في سابقة هي الأولى من نوعها، قام الباحث عبد الله راشدي، بترجمة الرواية الألمانية “روح الطفل” أو “Kinderselee” للكاتب الألماني “هيرمان هيسه” والتي تعتبر واحدة من بين أهم أعمال الكاتب الألماني الحاصل على جائزة نوبل للآداب سنة 1946، من اللغة الألمانية إلى اللغة الأمازيغية.
وأكد عبد الله راشدي، وهو خريج الدراسات الألمانية بجامعة الحسن الثاني، أنه وضع أهدافا في المستقبل وهي أن يكون من بين المساهمين في إثراء الأدب والإنتاجات الكتابية الأمازيغية وتراكمها كما دعا لها المثقف المغفور له علي صدقي أزايكو. مضيفا “في السنة الثانية الجامعية درسنا سويا في جامعة عين الشق هذه الرواية التي ترجمتها، والأستاذة المقتدرة شتيفاني شميت كانت وراء تعريفنا بالكاتب هيرمان هيسه وإنتاجاته. ومنذ ذلك الحين وضعت نصب عيني تحدي ترجمة هذه الرواية إلى الأمازيغية، أولا لجماليتها، وثانيا لمعانيها الإنسانية العميقة التي أثرت فيها كثيرا”.
واعتبر المتحدث في حديثه لـ”العالم الأمازيغي” أن “الترجمة في حد ذاتها لها أهمية قصوى في تأهيل وتطوير لغة معينة لأنها تضعك في تحدي نقل المعاني من لغة الانطلاق إلى اللغة المترجم إليها وذلك دون مس بجمالية النص الأصلي”، مشيرا إلى أن “عملي هذا هو انخراط ثقافي واعي في المساهمة في الإنتاجات الأمازيغية رغم تقدمها الملحوظ ولكنها مازالت متأخرة مقارنة باللغات الأخرى”، معتبرا في ذات السياق، أن ذلك تتويجا “للفريق الذي ساهم في ترجمة الفايسبوك، وهم وراء الحث وتشجيع مبادرة الكتابة بالأمازيغية عبره، لا أنكر فضلهم علي من خلال التشجيع والدعم المعرفي اللساني والمعجمي حول بعض التنويعات وخصوصياتها”. من هذا المنبر، يقول “لابد أن أشكر طارق ادوفقير وحميد الطاليبي ومحمد بلغازالي وأسماء أخرى على مساعدتهم على إنجاح هذا العمل”.
وأضاف الباحث راشدي:”كما تطورت جل اللغات عبر انفتاحها على انتاجات الثقافات الأخرى، وددت أيضا أن أساهم في تطوير وإغناء لغتي الأم، ولم لا الانفتاح بواسطتها على الإنتاجات الكونية الناطقة بالألمانية. للصدفة وجدت نفسي أول من دشن الترجمة من اللسان الألماني نحو اللسان الأمازيغي وهذا يحثني ويشجعني على انجاز المزيد”. يقول المتحدث
وحول المدة التي استغرقتها ترجمة الرواية الألمانية إلى اللغة الأمازيغية، أوضح خريج الدراسات الألمانية بجامعة الحسن الثاني أن ” هذا العمل استغرق مني ما يزيد عن 14 شهرا، نظرا لصعوبة الترجمة للأمازيغية في ظل غياب تكوين خاص بهذا المجال، والنقص في المراجع المختصة”، مضيفا “حاولت قدر الإمكان الانفتاح على جل التنويعات، واعتماد مصطلحات متداولة في إبداعات سابقة وفي المعاجم الصادرة عن “الايركام” ومعجم شفيق، إيمانا مني أن هذه هي الطريقة المثلى للمساهمة في معيرة وتوحيد اللغة الأمازيغية”.
وبخصوص أعمال أخرى في هذا الصدد، قال :”أنا بصدد تهيئ نفسي لنشر هذا المؤلف، وبعدها أفكر مليا في كتابة رواية من إنتاجي الخاص، وترجمة أحد أبرز مؤلفات فريدريك نيتشه وهو “هكذا تكلم زرادتش” من لغته الأصلية الألمانية. أتمنى أن أوفق في هذا التحدي نظرا لطبيعة ذلك الكتاب، وكذا الفيلسوف الألماني والنقص الحاد في المعاجم الخاصة بالفكر والفلسفة، لكنني أظن أن المحاولة لا تقتل”. يورد المتحدث
من جهة أخرى، عبر الباحث الأمازيغي عن “قلقه وحزنه على مستقبل الأمازيغية في هذا البلد”، مضيفا في تعليقه على واقع الأمازيغية في التعليم والإعلام..،” كجميع الفعاليات المنددة بالتراجعات التي راكمتها الأمازيغية بعد الدسترة، كنا وددنا أن تكون المصالحة بعد خطاب أجدير، مصالحة حقيقية واعتراف حقيقي بأهم مكون لهذا البلد عبر لغته الأصلية الحية في جل جهات المملكة. لكن للأسف يقول راشدي “حتى بعد الدسترة، كانت هنالك تجاوزات خطيرة تتجلى في غياب دعم مالي لوجيستيكي للإعلام الأمازيغي في المقابل القنوات الأخرى تحظى بدعم سخي. إضافة إلى ترسيخ فكرة الفلكرة والبداوة عبر الإعلام الوطني المساهم الرئيسي لهذه الآفة، وكان طموحنا أن يساهم بالرقي بالثقافة واللغة لا العكس”.
أما في ما يخص التعليم، يفيد المتحدث لـ”العالم الأمازيغي” أن “حتى النسبة الضئيلة التي تم تخصيصها لتدريس مواد اللغة الأمازيغية قد تناقصت بفعل إسناد أساتذتها لتدريس مواد أخرى غير مادة تخصصهم وهذا نستنكره بشدة ونستنكر كذلك حصة التوظيف المجحفة التي خصصته الدولة لأساتذة الأمازيغية”، مشدّدا على أن “واقع اللغة الأمازيغية يعبر عن نية الدولة في القضاء عليها شيئا فشيئا وهذا يضرب في مصداقيتها حين تدعي التنوع الثقافي والمساواة في المواطنة. لكن ربما بالنضال والضغط وربما من خلال المبادرات الذاتية قد نستطيع تغيير الوضع إلى ما هو أحسن رغما عنهم”. يورد الباحث عبد الله راشدي
*العالم الأمازيغي: منتصر إثري