سابقة.. المجلس العلمي يتراجع عن فتوى”قتل المرتد” ويعطيها مفهوما سياسيا

السيد محمد يسف،يوم السبت بالرباط، خلال اختتام أشغال الدورة الخريفية العادية ال21 للمجلس العلمي الأعلى

بعد الجدل، الذي أثير حول فتوى المجلس العلمي الأعلى في المغرب بخصوص قتل المرتد، والتي تضمنها كتاب صادر عن الهيئة العلمية المكلفة بالإفتاء سنة 2012، وفي سابقة هي الأولى في تاريخ المغرب، تراجع المجلس الأعلى عن فتواه المثيرة للجدل، حسب ما جاء في وثيقة أصدرها، أخيرا، تحت عنوان “سبيل العلماء”.

وثيقة “سبيل العلماء” التي تبناها المجلس العلمي الأعلى في دورته الأخيرة المنعقدة بمدينة الرباط، عبارة عن تصورات وخطوات مرسومة للعلماء المغاربة في تعاملهم مع القضايا الكبرى ومستجدات العصر، كما أنها ترسم لهم بعض الحدود التي ينبغي عدم تجاوزها في القضايا الجدالية أو ذات الحساسية السياسية، كما أعطت مفهوما سياسيا للردة من خلال ربطها بـ”الخيانة العظمى”.

وتقول الوثيقة حسب ما نقله موقع “إسلام مغربي”: “لقد أثيرت في الإسلام قديما، ولا تزال تثار قضية الردة، والمرتد، ويبقى الفهم الأصح، والأسلم لها المنسجمُ مع روح التشريع، ونصوصه، ومع السيرة العملية للنبي، أن المقصود بقتل المرتد هو الخائن للجماعة، المفشي لأسرارها، والمستقوي عليها بخصومها؛ أي ما يعادل الخيانة العظمى في القوانين الدولية، وهذا معنى قوله “من بدل دينه فاقتلوه”، المقيد بقوله: “التارك لدينه المفارق للجماعة”.

واعتبرت الوثيقة ذاتها أن “ترك جماعة المسلمين لم يكن حينها إلا التحاقا بجماعة المشركين خصومهم، وأعدائهم في سياق الحروب الدائرة بينهم. فالردة هنا سياسية، وليست فكرية”.

وأوضح المصدر أن “القرآن الكريم تحدث عن الردة الفكرية في آيات عديدة، ولم يرتب عليها عقوبة دنيوية، وإنما جزاء أخروي، كما في قوله تعالى: “ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون”.

وتعتبر الوثيقة الجديدة للمجلس العلمي الأعلى أن “قتال أبي بكر رضي الله عنه للمرتدين لم يكن إلا بالمعنى السياسي العام، ضد طائفة شقت عصا الطاعة على الإمام، وأرادت أن تفرق وحدة الجماعة، وتفسد فهم الدين بتعطيل أحد أركانه، ومعلوم أن الدين كان، ولا يزال عمود الاستقرار الأساس في المجتمع. وما كثير من الفتن، والحروب الدائرة اليوم إلا بسبب فساد تأويله، وسوء استغلاله، وتوظيفه”، وفق المصدر ذاته.

واستند المجلس العلمي، الذي يترأسه محمد يسف في تراجعه عن قتل المرتد بقوله بمعاهدة صلح الحديبية، التي كان من بنودها أن من أسلم ثم ارتد إلى قريش لا يطالب به المسلمون، وأن من التحق بالمسلمين من المشركين استردوه.

ويقول “محمد يسف”، الأمين العام للمجلس العلمي الاعلى، في تقديمه لهذه الوثيقة، إنها “ليست وثيقة مذهبية رسمية للمجلس العلمي الأعلى، ولا مجرد سوانح فكرية شخصية محض، وإنما هي صياغة من الصياغات الممكنة لجملة من التصورات المتداولة في أعمال علماء المجلس بخصوص أنظارهم في مختلف المحاور التي تناولتها هذه الوثيقة”.

وأكد أن هذه الوثيقة “قد تسهم في بناء فكري حول دور العلماء، مؤسسا على النموذج المغربي المعيش، الذي تُتيحه مرجعية إمارة المؤمنين ووفاء المغاربة لثوابتهم، وابتكار المغرب بقيادة إمامته العظمى لحياة سياسية مندمجة يُعتبر فيها التأطير بالمؤسسات توجها تسانده من جهة الدين قدسية الأمر الجامع، ويُدَعِمُّه الالتزام بالقوانين التي لها شرعية المصلحة العامة، ويُفسح له اعتماد الحرية التي هي النمط المناسب لصحة التكليف الشرعي”.

وشدّدت وثيقة “سبيل العلماء” على ضرورة تصور المراد بالعلم تصورا صحيحا، ومن ثم “تحديد من هو العالم في زمان الرُّوَيْبضات المُتَسَوِّرين لِحِمَى العلم، وتحديد المقصود بمشيخة العلم بما هي الجهة التي جَسَّدَت المرجعية المعتبرة شرعا وعرفا عبر التاريخ”، وهو تلميح واضح إلى ما تعرفه الساحة المغربية من ظهور بعض “المشايخ” التي تنسب إلى نفسها العلم وتتصدر الفتوى وتقوم بتأطير المواطنين باسم تبليغ رسالة الإسلام.

وتؤكد الوثيقة على “صيانة تدين المغاربة من كل مُزاحم في الاشتغال الديني، سواء كان داخليا خارجا أو خارجيا أو أجنبيا فتانا، بما يضمن استمرار تميزهم الذي صار نموذجا يحتذى”، كما أن “سبيل العلماء” يريد “تحصين الأمة من الأفكار المضللة، والممارسات المنحرفة الوافدة على المجتمع، وتحسيس وتبصير الناس بشأنها”، وهي إشارات واضحة إلى ما تعرفه الساحة المغربية من كثرة المتدخلين الدينيين سواء كانوا جماعات إسلامية أو أشخاص يدعون المشيخة العلمية، وتنافسهم على تأطير المواطنين وفق تصورات دينية دخيلة على الثقافة المغربية”. حسب موقع “إسلام مغربي” دائما

وتحدث “سبيل العلماء” حسب المصدر دائما، عن بعض العوائق الفكرية والنفسية عند العلماء فيما يتعلق بمهامهم، هل هي خصوصية أم عمومية؟ هل مكان العلماء هو الموالاة، أم الحياد، أم المعارضة؟، كما حدد موقفه من قضايا عديدة تخص الحريات والتطرف والغلو في الدين والقوانين الدولية وكيفية التعامل معها”.

أمدال بريس/ منتصر إثري

شاهد أيضاً

أكادير تحتضن الملتقى الأول لتجار المواد الغذائية

تحتضن مدينة أكادير من 24 الى 26 يوليوز الجاري الملتقى الأول لجمعية تمونت لتجار المواد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *