تلقينا بإرتياح كبير الرسالة التي وجهها الملك محمد السادس إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول موضوع «السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية» يوم الثلاثاء 08 دجنبر بالرباط، ومرد ارتياحنا هو تناول الرسالة الملكية لموضوع الأراضي الجماعية الذي لطالما شغل بال العديد من الفاعلين والنشطاء المغاربة وفي مقدمتهم الأمازيغ اللذين ظلت إطاراتهم لسنوات تصدر بيانات وتنظم ندوات واحتجاجات من أجل معالجة قضية الأراضي الجماعية، التي ظلت قطاعات عريضة من المواطنين تعاني من الاختلالات المستحكمة فيها سواء تعلق الأمر بالفراغ التشريعي اوقصور عدد من القوانين على معالجتها مما سمح باستغلال ما يعرفه النشطاء الأمازيغ بمافيا العقار لذلك القصور وتلك الاختلالات للترامي على أراضي في ملكية القبائل الأمازيغية منذ قرون.
إن مأساة الأراضي الجماعية تعود بالدرجة الأولى إلى كون بعض القوانين ذات العلاقة بالعقار في المغرب متقادمة جدا بل إن عددا منها يعود للفترة الاستعمارية، إلى جانب الضرر الكبير الذي ألحقته سياسة التعريب بالجماعات السلالية الأمازيغية التي اعتادت لقرون من الزمن تدبير أراضيها بناء على الأعراف الأمازيغية، قبل أن تجد نفسها في مواجهة منظومة تشريعية تجمع بين مخلفات القوانين الاستعمارية المعيبة والتشريعات التي صيغت في مغرب الاستقلال وتجاهلت بشكل كلي الأعراف الأمازيغية.
كثير من المواطنات والمواطنين الأمازيغ عبر عقود من الزمن سجنوا وفقدوا أراضيهم، ولا زال الكثير منهم يصول جيئة وذهابا بين مكاتب المحامين وقاعات الجلسات بمختلف محاكم البلاد، وعبر عقود من مسارنا النضالي استمعنا لقصص مؤلمة ومأساوية من أفواه مواطنين كانوا ضحايا لما يسمونه بمافيا العقار، هذه الأخيرة التي تستغل القانون الناقص لتترامى على أراضي بالهكتارات، وعلاقة بهذه النقطة فربما معالجة قضية الأراضي الجماعية بشكل نهائي تفرض كذلك بالتزامن مع معالجة الجانب التشريعي، فتح تحقيق في آلاف القضايا التي مرت وتلك التي لا زالت امام مختلف محاكم البلاد، ليس لعقاب فلان أوعلان وإنما لإعادة إنصاف الضحايا وإرجاع الحق لذويه، ووضع حد لأولئك الذين يراكمون الثروات على حساب البلد وشعبه.
الملك محمد السادس تناول في رسالته السالفة الذكر الجانب التشريعي الذي اعتبر أنه يشكل أحد أهم التحديات، التي يتعين رفعها لتأهيل قطاع العقار الذي يعتبر عامل إنتاج استراتيجي، ودعا للانكباب على مراجعة وتحديث الترسانة القانونية المؤطرة للعقار، بشقيه العمومي والخاص، والانكباب على إصلاح نظام الأراضي الجماعية، التي ثمن فتح حوار وطني بشأنها، ودعا لاستثمار وترصيد نتائج هذا الحوار ومخرجاته الأساسية، لتأهيل أراضي الجماعات السلالية، لتساهم بنصيبها في النهوض بالتنمية، وجعلها آلية لإدماج ذوي الحقوق في هذه الدينامية الوطنية، وذلك في إطار مبادئ الحق والإنصاف والعدالة الاجتماعية، بعيدا عن كل الاعتبارات المتجاوزة.
مضمون الرسالة الملكية وضع الأصبع على الداء وكشف عن المدخل لطي ملف قضية الأراضي الجماعية، وهو معالجة الخلل المستحكم في الجانب التشريعي والقانوني وذلك لتعزيز الأمن العقاري وهو ما من شأنه أن يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني كله، ويحقق العدالة والإنصاف لذوي الحقوق ويصون لهم حقهم.
إننا نتمنى أن يجد مضمون الرسالة الملكية طريقه للتنفيذ في القريب العاجل من أجل إعادة الاعتبار والحق لآلاف المواطنين الذين فقدوا أراضيهم أو سجنوا جراء الدفاع عنها أو سخطا على فقدانها، وهي الرسالة التي يلزم أن يستند إليها كافة الفاعلين ذوي العلاقة بالقضية من أجل تفويت الفرصة على من ظلوا لعقود يستفيدون من الفراغ التشريعي لمراكمة الثروات على حساب مصلحة المواطن واقتصاد الوطن.
وقديما قال الحكيم الامازيغي:
ⵇⵏ ⴰⴳⵯⵎⴰ ⵜⴰⵢⵓⴳⴰ ⵏⵏⴽ, ⴰⴽⵯⵏ ⵢⴰⴽⵯⵉ ⵍⴰⵥ
ⵉⵖ ⵉⴳⴰ ⴳⵎⴰⴽ ⴰⵎⵓⴽ, ⵉⵖⵔⴰⴽ ⵙ ⵢⴰⵜ ⵜⵉⵔⵎⵜ
Qn agma tayuga nnk, akwn yaki laz
Iv iga gmak amuk, ivrak s yat tirmt
صرخة العدد 180 / دجنبر – جريدة العالم الأمازيغي