أصدر الأستاذ سعيد بنيس الطبعة الثانية من كتابه “تَمَغْرِبِيتْ.. محاولة لفهم اليقينيات المحلية”، حيث يعالج على امتداد صفحاته مفهوم المشترك الثقافي والإنساني والحضاري والديني واللغوي والتاريخي للأمة المغربية، التي تمتد جذورها لأكثر من 33 قرنًا من الثقافة الأمازيغية و12 قرنًا من الدولة المغربية.
ويبرز الكاتب أن “تَمَغْرِبِيتْ” ليست مجرد مصطلح، بل هي سردية جامعة تحتضن جميع المغاربة، داخل المملكة وخارجها، بمختلف انتماءاتهم الترابية وتعدد لغاتهم وثقافاتهم، دون إقصاء أو تراتبية لأي مكون من مكونات الشخصية المغربية. فهي مفهوم يعكس الهوية المغربية في أبعادها التاريخية والحضارية، ويشكّل مرجعًا للقيم الناظمة للعيش المشترك، وآلية لاستدامة الانتماء لأمة مغربية منفتحة على محيطها المغاربي والإفريقي والمتوسطي والشرق أوسطي، بل وعلى العالم أجمع.
ويرتكز الكتاب، عبر تسعة فصول، على يقينيات مستمدة من المعرفة العلمية والتدوين الأكاديمي، إضافة إلى ما هو متجذر في المتخيل الجماعي المغربي، حيث يؤكد أن “تَمَغْرِبِيتْ” ليست إقصاءً لأي مكون من مكونات الهوية المغربية، وإنما إعادة توهج لهذه المكونات، بما يجعل منها قوة حضارية تعزز حضور المغرب عالميًا دون انغلاق هوياتي أو انكماش إقليمي.
ويشدد الكاتب على أن هذه السردية تعزز التنشئة المستدامة والهوية المتسامحة والمنفتحة، بعيدًا عن أي نزعات شوفينية أو قومية منغلقة أو تصلب هوياتي، فهي نافذة تحتفي بالمشترك الإنساني، وتستمد قوتها من التنوع والتمازج والانغماس في البيئة المجتمعية المغربية. ويستشهد بنيس في هذا السياق بحالات أفراد تبنوا “تَمَغْرِبِيتْ” كمصدر للهوية المكتسبة، مثل المدرب المهدي فاريا أو المذيع الرياضي لينو باكو، ما يعكس قدرة المغرب على احتضان الآخر، من خلال جاذبية الإنسان والمجال والتاريخ والثقافة وفن التعايش والعيش المشترك.