في مداخلة الأستاذ أحمد بوكوس عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بمناسبة تخليد الذكرى الثالثة عشرة لخطاب أجدير، استعرض المشاكل والصعوبات التي تتخبط فيها الأمازيغية ولو بعد دسترتها كلغة رسمية للمغرب، ومن ضمنها تأخر إصدار القانونين التنظيميين المنصوص عليهما في الفصل الخامس من الدستور مع عدم استشارة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في هذا الباب، وغياب الرؤية بشأن وضعية المعهد داخل المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، إلى جانب توقيف صيرورة تعميم تدريس الأمازيغية، ومجموع المثبطات والمعيقات التي تطول الإدماج الفعلي للأمازيغية في القطب الإعلامي السمعي والبصري، بالإضافة للطابع المحتشم والمتردد للأخذ بالثقافة الأمازيغية في السياسات العمومية ذات الصلة بمجال التنمية، وما إلى ذلك.
وارتباطا بما سبق تتبادر إلى أذهاننا تساؤلات تطرح نفسها بحدة.. كيف نحتفل بالذكرى الثالثة عشر لخطاب أجدير، وقريبا سنخلد الذكرى الثالثة لدسترة الأمازيغية، ومع ذلك هاهي الأمازيغية لم تبرح مكانها بشهادة أرفع مسئول في أعلى مؤسسة أمازيغية؟
أين يكمن الخلل ومن المسؤول عن هذه الوضعية؟ هل هي مؤسسات الدولة؟ أم الأمازيغ أنفسهم؟ أم نحن جميعا كما صرح بذلك السيد عزيز بنعزوز أثناء مداخلة له في محاضرة للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية؟
وهل الوضعية التي تتواجد عليها الأمازيغية والأمازيغ سببها فقط سياسة الدولة السلبية؟ أم أن للمجتمع المدني الأمازيغي حقه ونصيبه من المسؤولية؟ ولماذا في كل مناسبة نتوجه إلى الأحزاب؟ أليست هذه الأحزاب وليدة البعثية والقومية العربية؟ ألم تكن دوما مجرد أبواق فارغة لا تمتلك مبادرات ولا قرارات حاسمة ولا مواقف منضبطة ولا مبادئ ثابتة؟ أليست فقط ببغاوات تردد في كل مرة وحين خطابات الملك دون أن تعمل حقا على تفعيلها؟
هي أسئلة مشروعة، كيف لا وأحزابنا هي التي سمت نفسها “أغلبية صاحب الجلالة ومعارضة صاحب الجلالة”، (حذاري أن يظن القارئ الكريم أنها تعارض صاحب الجلالة).
إن الأمازيغية أيتها السيدات والسادة بحاجة إلى نضال ميداني ومبادرات جريئة، ومن هذا المنطلق سبق وأن اقترحنا عريضة المليون توقيع لإخراج القوانين التنظيمية لتفعيل ترسيم الأمازيغية إلى حيز الوجود، كما انخرطنا بكل صدق في الوقوف ضد التزوير الذي كانت تهدف إليه المندوبية السامية للإحصاء، وكنا سباقين إلى فضح نوايا وزير التربية الوطنية، إلى جانب أنشطة مكثفة ومواكبة دؤوبة وناضجة حول ولكل ما له علاقة بالأمازيغية طيلة سنوات، كل هذا -وما خفي كان أعظم- رغم كيد الكائدين والماكرين والمتربصين بالأمازيغية.
تلك المبادرات والتحركات كان الهدف من ورائها أن نبعث رسائل جادة لمن يهمهم الأمر مفادها أن “كفى من إبادة اللغة والثقافة الأمازيغية”، وهي الإبادة التي كرسها محمد عابد الجابري ومن قبله علال الفاسي ومن ولاهم، والتي لا زالت مستمرة وتظهر بالمرموز وبالواضح من خلال استمرار الإعلام والسياسيين بعناد وإصرار على سبيل المثال لا الحصر في تسمية المغرب الكبير ب”المغرب العربي”، رغم تنصيص الدستور على تغيير المصطلح، وبالمقابل نجد نفس هؤلاء السياسيين سواء كانوا في الحكومة أو المعارضة يتباكون على عدم تطبيق الدستور فيما يتعلق فقط ب”فصل السلط” على مقاسهم طبعا، أما هموم الشعب فعنها هم بعيدون.
إن كل هذه التراجعات والانتكاسات والخيبات المتتالية فيما يتعلق بالأمازيغية، نغفرها نحن الأمازيغ ونسكت عنها لأننا متسامحون، أو ربما لأننا جبناء جهلاء نتنكر لذواتنا إلى درجة نسيان أنفسنا، لكن إن لم يكن كذلك فبشكل مؤكد هو الغباء السياسي والاستكانة للذل واحتقار الذات، ولكن إلى متى سيستمر؟
و قد قال الحكيم الامازيغي:
ⵓⵔⵜⴳⵉⵜ ⴰⴼⴳⴰⵏ ⴰⵡⴰⵍⵍⵉ ⵉⵛⵛⴰⵏ ⵓⵍ ⵏⵏⵙ ⵖ……….
Ur tgit afgan awalli iccan ul nns gh…….
صرخة العدد 167 / أكتوبر – جريدة العالم الأمازيغي