بقلم: يوبا أبركا*
تعتبر جهة سوس ماسة مركزا للإنتاج السينمائي وقطبا مهما لاستقطاب الأعمال السينمائية على الصعيدين الوطني والدولي، حيث عرفت الجهة منذ التسعينات من القرن الماضي إنتاج المئات من الأعمال السينمائية سواء الناطقة بالأمازيغية أو غيرها دون ذكر مدينة ورززات باعتبارها فضاءا عالميا للاستثمار السينمائي والإنتاج العالمي في هذا المجال.
وتعتبر سوس المهد الأول للفليم الامازيغي بعد أن قام مجموعة من الغيورين في مجموعة تيفاوين بإنتاج فيلم تامغارت وورغ، ومباشرة بعد ذلك تم إنتاج العشرات من أفلام الفيديو طوال سنوات التسعينات، قبل أن يعرف هذا الإنتاج تسارعا كبيرا بعد أن تم غزو الأسواق المغربية بتقنيات جديدة تتمثل في الأقراص المدمجة ورقمنة الآليات المرتبطة بفلك الفيديو، وهو الأمر الذي سهل عملية الإنتاج والتوزيع و المشاهدة. إلا أن ذلك في الوقت نفسه ساهم بشكل كبير ومباشر في القرصنة التي أدت بعد سنوات إلى تراجع مهول للإبداع السينمائي “الفيديو”، ومن ثم إفلاس عدد كبير من شركات الإنتاج وتفاقم البطالة بين المبدعين بسوس.
هذا قبل انطلاق القناة الأمازيغية التي كانت فرصة الأمل الوحيدة بعدها لدى السينمائيين الأمازيغ، إلا أن الحلم تبخر بعد أن تأكد لدى الجميع ومنهم المشرفين على القناة عدم قدرة الإنتاجات المتلفزة للثامنة على استيعاب جميع الطلبات والحاجيات، وعدم قدرتها على تشغيل كافة المهنيين والمبدعين بحكم محدودية الإنتاج.
وفي ظل اعتماد المركز السيمائي المغربي على دفتر التحملات الذي يعتبره الكثير من المنتجين بسوس باب مغلقا.
وإلى حدود كتابة هذه السطور فإن قطاع الإنتاج السينمائي بسوس عرف تدهورا كبيرا، وهو الأمر الذي أسقط تأثيره الكبير على الوضعية الاجتماعية لعشرات من الأسر التي كان أفراد منها يشتغلون حصريا في الأعمال المصورة على مدار السنة، وكانت السينما المحرك الأساسي لإعالة عائلاتهم.
هذا إذن جزء من واقع قطاع السينما والمهنيين بسوس، وهو واقع يتأسف له الجميع لكن دون أي تدخل، غير أن إقدام مجلس سوس ماسة على إبرام اتفاقية مع وزارة الثقافة و الإتصال – قطاع الاتصال، بشأن تخصيص دعم للإنتاج السينمائي بالجهة أثلج صدور المهتمين والسينمائيين حيث كان ولا يزال تدخل المؤسسات الجهوية والمحلية و الإقليمية لدعم الإنتاج السينمائي مطلبا أساسيا للخروج من الأزمة، وخاصة أن السينما كما سبق الذكر قاطرة أساسية للتنمية بالجهة باعتبار المؤهلات الطبيعية و الثقافية والبشرية الكبيرة التي تتوفر عليها سوس ماسة، إلى جانب ارتفاع نسبة المهنيين خاصة بعد إحداث تخصصات كثيرة بجامعة إبن زهر تخص تكوينات في المجال السينمائي ومهن السمعي البصري, وقد تكون هذه الشراكة النبض الذي سيعطي انطلاقة حقيقية ويعيد الروح للقطاع ويساهم في تطويره وتنميته، وهو الأمر الذي تؤكده السيدة خديجة أروهال العضو والمشرف المباشر على اتفاقية الشراكة مع الوزارة لدعم الإنتاج السينمائي وهو ما أكدته من خلال عقد لقاءات متعددة مع الفاعلين والمبدعين بالجهة، حيث يعتبر رفع جودة الإبداع السينمائي وتوفير فرص الشغل للفنانين أحد أولوياتها البارزة في أنشطتها.
نقطة ضوء جديدة إذن تعود لتنير طريق السينما بسوس في انتظار إنزالها على أرض الواقع ورفع تحديات إنجاحها من طرف كل المتدخلين، فكل التحية و التقدير لمجهودات الأخت أروهال وباقي الغيورين على الثقافة و الفن بسوس العالمة.
* مخرج و فاعل ثقافي