اختلاف تسوده المحبة و الطيبوبة و الاحترام.

قرابة النصف من اهل البلدة قد رحلوا نحو المدن بحثا عن العمل لمواجهة كل التحديات . مؤخرا تم تعبيد الطريق الرابطة بين تمكانين و مركز تازارين كحل لرفع التهميش عن هذه البلدة. رغم هذا كله الا ان الساكنة ما تزال في حاجة ماسة الى سد لتخزين و تزويد الابار بالمياه و سيارة اسعاف لنقل المرضى و النساء الحوامل نحو المستشفيات و جوابا لخصاص ملح لمنطقة سياحية بامتياز حيث تمر منها القوافل السياحية و عشاق المشي بالأقدام عبر مشاكلها الطبيعية والسيارات ذات الدفع الرباعي والدراجات النارية حيث تحدها جبال و واحات وكتبان رملية. فضلا عن قربها عن الطريق الوطنية رقم 12 بحوالي 5 كيلومترات.

أمضال أمازيغ: سعيد فاتح

 

شاهد أيضاً

أكادير تحتضن الملتقى الأول لتجار المواد الغذائية

تحتضن مدينة أكادير من 24 الى 26 يوليوز الجاري الملتقى الأول لجمعية تمونت لتجار المواد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *