أطراف وكيانات كثيرة تبذل كل جهدها من أجل الحيلولة بين الأمازيغ ودور الفاعل، وتحرص بكل الوسائل على أن يلعب الأمازيغ أدوارا مفصلة لهم على المقاس من قبل غيرهم، وهناك عبر التاريخ من يبذلون قصارى جهدهم لإغلاق كل الأبواب أمام الفعل الأمازيغي، ساعين لجعل الأمازيغ مفعولا بهم في معارك وحروب غيرهم.
الفصيل الطلابي لما يسمى بجبهة البوليساريو أقدم بالتنسيق مع فصيل يتبنى العنف مثله ويسمى بالنهج الديمقراطي القاعدي على اغتيال المناضل في الحركة الثقافية الأمازيغية بجامعة القاضي عياض بمراكش عمر خالق «إزم»، ليجد الأمازيغ مرة أخرى أنفسهم وسط كيانات تتصارع فيما بينها و في نفس الوقت تستهدفهم و تحاول توظيفهم أو فرض ما تريده بالقوة والتواطئ عليهم، فأذيال البوليساريو ومن يدور في فلكهم من قاعديين وغيرهم يريدون أن تكون الجامعة لهم لا لغيرهم، وزعيم جبهة البوليساريو يريد أن يسود بقوميته العربية على الصحراء الامازيغية دونا عن الأمازيغ، والحكومة المغربية تتفاوض مع البوليساريو وتغض الطرف عن فصيلهم الطلابي الذي يبتز الدولة و يستفيد من منح وامتيازات دونا عن الطلبة المغاربة الأمازيغ، وأكثر من ذلك فان هده الدولة تقمع الأمازيغ وتحرمهم من حقوقهم وضمنها حتى تلك التي وردت بشأنها فصول واضحة في الدستور الحالي.
ليست سابقة أن تكون ثمة مناورات دنيئة من قبل كيانات سياسية مختلفة للزج بالامازيغ في امور لا تعنيهم، فبالأمس القريب جرت محاولات كثيرة لتوظيف الأمازيغ في حروب غيرهم ضد السلفيين…، ومن تفتق ذهنه عن مثل تلك الخطط الجهنمية ربما حاول استلهام التاريخ المغربي الحديث، حين كان حكام الاستقلال يطبقون في فترة الاستعمار قاعدة ضرب الكفار بالفجار، أي ضرب «الأمازيغ المقاومين» بالاستعمار، أما هم فيضعون رجلا مع هذا وأخرى مع ذاك، ليجدوا بعدها مكانا مريحا للتفاوض مع الاستعمار بدون أي تمثيلية للمقاومة المسلحة أو جيش التحرير، قبل أن يستفردوا بحكم مغرب الاستقلال ويقروا سياسات أحادية لضرب كل المقومات الأمازيغية، لا زلنا نعاني من ويلاتها إلى اليوم.
كنا نتمنى مع التعديلات الدستورية لسنة 2011 بالمغرب أن نرى تغييرات ولو طفيفة، تعطينا أمل في إمكانية القطع مع الماضي، ولكن للأسف كل المؤشرات تؤدي بنا إلى الاعتقاد أن البعض يريد أن يعيد المرحلة التي خدمتهم من التاريخ القريب، لكنهم يتناسوا أن التاريخ ربما قد يعيد نفسه ولكن بشكل ممسوخ جدا، وأن الأمازيغ لا يمكن أن يتم اصطيادهم دائما بنفس الوسائل البدائية التقليدية التي تم استعمالها في الماضي، وأن خيرهم وخير الأمازيغ يكمن في وضع حد للمقاربة الأمنية التي تنهجها الدولة فيما يتعلق بقضيتهم، وهي مقاربة تجعل رجل المخابرات والأمن يخطط لتوظيف مكونات شعب يقدر بعشرات الملايين في صراعات أفقية بينية، وذلك بدل مقاربة القضية الأمازيغية من زاوية حقوقية.
إن إقرار حقوق الإنسان واحترام مبادئ الديمقراطية وقيم الحرية من قبل الدولة سواء في سوس أو الأطلس أو الريف أو الجنوب الشرقي أو الصحراء، هو السبيل الوحيد للاستقرار والازدهار وتحقيق تطلعات الشعب والحفاظ على المصالح العليا للوطن، وما عدا ذلك فهو يعد لعبا صغيرا حين يكبر سيكون أول من يدفع ثمنه هم أولئك الذين يخططون له، فمن يزرع الرياح غالبا ما يحصد العاصفة.
ولأن في تاريخنا كوارث ومآسي وأخطاء كافية، فإننا نتمنى أن نرى دولتنا تقارب كل القضايا وفق المرجعية الدولية لحقوق الإنسان، ونتساءل في هذا الإطار عن سبب عدم تجاوبها اي الدولة إلى حدود اللحظة مع توصيات اللجنة الأممية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، هذه الأخيرة التي طالبت المغرب بإقرار حقوق الأمازيغ واحترام حقوق الإنسان في الصحراء، وينتابنا بعض الشك ارتباطا بتلك التوصيات التي صدرت السنة الماضية حين نرى أن كل ما تلاها هو إغتيال الشهيد الأمازيغي عمر خالق «إزم» من قبل فصيل طلابي مرتبط بما يسمى «البوليساريو»، في جامعة داخل دولة يفترض فيها أن توفر الأمن للمواطنين وتحفظ لهم ممتلكاتهم وحقهم في الحياة.
إنه لمن الأدهى والأمر عدم الاكتفاء بخرق حقوق الأمازيغ فقط، والسعي فوق ذلك لجعلهم حطب جهنم في حروب غيرهم، ويتبادر إلى أذهاننا عند مجرد التفكير في ذالك، تلك المبالغ التي تنفقها دولتنا على أجهزة الأمن والمخابرات والصناديق السوداء و التي تضعها رهن إشارتها، إذ حين نقوم بعملية حسابية لعدد تلك الأجهزة التي تعمل داخل البلاد وتتبع تحركات النشطاء الحقوقيين والمدنيين، فإننا حقا نتساءل..
نتساءل عن مدى صحة أن يكون ما حدث في مراكش فعلا طلابيا محضا، أم أن ثمة مسؤولين آخرين خاصة وأن الدولة إن لم تكن متواطئة فمن المستبعد أن لا يكون في علمها أن ثمة ميليشيات تستهدف الأمازيغ، ومع كل ما يمكن أن يترتب عن ذلك من مس باستقرار البلاد والمجتمع فإننا نتساءل مجددا عن السبب في عدم محاسبة الدولة لأي من المسؤولين الأمنيين أو غيرهم، عقب اغتيال عمر خالق «إزم»، وقبل أن نتلقى إجابات جاهزة، فإننا نشير إلى كوننا في دولة لديها مخابرات وأجهزة استعلامات، وفعل خطير من درجة اغتيال ناشط أمازيغي من قبل فصيل طلابي صحراوي انفصالي، أمر قد لا يغيب عن أعينها، وإذا كانت الدولة على علم مسبق بما حدث ولم تقم بأي شئ لمنعه فتلك مصيبة، وإذا لم تكن على علم مسبق فالمصيبة أعظم.. خاصة أننا في دولة تعمل بمنطق الأمن الوقائي والحرب المسبقة وتفكك الخلايا الإرهابية المحترفة قبل أن تقدم على أي عمل إجرامي إرهابي، فكيف لا تفكك ميليشيات بضعة طلبة هواة وتابعين فوق ذلك لما يسمى «البوليساريو»..
قد يكون هناك ترتيب للأحداث لجعل الأمازيغ مفعولا بهم كما كان سعي العديدين دوما، وقد لا يكون، ولكن لا ننتظر أن يقر أحد أنه رتب لما حدث أو سعى لتوظيفه، تماما كما لا يمكن لزعيم جبهة البوليساريو أن يتبنى أمام الرأي العام الدولي ومنظمات العالم الحقوقية جريمة اغتيال حتى و لو قام بها أخوه أو أبوه، ولكننا نتساءل هل يتبنى نفس الموقف في الكواليس؟ وألا يقوم تماما بمثل ما تقوم به حكومتنا التي تجهر بأنها لا تعادي الأمازيغ أو الأمازيغية، ولكنها عمليا تقوم بكل ما هو ضد الأمازيغية والأمازيغ..؟
و قديما قال الحكيم الامازيغي:
ⵉⵏⵉ ⵉⵢⵉ ⴽⴰ ⵎⴰⵏⵉ ⴽⴽⴰⵏ ⵉⵎⵎⴰ
ⵙⵏⵖ ⵎⴰⵏⵡⴰ ⵉⴷⴼⴰⵔⵏ ⵡⴰⵢⵢⴰⴷ
Ini iyi ka mani kkan imma
snegh manwa idfarn wayyad
صرخة العدد 182 / فبراير – جريدة العالم الأمازيغي