الكل حائر، يفكر ويتساءل عن السبب الذي يدفع المواطنين المسلمين من شمال إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا للهجرة إلى الدولة الإسلامية بالشام والعراق المسماة «داعش»، دون غيرهم من المسلمين في إيران وماليزيا والصين والهند وصربيا وباقي الجنسيات والقوميات.
يتساءلون، رغم أن العلة واضحة وضوح الشمس، ذلك أن الإسلام في هذه المناطق لم يربط قسرا بالعروبة واللغة العربية، بل إن المسلمين في تلك الدول يؤدون فرائضهم الدينية باللغة العربية، ولكن يعيشون حياتهم اليومية بلغاتهم وثقافتهم وهوياتهم التي ورثوها في تلك الأرض التي أنبتتهم، عكس شمال إفريقيا وما ولاها حيث فرض تعريب قسري استهدف إبادة لغة الأمازيغ وثقافتهم وإحلال العربية لغة وثقافة محلها، كما فرض تقديس مهول للانتماء للعرب ولكل ما يرتبط بهم وصل لمرتبة تقديس القرآن نفسه، وروجت صورة للمسلم والمؤمن الحقيقي، باعتباره ذلك الذي ينحدر من نسب عربي ولا يتحدث لغة إلا العربية بل يحرص على الحديث بالعربية الفصحى، ليصبح الأمازيغي الطامع في رضى الله والساعي لدخول الجنة، مضطرا للتخلص من لغته وثقافته وإحلال العربية محلها، ما دام ذلك ركنا سادسا غير معلن للإسلام.
إسلام شعوب شمال إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا ربط قسريا ليس باللغة العربية فحسب، وإنما بالقومية العربية البعثية، هذه الأخيرة التي ارتكزت واعتمدت في التوسع والانتشار على تهميش وإبادة القوميات الأخرى ومقوماتها الثقافية والدينية، وسعت بشمال إفريقيا لتقوم على حساب وأنقاض القومية الأمازيغية، والأمر عينه في الشرق الأوسط التي تم فيها إقصاء المارونيين والآراميين والكورد واليهود، لإرساء قواعد وأسس الدول العربية البعثية، ليتم استلاب فكر وأرض وتاريخ وكل مقومات مواطني تلك الأراضي.
وأكثر من ذلك في المغرب مثلا، لم تقتصر الدولة على استلاب عقول وفكر المواطنين ومقوماتهم الثقافية ومنظومتهم القيمية وأراضيهم، بل دفعت أغلبيتهم إلى تقديس الانتماء للعرق العربي المنحدر من شبه الجزيرة العربية، ولعل ذلك ما يفسر سعي عدد من المغاربة من أوساط متنوعة وعبر فترات مختلفة وراء أصل ونسب عربي غير أصلهم ونسبهم، ولو بتوسل التزوير، إذ عمد العديد منهم إلى تغيير أصولهم وشراء شجرة أنساب مزورة بعيدة عن نسبهم الحقيقي، ليرتبطوا بابنة الرسول(ص) «فاطمة» (ض)، مع العلم أن العرب والمسلمين لا ينتسبون إلى أمهاتهم، لأن المرأة في أعرافهم وقوانينهم تدفن حية أو تحجب عن الأنظار، فكيف بالأحرى أن ينتسب لها أبناؤهم، ماداموا أصلا وبصريح العبارة ليسوا مجتمعا أميسيا كالأمازيغ، بل مجتمع أبيسي يقدس الرجل، والغريب أكثر أنهم في انتسابهم إلى فاطمة الفهرية (ض) أصبحوا بقدرة قادر أميسيين، وهي غرابة تنجلي إذا علمنا أن الغرض من كل ذلك التزوير وتجاوز الأعراف والتقاليد، هو الوصول إلى منافع شخصية ومناصب مرموقة وسلطة أزلية، نظرا للحظوة التي يحصل عليها لدى السلطة من ينتهي نسبهم بعائلات في شبه الجزيرة العربية، مما يؤكد أن كل ثقافة هؤلاء تتمحور حول الانتفاع الدنيوي المادي لا ما يخدعون به البسطاء.
إن التاريخ يحدثنا بسوء عن الغزوات التي قام بها العرب إلى شمال إفريقيا للاستيلاء على الخيرات ونهب الثروات وسبي النساء، ولعل الذهنية الوهابية لدى هؤلاء لم تتغير كثيرا رغم مرور كل هذه القرون، لذا فهم بعيدون عن أن نقول عنهم أن تاريخهم يعيد نفسه ما دام لم يتغير، لكن الغريب أن عقيدة الغزو والنهب والسبي تعود بشكل كاريكاتوري إلى أقصى حد في القرن الواحد والعشرين، وكما كان الغزاة الأولون يستهدفون الشريط الساحلي لشمال إفريقيا وأوروبا ومناطق الثروات والجمال الطبيعي والبشري في جزئه الأنثوي، فإن الغزاة الآخرون ممثلون في «داعش» ومن على شاكلتهم من داعميهم والمتعاطفين معهم من المتحينين لسبل القوة بسبب ضعفهم، لا يكتفون من الدولة الإسلامية بالحلم وتزوير تاريخ المسلمين فقط والترويج لتقديس العرب والعربية، بل هم يعملون من أجلها على مدى عقود حالمين بيوم يغزون فيه الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب أوروبا.. يوم يقضون فيه على الأكراد والأمازيغ والأوروبيين وكل القوميات والأديان الأخرى… يوم لا يبقى على وجه تلك الرقعة الجغرافية الواسعة إلا العرب الوهابيين.. ولا لغة إلا العربية.. ولا دين إلا الإسلام المتشدد.. ولا قانون إلا قوانين الرجم وقطع الأيادي وقطع الرؤوس… ولا مكان للمرأة إلا في معادلة الزوجات الأربع وملك اليمين.
وقد قال الحكيم الأمازيغي:
ⵜⵓⵣⵣⴰⵍⵜ ⵙ ⵉⵜⵜⵓⵖⵔⵙ ⵓⴳⵍⵍⵉⵏ
ⵓⵔ ⵜⵣⴳⴳⵓ ⵣⵖ ⵉⴷⴰⵎⵏ ⴰⵔ ⵉⴷⵙ ⵉⵜⵜⵓⵖⵔⵙ ⵓⵏⵥⴹⴰⵎ
Tuzzalt s ittuvrs ugllin
Ur tzggu zv idamn ar ids ittuvrs unzdam