أثار انتباهي كثيرا خطاب الملك محمد السادس الذي ألقاه في تونس بمناسبة زيارته لها، ذلك أن جلالته استعمل عبارة «الإتحاد المغاربي» عوض «المغرب العربي»، مما دفع برئيس تونس السيد المرزوقي للحذو حذوه، ويعترف بافريقية تونس، بل أكثر من ذلك يصرح في خطاب رسمي بأن كلمة إفريقيا هي كلمة أمازيغية قحة لا زالت مستعملة.
إلا أن الغريب في الأمر هو أن أولائك الذين يتشدقون عندنا في المغرب بالتنزيل السليم للدستور، وعلى رأسهم رئيس الحكومة الذي يفترض فيه احترام مقتضيات الدستور، نجده وفي تجاهل لمقتضيات الدستور وبنوع من التعنت يلح على استعمال لفظة (المغرب العربي) حين حديثه عن شمال إفريقيا، وأتعجب أكثر فأكثر حين يتلذذ إعلاميونا وحقوقيونا بالاستمرار في استعمال تلك العبارة التي ينص الدستور الجديد لسنة 2011 على تعويضها بالاتحاد المغاربي.
وبالمقابل نسمع كل السابق ذكرهم يشتكون داخليا وخارجيا فيما يخص عدم تطبيق فصول أخرى في الدستور، مما يدل على أن هؤلاء أجمعين مازالوا يتعاملون مع كل ما هو أمازيغي بمنطق التمييز والعنصرية، وخير دليل على ذلك مسارعة إدارة مؤسسة البرلمان لتوظيف مترجم ليترجم الجلسات البرلمانية لفاقدي السمع أي الصم والبكم، ومع أننا ننوه بالفكرة ونثني عليها، بل أستطيع أن أقول أنني من اللوائي الذين طالبن بإدماج لغة الإشارات في إعلامنا العمومي السمعي البصري، في إطار مقترحات تقدمت بها ارتباطا بدفاتر التحملات الخاصة بالقطب العمومي، لكن مع ذلك أقول أنه لا يعقل أن لا يشمل نفس الإجراء اللغة الأمازيغية، سواء من حيث ترجمتها إلى لغة الإشارات التي لم يراعى في توظيف المترجم من وإلى هذه اللغة إلمامه باللغة الأمازيغية، أو فيما يخص ترجمة اللغة العربية واللغة الأمازيغية إلى غير الناطقين بهما، ما يدل مرة أخرى على منطق الإقصاء الذي تتعامل به مؤسسات الدولة مع الأمازيغية، ومأسسة العنصرية التي لن نكل استنكارها داخليا عبر كتاباتنا وبياناتنا والمظاهرات التي نؤطرها، وخارجيا بالتقارير التي نرفعها بكل مسؤولية إلى المؤسسات المعترف بها دوليا في هذا الشأن (لأننا لسنا كمن يرقص ووجهه مغطى)، وسيبقى حالنا كذلك إلى أن يتم الاعتراف بنا كمواطنين من الدرجة الأولى إسوة ببقية إخواننا المغاربة لا أشباه مواطنين من الدرجة «الله اعلم».
إننا حين نقول أن الأمازيغ بالمغرب يتعرضون لأشكال من العنصرية والتمييز فإننا لا ننطق عن الهوى، فإلى جانب ما سبق ذكره نضيف ما يحاك حاليا ضد الأمازيغية من طرف المندوبية السامية للإحصاء التي اعتبرت نسبة الناطقين بالأمازيغية في إحصاء سنة 2004 ثمانية وعشرين بالمائة فقط، والناطقين بالفرنسية ثلاثين بالمائة وهذا مبعث للضحك والسخرية، ذلك أن جاكلين وشاغلوط وجون وبيير، أكثر من إبا يجو وتابا فاضم وخالتي عيش وداحما ودادا بلق، إنها مهزلة والمؤسف أن هذه المهزلة لا زالت لها فصول أخرى تتبعها، خاصة إذا علمنا أن نفس الهيأة أدرجت ضمن استمارة الإحصاء لهذه السنة في مجال التربية والتعليم واللغات المحلية المستعملة، سؤال حول كتابة و قراءة اللغة الأمازيغية بحرف تيفيناغ، سؤال لا أرى منه جدوى خصوصا وأن الأمازيغية إلى حدود الآن لم تعطى لها الفرصة لتصير لغة قراءة و كتابة سواء في المدرسة في إطار التعليم النظامي، ولا في مراكز محو الأمية في إطار التعليم غير النظامي، بل بالعكس فمنذ إدراجها في المنظومة التعليمية سنة 2003، وهي تعاني على جميع المستويات من إدارة المدارس و النيابات و الأكاديميات إلى الوزراء باختلاف انتماءاتهم الحزبية المتعاقبين على وزارة التعليم منذ سنة 2003 إلى يومنا هذا بدون استثناء.
فالجواب المتوقع على هذا السؤال بطبيعة الحال هو تقريبا صفر نسبة الأمازيغ في المغرب، ولهذا لن نستغرب إن كانت نسبة المهاجرين الصينيين في إحصاء هذه السنة أكثر من نسبة الأمازيغ.
و قديما قال الحكيم الأمازيغي:
ⵉⵏⵣⴳⴰⵏ ⵛⵛⴰⵏ ⵜⵏ ⵢⵉⴹⴰⵏ
Inzgan ccan tn yidan
صرخة العدد 164 / يونيو – جريدة العالم الأمازيغي