لم يخطئ «عباقرة» آل سعود بالمملكة العربية السعودية حين نظموا لقاءا حول موضوع شائك مرتبط بسؤال وجودي، هو «هل المرأة إنسان؟»، ويا له من سؤال جريء يقتضي التفكير مليا قبل الإجابة عنه خاصة إن غيرنا زاوية نظرنا إليه. ذلك أنه ونحن نحتفل بعيد المرأة الذي يصادف الثامن من شهر مارس، حيث يكثر الحديث عن المرأة والتنويه بعمل المرأة وما أنجز لصالح المرأة…، وكأن هذه المرأة ليست كائنا بشريا، بل شيئا يغيب طوال أيام السنة ولا يحضر إلا مناسباتيا، لكي يحتفى به في عيد كباقي الأعياد، كعيد الفطر وعيد الأضحى… حيث تكثر التهاني المصطنعة.
إنه من العيب والعار أن لا تزال المرأة في المغرب وهي سليلة تيهيا وتينهينان وكنزة الأوربية وزينب النفزاوية وعدجو موح … لا تزال تعيش الذل والحكرة جراء القوانين المجحفة في حقها بالرغم من دستور 2011، هذا الأخير الذي نص في أكثر من بند على المساواة بين المواطنين برجالهم ونسائهم، بما في ذلك الفصل 19 الذي ينص على إنشاء هيئة المناصفة واحترام مقاربة النوع في التعيينات وتولي المسؤوليات، لكن كل ذلك ظل بدون جدوى في الوقت الذي تعرقل فيه «الحكومة الملتحية» كل تلك القوانين لأنها لا تتلاءم ولا تنسجم مع مرجعياتها الإقصائية، وفي هذا الإطار رأينا كيف أن وزيرة التضامن تعرقل عمل جمعيات الحركة النسائية، ووزير العدل يعرقل تجريم العنف ضد المرأة، أما وزير الاتصال فإلى حدود الآن لم يحاول أن يغير تلك الصورة النمطية للمرأة في الإعلام، ولكي نكتشف ما تحقق في ولاية الحكومة الحالية لصالح المرأة تكفينا مقارنة وضعها حاليا بواقعها قبل خمس سنوات.
وكل ذلك ليس بغريب عن حكومة لا يؤمن رئيسها أصلا بعمل المرأة، ولا زال يعتبرها ديكورا تزين به البيوت، وكم من مرة أهان رئيس الحكومة المرأة واستصغرها ولم يخفي توجهاته المخالفة لحقوقها بما في ذلك ما جاءت به التعديلات الدستورية لسنة 2011.
وعلى الرغم من ذلك كله، فاللوم الأكبر من وجهة نظرنا يقع على عاتق المرأة الخاضعة، الخنوعة والقنوعة، نفسها، وإلا فلماذا تتفاوض النساء على الكوطا والمناصفة والمساواة، ما دامت هذه المصطلحات لا تزيد المرأة إلا إذلالا ودونية، ذلك لأن المرأة بكفاءتها تستطيع أن تماثل بل أن تتجاوز الرجل، ولما لا، ما دامت ثمة إحصائيات تدل على أن الفتاة تتفوق على الفتى في التحصيل الدراسي بجميع مستوياته.
لقد حان الوقت الذي لا مناص فيه من أن يعتمد في التعيينات وتولي المناصب على معيار الكفاءة لدى المرأة، لأنها حتما قد تكون أكثر تواجدا من الرجل، وهذا الأمر لا يجب أن يستبعد من الحسبان، وعلى النساء أن يتطلعن لما هو أكثر من المساواة مع الرجل، وينظرن للمساواة كحد أدنى من حقوقهن وأما طموحهن المشروع فلا يجب أن يسيج ويقنن خاصة من قبلهن.
ولعل أقرب مثال إلينا لابد من استحضاره عند الحديث عن كفاءة المرأة وقدرتها على قيادة سفن الحياة، هو النساء الكرديات اللواتي فرضن أنفسهن محليا، إقليميا وعالميا، وغيرن نظرة العالم لهن، إنهن استطعن أن يشكلن قوة سياسية وعسكرية أرهبت إرهابيي الدواعش وكل من ينهل من مرجعياتهم ويقاسمهم إيديولوجيتهم، فهل يا ترى تستطيع المرأة المغربية الأمازيغية أن تنتفض ضد التداعش ليسود التعايش؟
وقديما قال الحكيم الأمازيغي:
! ⵓⵔ ⴷⴰⵙ ⵉⵜⵜⴰⵍⵙ ⵖⴰⵙ ⴳⴰⵔ ⵜⴰⵍⵍⵓⵏⵜ
! Ur das ittals ghas gar tallunt
صرخة العدد 183 / مارس – جريدة العالم الأمازيغي