تنظم كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة محمد الخامس بالرباط بشراكة مع مؤسسة رزان للدراسة للدراسات الاستراتيجية حول الأسرة والمجتمع، والجمعية الجهوية للاتحاد الوطني لنساء المغرب بسلا، ندوة علمية حول زواج “الفاتحة” بين الفقه والقانونية والمجتمع، وذلك خلال يومي الجمعة والسبت 25 ،26 فبراير.
حيث تم نقاش موضوع زواج الفاتحة من منظور دين الإسلام خلال الجلسة الاولى بمدرج الشريف الإدريسي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة محمد الخامس بالرباط، الذي يعتبر الزواج رباطا مقدسا وميثاقا غليظا بين الرجل والمرأة، وأساس بناء مؤسسة أسرية متينة ومتضامنة عمادها السكن والتعاون، وقوامها الأخلاق والقيم، ولحمتها التفاهم والحوار والوعي التام بالمسؤولية المنوطة بكل فرد من أفرادها، وذكر في محاور الندوة ان الشريعة أحاطت كل ذلك بترسانة من الأحكام الشرعية غايتها حماية الأسرة، من خلال بنائها على مقاصد شرعية واضحة، تصون الأسرة من التسيب والفساد والانحراف، وحفظا لحقوق جميع أفرادها.
كما جاء ضمن مداخلات الندوة ان تطور المجتمعات الإنسانية وتغير أحوالها وأعرافها… ، جعل الاجتهاد والتجديد في القضايا الأسرية اساس تحقيق المقاصد المرعية ضرورة شرعية وحضارية، ومن أهم هذه القضايا، مسألة زواج الفاتحة، الذي لا يخضع للرقابة القضائية القبلية، مثل رقابة قاضي الأسرة، أو القاضي المكلف بشؤون القاصر على مقصد مدونة الأسرة والذي هو إخضاع جميع انواع الزواج لهذه الرقابة، كما أن هذا الزواج لا يوثق على يدي عدلين، خلافا لما جرى به العرف عند المغاربة منذ قرون عديدة.
لقد أفرز زواج الفاتحة مشاكل خطيرة تهدد بناء الأسرة، وتمس بالخصوص مصالح الزوجة والأبناء، نظرا لعدم اعتراف القانون المغربي به، ومن هذه المشاكل عدم قدرة الزوجين على إثبات الزوجية، وضياع حقوق المرأة في حالة الطلاق، وضياع حقوق الزوجين في حالة وفاة أحدهما، فضلا عن الآثار المترتبة عن المشاكل المرتبطة بنظام الحالة المدنية، وهي من المشاكل المستعصية التي تظل معلقة بدون حلول، هذا إلى جانب سهولة انكار الزوجية من طرف أحد الزوجين.
وتدل حالات كثيرة على أن الأصل في شيوع هذه الصيغة هو وجود نية التحايل خاصة لدى الرجال لأسباب متعددة، مما يجعلهم يلجأون في البداية إلى اقتراح زواج الفاتحة فقط في انتظار توثيق الزواج، ثم يضعون النساء أمام الأمر الواقع بعد ذلك، كما تلجأ إليه بعض النساء بخلفية التحايل على القانون أيضا في حالات خاصة وجدير بالذكر أن زواج الفاتحة الذي أصبح شائعا في المدن يختلف اختلافا جذريا عن زواج الفاتحة المعروف في البوادي المغربية، وخاصة لدى بعض سكانها، والذي كان محميا بمجموعة من الأعراف القبلية الصارمة التي لا تخالف الشرع عمومها، والتي كانت تجعل الجماعة حامية لحقوق الرجل والمرأة والأبناء على السواء.
ومن أهداف الندوة تروم الندوة الموسومة، زواج الفاتحة بين الفقه والقانون والمجتمع إلى ابراز قيمة وأهمية التوثيق عموما في تاريخ الحضارة، والكشف عن صيغـة الزواج بالفاتحة كظاهرة اجتماعية أصبحت شائعة في المجتمع المغربي، مع عرض الآثار الاجتماعية والنفسية المترتبة عن زواج الفاتحة.
ركزت محاور الندوة الدولية على الأبعاد النفسية والاجتماعية لظاهرة زواج الفاتحة او الأعراف المنظمة لزواج الفاتحة بالبوادي وتوثيق عقد الزواج من منظور الاجتهاد المقاصدي؛ والأحكام الفقهية والقانونية لزواج الفاتحة، (النسب، الارث، النفقة…) ثم الوضعية القانونية للزواج بالفاتحة، الإشكالات واقتراح الحلول.
والقى عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية جمال الدين الهاني كلمة افتتاحية لهذه الندوة، ثم رئيسة الجمعية الجهوية لاتحاد الوطني لنساء المغرب-سلا، السيدة شمس الضحى العلوي الاسماعيلي، ثم رئيسة قطب النيابة العامة الدكتورة أمينة افروخي التي دعت الى تغيير العقليات من اجل التغلب على هذه الظواهر المخالفة لمبادئ المجتمع المغربي.
ثم تم عرض شريط سمعي بصري يحمل شهادات ضحايا زواج الفاتحة، واحصائيات حول انتشار هذه الظاهرة، ثم قدمت رئيسة مؤسسة رزان للدراسات الاستراتيجية حول الأسرة والمجتمع الدكتورة بثينة الغلبزوري كلمة تقدم فيها اهداف المؤسسة الساعية لحماية المراة من هذه الظاهرة، ومن بعدها القت ممثلة عن وزارة التضامن والادماج الاجتماعي والأسرة السيدة يبوري سكينة كلمة حول الموضوع، وعملت على عرض هياكل الوزارة وادوارها الرامية الى جعل الاسرة اكثر تماسكا، وقدمت برنامج “جسر” لتاهيل النساء اقتصاديا، واخيرا كلمة منسقة الندوة الدكتورة فدوى بنكيران.