سبعةُ أشياء يمكن ملامستُها ونحن نتتبع حراك الريف

بقلم: الدكتور عبد السلام خلفي

أولاها: خروج المرأة الريفية وقيادتها للحراك الشعبي (نوال بنعيسى وسيليا زياني نموذجا) وهو أمرٌ يُعبر عن تحول عميق في النظرة إلى المرأة يجبُ على الدارسين التقاطها لفهم الذهنيات التي تتشكل والتي ستقود في المستقبل؛

ثانيها: تحول الحراك من حراك ريفي إلى حراك وطني ودولي، مع ما وازى ذلك من إسقاط لاتهامات الانفصال والعرقية التي ظلت الحكومة والأحزاب التقليدية وصحافة الرصيف تلصقها بالريفيين، خاصة بعد التظاهرة الكبرى التي دعا إليه الزفزافي يوم 18 ماي 2017؛

ثالثها: تراجع أو اختفاء كل الوسائط السياسية والمدنية وترك الحراك في مواجهة السلطة المركزية، وهو ما يعني أن المراهنة على الأحزاب التقليدية وعلى الفاعلين السياسيين الذي جاءوا مع العهد الجديد قد انتهى دورهم؛

رابعها: تراجع منسوب الحكمة الذي تعاملت به الدولة في 2011 إزاء 200 فبراير، وجنوحها إلى الاختيار الأمني؛ وهو ما يعني أن الدولة إذا لم تتراجع عن خيارها هذا وتفتح حواراً مع قادة المحتجين قد يؤدي إلى نتائج خطيرة يدفع المغرب فتورتها أضعاف الأضعاف؛

خامسها: تحول الزفزافي وجلول من ناشطين / قائدين للحراك إلى رمزين وأيقونتين للحراك محلياً ووطنياً، ولذلك فإن اعتقالهما لا يُعتبرُ خطأ فقط في طريق حل المشكل بل يعني أيضاً خلق الرموز (أو ما يُسميه ناصر انتصاراً) وترك الشارع للمجهول والمغرب أمام تحديات انفلات أمني محتمل؛

سادسها: تحول الانتماء / الريف / الهوية / الأمازيغية إلى محدد أساسي في الانتماء إلى مغرب متعدد يومن بتنوعه ويدافع عنه ويرفضُ أي انصهار في الثقافة الرسمية التي قُدمت كذباً بوصفها ثقافة وهوية المغاربة؛ وهو ما يعني أن القضايا المرتبطة بالشغل والصحة والتعليم وعموما بالاقتصاد والاجتماع لم تعد المحدد الوحيد بل أصبحت الهوية (نشين ذ إيمازيغن، كما تقول الشعارات)، هي المؤطر الشامل لها؛

سابعاً: ظهور إسلام مغربي معتدل يضعُ مسافة بين الإسلام السلفي والإسلام الداعشي والإسلام الرسمي ويقبلُ بالمرأة في الحراك ويعطيها الكلمة بل ويجعلها قائدة له على مستوى التنظيم وترديد الشعارات وإلقاء الكلمات وتتوجيه مسارات الحراك.
لكل هذه الأشياء، فإن الدولة إذا لم تُعد النظر في طريقة تعاملها مع هذه التحولات، وإذا لم تنزل من أبراجها التقليدانية، وتطلق سراح المعتقلين وتعمل على مباشرة الحوار معهم وتتجه إلى الاعتراف بالريف ككيان ثقافي وبالمغرب كوحدة تحضن داخلها قيم التنوع والتعدد، وتفتح أوراش التنمية الاقتصادية والاجتماعية إلخ. فإن المستقبل لن يكون زاهياً ….

شاهد أيضاً

الجزائر والصحراء المغربية

خصصت مجموعة “لوماتان” أشغال الدورة السابعة لـ “منتدى المغرب اليوم”، التي نظمتها يوم الخامس من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *