صرخة العدد 140/مارس 2012/2962

أول ملاحظة سجلناها هذا الأسبوع هي مرور يوم 21 فبراير، اليوم العالمي للغات الأم، مرور الكرام دون أن تولي له الدولة أي اهتمام، باستثناء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، المؤسسة الرسمية الوحيدة إلى جانب بعض الجمعيات الأمازيغية التي لم يفتها، كما دأبت على ذلك كل سنة، الإحتفال بهذا اليوم العالمي الذي هو مناسبة لدق ناقوس الخطر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بالنسبة للغات الأم في طريق الإندثار والإنقراض.

الملاحظة الثانية التي سجلناها في نفس الأسبوع هي تلك الردود الأفعال لبعض «مسامير الميدا» حول اجتماع وزراء دول شمال إفريقيا أو «المغرب الكبير» الذي اقترح فيه الدكتور سعد الدين العثماني وزير الخارجية والتعاون المغربي بكل جرأة، مفعلا بذلك نص الدستور المغربي، إسقاط كلمة «العربي» عن الإتحاد وتعويضها بالمغاربي لتصبح «الإتحاد المغاربي» وسانده في هذا الموقف الشجاع وزير خارجية الدولة الموريتانية، عكس وزراء خارجية ليبيا، الجزائر وتونس، هذه الأخيرة التي ألح رئيسها منصف المرزوقي في أكثر من مناسبة على تصحيح المصطلح من العربي إلى المغاربي احتراما للسكان الأصليين لشمال أفريقيا الذين هو ليسوا عربا بل أمازيغ.

ولكن الذي فاجئنا ليس هو موقف الدولة الليبية والتونسية والجزائرية في شخص وزراء خارجيتها. ولكن موقف إعلامنا الوطني «إن كان بالفعل كذلك» الذي أصر ويصر في كل وقت على الإلحاح على استعمال مصطلح «المغرب العربي»، ضربا بعرض الحائط مقتضيات الدستور بل أكثر من ذلك فهم أي الإعلاميون المغاربة فضلوا أن يحتدوا بقيدومهم في الإعلام والعروبة وزير خارجية تونس، الصحفي ومدير قناة الجزيرة سابقا، عوض أن ينضبطوا إلى نصوص الدستور ويتبنوا بل ويدافعوا من موقعهم كإعلاميين مغاربة على الموقف الرسمي لبلادهم الصادر عن وزيرها في الخارجية والتعاون.

ولكن العكس هو الذي حصل فتغلبت العاطفة العربية على العقل والروح المغربيين كما تغلبت العروبة عندهم على المغربة وعلى مقتضيات الدستور الجديد.

ولكن السؤال الذي انتظر جوابه من هؤلاء، هو كيف سيستقبلون البطائق المهنية الجديدة المكتوبة بالأمازيغية وبحرفها تيفيناغ؟ هل سيعمدون إلى تمزيقها وبالتالي تغيير عملهم والتخلي عن مهنة الصحافة؟ أم أنهم سيضطرون لحملها وسينافقون أنفسهم كما ينافقون قراءهم بأخبار اليوم صباحه ومسائه؟.

بهذه المناسبة نحيي مرة أخرى جرأة السيد وزير الإتصال الذي فرض على هؤلاء الأمازيغية مكرهين.

كما نحيي مبادرة السيد وزير التربية الوطنية الذي قام هو كذلك بكتابة اسم الوزارة باللغة الأمازيغية ولو أنه نسي أو تناسى «المملكة المغربية» إلا أنها خطوة مهمة يجب أن تليها خطوات عملية لتفعيل إدراج الأمازيغية في التعليم خصوصا بعد أن أدخلها السيد خشيشن غرفة الإنعاش لأكثر من أربع سنوات مما حدا ببعض «مسامير الميدا» في ذات الوزارة إلى الإستمرار في تطبيق سياسته التمييزية إن لم نقل العنصرية ضد الأمازيغية كما هو الشأن بالنسبة لنائب نيابة التعليم بالحي البرنوصي بالدار البيضاء الذي قام بتكليف جميع أساتذة اللغة الأمازيغية بذات النيابة بتدريس اللغة العربية أو الفرنسية دون الأمازيغية محتجا بالخصاص الواقع عنده في أساتذة اللغة العربية والفرنسية مما يدل على أن الأمازيغية بالنسبة إليه ليست على نفس قدم المساواة مع هاتين اللغتين مما يثبت مرة أخرى أن إدارات الدولة مازالت تتحكم فيها عقليات إقصائية تسعى إلى قبر ذلك الجزء البسيط من المكتسبات التي استطاعت الحركة الأمازيغية تحقيقها.

فعوض العمل على توسيع عملية إدراج الأمازيغية في التعليم أفقيا وعموديا وتوظيف لهذا الشأن أفواج الأساتذة اللذين يتخرجون من مسالك اللغة الأمازيغية كل سنة. نفاجأ بسياسة مغايرة لا نعرف هل سياسة الوزير الجديد أم هي فقط سياسة خاضعة لأهواء بعض العقول المتحجرة التي ترفض الإنضباط للقوانين؟.

وإلى هؤلاء أقول لقد عقدنا العزم للسير إلى الأمام ولا مجال للتراجع عن ما حققناه إلى حدود الآن، ولو أنه لم يرقى بعد إلى طموحاتنا.

لكن لنا اليقين على أن هذه المرحلة هي مرحلة انتقالية يجب أن نكون واعين بها وأن نقطع الطريق على «مسامير الميدا» الذين مازالوا يحاربون أي إصلاح من شأنه أن يعيد الإعتبار للمغاربة ويسحب من تحت أقدامهم بساط المنافع والإمتيازات.

يجب اعتبار سنة 2012 «سنة تيفيناغ» بامتياز وذلك من أجل مزيد من النضال لتفعيل الدستور في جميع مناحي الحياة العامة والخاصة، كل من موقعه، بدءا باستصدار القوانين التنظيمية الخاصة بترسيم اللغة الأمازيغية وأجرأتها على أرض الواقع وإصدار بطاقة التعريف الوطنية تراعي وتحترم الديمقراطية اللغوية، كما هو الشأن بالنسبة لبطائق الصحافة، ثم كتابة أسماء كل المرافق الإدارية العامة والخاصة باللغة الأمازيغية وبحروفها تيفيناغ بما في ذلك سيارات الشرطة والدرك الملكي والعسكر والقوات المساعدة. والكتابة بتيفيناغ كذلك على الزي الرسمي لكل هذه الأجهزة الأمنية لضمان على الأقل الإستقرار النفسي للمواطنين.

وقديما قال الحكيم الأمازيغي:

ⵉⵖ ⵜⵔⵉⵜ ⴰⴷ ⵓⵔ ⵉⴽⵏⵓ ⵓⴷⵔⴼ ⵏⴽ ⵇⵇⵏ ⵙ ⵜⵉⵔⵉ  ⴰⴳⴳⵓⵍⵍⵓ ⵏⴽ

Igh trit ad ur iknu udrf nk qqn s tiri aggullu nk

صرخة العدد 140/مارس 2012/2962 – جريدة العالم الأمازيغي

شاهد أيضاً

أمينة ابن الشيخ

صرخة العدد 278 مارس 2024/2974

المرأة نصف المجتمع، إن لم تكن المجتمع كله، نقول هذا الكلام ليس اعتباطا، بل استنادا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *