سوس وحظها من كعكة الجمعيات الكبرى

امحمد القاضي
بقلم: امحمد القاضي، رئيس جمعية تيويزي للتنمية الإجتماعية لأيت عبد الله

شهد المغرب في أواخر تمانينيات القرن الماضي تأسيس جمعيات كبرى نسبت لعدة مناطق مغربية ترأس بعضها شخصيات وازنة بمباركة من الجهات الرسمية لإضفاء طابع جمعوي ومدني على الأنشطة الشبه رسمية. فتلقت تمويلات ضخمة صرف أغلبها في أنشطة فلكلورية لتلميع صورة المغرب، هذه الأنشطة أتت أكلها في الجانب الترويجي والسياحي للمناطق، لكن ظل البعد التنموي غائب في أغلب اعمالها وأجندتها، وبقيت هوامش المناطق المعنية مغيبة في منظار المسؤولين الجمعويين آنذاك.

فإعتنت جمعية فاس سايس بالموسيقى الروحية، وجمعية موكادور بمهرجان كناوة بالصويرة، وجمعية الأطلس الكبير بمهرجان الفنون الشعبية بمراكش. كما تأسست جمعية رباط الفتح بالعاصمة، وغيرها من الجمعيات الدائعة الصيت.

شهد البلد إنزال هذه الجمعيات الكبرى، قبل طفرة المجتمع المدني بشكله وحريته الحالية. ونظرا لإسقاط هذه الجمعيات بالمضلات سميت بجمعيات السهول والوديان. وجمعت هذه الجمعيات أسماء ثقيلة في عالم السياسة والفن والتجارة وأرباب شركات كبرى أغدقوا عليها بالمال والجاه والتجربة وإستفادت من قربهم لمراكز القرار. فمن هذه الجمعيات من مازال يقدم خدمات ميدانية، ويدعم النسيج الجمعوي بحلته الحالية ومشاريعه الحديثة، كجمعية موكادور مثلا، ومنهم من أفل نجمه بعد غياب الأسماء المسؤولة.

كل هذه المقدمة، لنطرح السؤال، ما حظ منطقة سوس من هذه الجمعيات؟ وماذا إستفادت المنطقة من سخاء الجمعيات الكبرى؟

السؤال لا ينتظر الجواب، لبديهية المنطق.

مقارنة بالأثر الذي تركته بعض جمعيات السهول والوديان في مناطقها، فجهة سوس، حواضرها وبواديها، برجالاتها، ورؤوس أموالها، وشخصياتها الوازنة، وفقهائها لم تحصد سوى الفتات، ونتائج لا ترقى لإنتظارات الساكنة والمنتمين لسوس.

العمل الجمعوي بالمنطقة حديث العهد، ويعتمد بالخصوص على المجهودات الشخصية وتمويلات الفاعلين الإقتصاديين المحليين. فمدينة أكادير بطقسها المعتدل طوال السنة، وخاصية البحر والجبل لم تعرف مهرجان مماثل لكناوة، ولا نسبة النمو إقتصاد سياحي ينافس مراكش. تارودانت بتاريخها وسورها العظيم، يقترب لصور الصين! ووضعها الفلاحي وقرب عاداتها وثقافة أهلها بأهل مراكش وتنوع وغنى لهجتها التي هي مزيج من الأمازيغية والدارجة؛ ظلت المدينة بدون ملتقيات فكرية ولا محط إهتمام من المسؤولين. مدينة تيزنيت هي الأخرى بهدوئها وحفاظها على تقاليدها السوسية

وجمالية مجوهرات الفضة لبراعة صناع الحلي بها، بقيت على حالها في إنتظار إلتفاتة شجاعة لإخراجها من رمادها.

كل هذه المعطيات وغيرها لم يشفع لسوس أن تحتل مرتبة متقدمة بين إخوتها.

المقصود أن نصيب سوس من كعكة الجمعيات الكبرى والإلتفاتات الرسمية كان ضعيفا، وأثر الأنشطة والمشاريع على الحواضر  محتشم، أما بوادي الأطلس الصغير فنخجل الإشارة لظروف العيش فيها. لكن زلزال أدرار ن درن عرى على واقع شهدته كاميرات العالم وكان أفصح من كل التعبيرات الكتابية.

تصبحون على يوم رمضان مبارك، في إنتظارك إلتفاتة مباركة لجهة سوس.

اقرأ أيضا

“اللغة الأمازيغية بالمغرب: تحديات البقاء ومخاطر الانقراض بعد إحصاء 2024”

تقف اليوم اللغة الأمازيغية بالمغرب، باعتبارها ركيزة أساسية في تكوين الهوية الوطنية المغربية، أمام تحدٍ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *