على الرغم من كل ما قيل ويقال، عن كون انتشار الإسلام الوهابي يعزز التطرف والإرهاب، ويهدد مبادئ الديمقراطية وقيم التسامح، إلى ما غير ذلك من الكلام الذي ألفت ترديده الأصوات المرتفعة في بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط أو أوروبا وأمريكا الداعية للمزيد من الدمقرطة والليبرالية، ورغم الأموال والأرواح التي تذهب أدراج الرياح في إطار الحرب ضد الإرهاب.. إلا أن الحقيقة الساطعة سطوع الشمس هي عكس ما يروج له تماما، فالإسلام الوهابي ماض في التمدد وأصوات مناصريه الممزوجة بدوي عملياتهم الإرهابية، وقنابل حروبهم الجهادية، تسمع في الغرب كما في الشرق بقوة، وعلى غرار شمال إفريقيا والشرق الأوسط فأوروبا وأمريكا تسمح لهؤلاء بممارسة أنشطتهم واستقطاب العامة بكل حرية وتغض الطرف عن الأموال الهائلة لجمعيات تلبس قناع «الخير والاحسان» لتنشر بذور التطرف في كل رقعة من العالم.
وبالمقابل لا يجد الأمازيغ، وهم دعاة الديمقراطية وأنصار حقوق الإنسان، سامعا لهم في الداخل والخارج، اللهم باستثناء بضعة تقارير تصدرها، بشق الأنفس، منظمات حقوقية دولية تتضمن توصيات غير ملزمة لأحد، أما المنظمات الحقوقية في المغرب وشمال افريقيا فقد شربت حتى الثمالة من كأس القومية العربية العنصرية الممزوجة بأسوأ ما في الإشتراكية. أما الأنظمة الحاكمة في بلدان الأمازيغ فتتجاهل تماما حقوقهم، بل لا تريد حتى إدراجهم في إطار حفظ التوزان في مواجهة تيارات الإسلام الوهابي، التي تشرع أبواب الحكم الواسعة أمامها، رغم أن العقلاء والأغبياء يتفقون على أن تلك التيارات سواء أكانت معتدلة أو متطرفة، فهي في النهاية لا ديمقراطية.
لقد دقت الساعة التي نرثي فيها حالنا، فليث الربيع كان ديمقراطيا، وليث حلم المتفائلين تحقق، بدل أن يستيقظوا بعد خمس سنوات ليصبحوا على تراجع مهول وتام لخطاب «حقوق الإنسان والديمقراطية…» من جهة، وانتصار منطق المغالبة والقوة والعنف من جهة ثانية.. نحن الأمازيغ في خانة هؤلاء المتفائلين بعد أن قضينا السنوات الخمس الماضية نستهلك كل الوسائل السلمية لإيصال صوتنا والنضال من أجل حقوقنا التي تجد لها سندا قويا في دستور البلاد نفسه، ولكن لا أذان لمن تنادي، وكأن لا أحد يريد سماع أي صوت غير أصوات الإسلاميين حتى في أوروبا نفسها، إذ في فرنسا مثلا اتخذت وزيرة التربية وهي للأسف من أصل أمازيغي قرارا يقضي بتدريس اللغة العربية في مدارس البلاد على الرغم من كون الجالية المغاربية بهذا البلد من أصول أمازيغية ولغتها الأم هي الأمازيغية ورغم ترسيم المغرب والجزائر لتلك اللغة.
الأمازيغ الذين يناضلون بالوسائل السلمية يحسون باليأس يعتريهم شيئا فشيئا مع مرور السنوات وحالهم على ما هو عليه، خاصة وأن غيرهم يحققون بالعنف أقصى أهدافهم ويصولون ويجولون داخل الدول كما يريدون، بل يحظون بالنفوذ في دواليبها، وحين يطلون على شاشة قناة ما، يفخرون بمرجعيتهم التي لا تختلف عن مرجعية هؤلاء الذين يتباكى العالم بسبب جرائمهم البشعة في حق المدنيين وعملياتهم الإرهابية، دون أن يدعم هذا العالم أو يستمع للأصوات الحقوقية الحرة التي قد تشكل سدا منيعا في مواجهة هؤلاء، إنه صوت الأفعال المرتفعة أكثر من الأقوال برسائل مقلقة لنا جميعا.. رسائل مفادها أن ما لا يدرك بالوسائل السلمية من السهل إدراكه بالعنف.
إننا نخشى حقا من أن نصبح على يوم يواجه فيه الأمازيغ بعضهم البعض ويخوضون الجدل حول أقصر الطرق إلى روما وهم يستحضرون عقودا من النضال السلمي الذي لم يحقق أي نتيجة، إننا بصراحة قلقون من تنامي العنف أو تبنيه ما دامت مصائب الإسلام السياسي الوهابي المتطرف كافية أكثر من اللازم، وبالتأكيد فخشيتنا وقلقنا لا يكفيان لأن من يملكون السلطة السياسية هم المسؤولون اولا و اخيرا، فتجاوبهم مع الحركات السلمية لهو في صميم حفظ الإستقرار والأمن، ولا مبالاتهم أو عدم تجاوبهم مع هده الحركات يعتبر بمثابة تشجيع للتطرف وللعنف المضاد وزرع لبذوره.. ومن يزرع الرياح يحصد العاصفة طال الزمن أم قصر..
وقديما قال الحكيم الامازيغي:
ⵉⵣⵎ ⵉⵡⵉⵏ ⵜ ⵡⴰⵎⴰⵏ
ⵏⵜⵜⴰ ⴰⵔ ⵉⵜⵜⵉⵏⵉ ⵀⴰⵏⴽ ⵉⵡⵉⵖ ⴰⵎⴰⵏ
Izm iwin t waman
Ntta ar ittini Hank iwigh aman
صرخة العدد 186 / يونيو – جريدة العالم الأمازيغي